139
شرح دعاء أبي حمزة الثمالي

۰.سيّدي لَعَلَّكَ عَن بابِكَ طَرَدتَني«206 »وعَن خِدمَتِكَ نَحَّيتَني «207 »أو لَعَلَّكَ رَأَيتَني مُستَخِفّا بِحَقِّكَ فَأَقصَيتَني «208 » أو لَعَلَّكَ رَأَيتَني مُعرِضا عَنكَ فَقَلَيتَني «209 »أو لَعَلَّكَ وَجَدتَني في مَقامِ الكاذِبينَ فَرَفَضتَني «210 »أو لَعَلَّكَ رَأَيتَني غَيرَ شاكِرٍ لِنَعمائِكَ فَحَرَمتَني «211 » أو لَعَلَّكَ فَقَدتَني مِن مَجالِسِ العُلَماءِ فَخَذَلتَني «212 »أو لَعَلَّكَ رَأَيتَني فِي الغافِلينَ«213 »فَمِن رَحمَتِكَ آيَستَني «214 »أو لَعَلَّكَ رَأَيتَني آلِفَ مَجالِسِ البَطّالينَ فَبَيني وبَينَهُم خَلَّيتَني «215 » أو لَعَلَّكَ لَم تُحِبَّ أن تَسمَعَ دُعائي فَباعَدتَني «216 »أو لَعَلَّكَ بِجُرمي وجَريرَتي كافَيتَني «217 » أو لَعَلَّكَ بِقِلَّةِ حَيائي مِنكَ جازَيتَني «218 »

«لعلّك عن بابك طردتني» شرع ـ صلوات اللّه عليه ـ في بيان علل المحرومية ، وأوّلها أن يطرده اللّه تعالى عن بابه وتنحيته عن خدمته ، ويقطع عنه رحمته ويتركه ، ويحبس عنه نوره «وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللّه ُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ »۱ و «مَنْ يَهْدِ اللّه ُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ »۲«إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللّه َ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ » ، ۳ يعني أنّ هذه البليّة لعلّها نشأت من مشيئة اللّه تعالى بأن يطرده عن بابه ويقطع عنه فيضه ويأخذ منه فضله ونعمته ، ومن قطع اللّه تعالى عنه هدايته فهو في ضلال ، كما إذا أخذ عن إنسان نعمه المادّية كالصحّة والعافية والغنى والجاه والبصر والسمع و... .
نعم ، وعد اللّه سبحانه عباده بألّا يغيّر نعمة أنعمها على قومٍ حتّى يغيّروا ما بأنفسهم ، ولا يسلب عنهم هدايته ونوره وفضله إلّا أن يكفروا أو يزيغوا وينقضوا عهد اللّه تعالى ، قال تعالى : «ذلِكَ بِأَنَّ اللّه َ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ » ، ۴ وقال سبحانه : «إِنَّ اللّه َ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ » ، ۵ وقال تعالى : «لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأََزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ » ، ۶ وقال عزّ شأنه : «فَلَمّا زاغُوا أَزاغَاللّه ُ قُلُوبَهُمْ » ، ۷ وقال تعالى : «بَلْ طَبَعَ اللّه ُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاّ قَلِيلاً » ، ۸ وقال : «كَذلِكَ نَطْبَعُ عَلى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ » ، ۹ و «كَذلِكَ يَطْبَعُ اللّه ُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبّارٍ » ، ۱۰ و «كَذلِكَ يَطْبَعُ اللّه ُ عَلى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ » ، ۱۱ أي يصرّون على جهلهم باللّه وآياته ، والزيغ هو الميل عن الاستقامة قلبا أو عملاً.
ولا ينافي وعد اللّه سبحانه وتعالى أن يسأله تعالى ويستعيذ به في ألّا يقطع عنه الهداية والنعمة ؛ لأنّ اللّه سبحانه «مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ » ، ۱۲ وليست يد اللّه مغلولة ، بل يداه مبسوطتان.
فقوله عليه السلام : «ولعلّك عن بابك طردتني» اعتراف بقدرة اللّه تعالى وبسط يده ، وأنّه ليس لعطائه مانع ، ولا لقضائه دافع ، كما قال سبحانه في أهل الجنّة مع وعده لهم بالخلود فيها بقوله تعالى : هم فيها خالدون أبدا (في آيات كثيرة) : «وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالأَْرْضُ إِلاّ ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ » . ۱۳
«أو لعلّك رأيتني مستخفّا بحقّك فأقصيتني» الاستخفاف بحقّ اللّه تعالى يوجب استحقاق الإقصاء ، والاستخفاف من استخفّ الرجل بحقّي ؛ أي استهان به ، فالاستخفاف بحقّ اللّه تعالى ؛ أي عدّه مهيّنا وغير عظيم ، إمّا بالعصيان في الواجبات بالتهاون بها كمّا وكيفا واهتماما بوقتها وأجزائها وشرائطها وموانعها ، أو في المحرّمات فكذلك ، ولعلّ ذلك في أداء المستحبّات والمكروهات ، وسيأتي في هذا الدعاء : «إلهي لم أعصك حين عصيتك وأنا بربوبيّتك جاحد ، ولا بأمرك مستخفّ ، ولا لعقوبتك متعرّض ، ولا لوعيدك متهاون ، لكن خطيئة عرضت وسوّلت لي نفسي ، وغلبني هواي ، وأعانني عليها شقوتي».
فالعصيان على وجهين : إمّا تقع مع عدّه شيئا وأنّ عصيانه تعالى ليس بشيء ، كمن ترك النوافل متهاونا وترك الجماعة متهاونا . وإمّا تقع مع عدّه عظيما وثقيلاً بسبب غلبة شهوة أو عروض غفلة ، فالأوّل استخفاف دون الثاني .
ويحتمل أن يكون المراد مطلق العصيان ، فإنّ من اهتمّ بشيء وعظّم شيئا لا يسهو ولا يغفل ولا ينسى تحفّظا واحتياطا ، بل لا ينام على حسب مراتب الاهتمام بأوامر اللّه ونواهيه وعلى حسب معرفته باللّه تعالى . ويحتمل أن يكون المراد المعنى الجامع ، ويتفاوت ذلك حسب الأشخاص و مراتب المعرفة .
وعلى كلّ حالّ ، فمن استهان بحقّ اللّه تعالى يستحقّ الإقصاء ، فلو تفضّل بكرمه فلم يطرده ولم يقصه ، بل تاب عليه فتاب فقرّبه وأدناه ، فهو المرجوّ منه تعالى ، كما في قصّة آدم عليه السلام : «فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوّابُ الرَّحِيمُ » . ۱۴
ويؤيّد الاحتمال الأوّل حديث مسعدة ، قال : «سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام وسُئل : ما بال الزاني لا تُسميّه كافرا ، وتارك الصلاة قد سمّيته كافرا؟ وما الحجّة في ذلك؟ فقال : لأنّ الزاني وما أشبهه إنّما يفعل ذلك لمكان الشهوة فإنّها تغلبه ، وتارك الصلاة لا يتركها إلاّ استخفافا بها ، وذلك لأنّك لا تجد الزاني يأتي المرأة إلّا وهو مستلذّ لإتيانه إيّاها قاصدا إليها ، وكلّ من ترك الصلاة قاصدا إليها فليس يكون قصده ، لتركها اللذّة ، فإذا نفيت اللذة وقع الاستخفاف ، وإذا وقع الاستخفاف وقع الكفر» . ۱۵
قال : وسئل أبو عبد اللّه عليه السلام وقيل له : «ما الفرق بين من نظر إلى امرأة فزنى بها أو خمر فشربها ، وبين من ترك الصلاة حتّى لا يكون الزاني وشارب الخمر مستخفّا ، كما يستخفّ تارك الصلاة ؟ وما الحجّة في ذلك؟ وما العلّة الّتي تفرُق بينهما؟ قال : الحجّة أنّ كلّ ما أدخلت أنت نفسك فيه لم يدعك إليه داع ولم يغلبك غالب شهوة ، مثل الزنا وشرب الخمر ، وأنت دعوت نفسك إلى ترك الصلاة وليس ثمّ شهوة ، فهو الاستخفاف بعينه ، وهذا فرق ما بينهما» . ۱۶
«أو لعلّك رأيتني معرضا عنك فقليتني» أعرض أي ولّى يقال : أعرض عنّي ؛ فمعناه ولّى مبديا عرضه ؛ أي جانبه ، فإذا قيل : أعرض لي كذا ؛ أي بدا عرضه فأمكن تناوله ، وإذا قيل أعرَضَ عنّي ؛ فمعناه ولّى مبديا عرضه ، قال تعالى : «وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى * قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى » . ۱۷
«قلى» أي كرهه وأبغضه غاية الكراهة والبغض.
الإعراض عن اللّه تعالى ، كما في القرآن الكريم : «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها » ، ۱۸
وقال : «مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ ـ أي الذكر وهو القرآن ـ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً » ، ۱۹ عبارة عن أن يسمع كلام اللّه ، ثم يولّى كأن لم يسمعها ، وقد استعمل في القرآن الكريم كلمتي «أعرض» ومشتقّاتها وولّى ومشتقّاتها كثيرا ، والمراد ظاهرا عدم القبول وعدم الإيمان أو عدم الإصغاء والائتمار كما لا يخفى.
قال الراغب في «ولّى» : وإذا عدي بعن لفظا أو تقديرا اقتضى معنى الإعراض وترك قربه... والتولّي قد يكون بالجسم وقد يكون بترك الإصغاء والائتمار ، قال اللّه عزّ وجلّ : «وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ » ، ۲۰ أي لا تفعلوا ما فعل الموصوفون بقوله : «وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً »۲۱ . ۲۲
ولعلّ هذا أشدّ من الاستخفاف ، ولذلك استحقّ القلا دون الإقصاء ، ويحتمل العكس ، قال الأُستاذ العلّامة في تفسيره القيم الميزان في تفسير الآية : «وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي »۲۳ ما ملخّصه : «إنّ العيش : الحياة المختصّة بالحيوان ، وهو أخصّ من الحياة ؛ لأنّ الحياة يقال في الحيوان وفي الباري تعالى وفي الملك ، ويشتقّ منه المعيشة لما يتعيّش منه ، وقال تعالى : «نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا » ، ۲۴ الضنك : هو الضيق من كلّ شيء : وقوله : «وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي »۲۵ يقابل قوله في الآية السابقة : «فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ » ، ۲۶ وكان مقتضى المقابلة أن يقال : ومن لم يتبع هداي ، وإنّما عدل عنه إلى ذكر الإعراض عن الذكر ، يسير إلى علّة الحكم ؛ لأنّ نسيانه تعالى والإعراض عن ذكره هو السبب لضنك العيش والعمى يوم القيامة . والمراد من الذكر إمّا المعنى المصدري أو القرآن أو الكتب السماوية ، وذلك أنّ من نسي ربّه وانقطع عن ذكره لم يبق له إلاّ التعلّق بالدنيا ويجعلها المطلوب الوحيد الذي يهتمّ به ، والمعيشة الّتي أوتيها لا تسعه ، فهو دائما في ضيق وحنق ، ولو أنّه عرف ربّه وذكره وعلم أنّ له حياة دائمة بعد ذلك في تمام العزّ والفرح ، قنعت نفسه بما قدر له» . ۲۷
«أو لعلّك وجدتني في مقام الكاذبين فرفضتني» قال الراغب : «الصدق والكذب أصلهما في القول ماضيا كان أو مستقبلاً ، وعدا كان أو غيره ، ولا يكونان بالقصد الأوّل إلّا في القول ، ولا يكونان في القول إلّا في الخبر دون غيره من أصناف الكلام» . ۲۸
والذي أظنّ أنّ الأوّل في كلامه غلط ، والمراد أنّ الصدق والكذب حسب قصد القائل لا يكون إلاّ في القول ، ولا يكون في القول إلّا في الخبر ، وقد يكون بالعرض في غيره من أنواع الكلام كالاستفهام والأمر والدعاء ، وذلك نحو قول القائل : أزيدٌ في الدار؟ فإنّ في ضمنه إخبارا بكونه جاهلاً بحال زيد... .
«وجدتني في مقام الكاذبين» أي في إسناد شيء إليه تعالى ، كمن أسند إليه شريكا أو ولدا أو كذبوا في ادّعاء الإيمان أو المحبّة أو الطاعة أو الإخلاص ، وقد كثر تكرار هذه الكلمة في القرآن الكريم في كذب الكفّار والمنافقين على اللّه تعالى ، فالكذب والصدق يكونان في القول والفعل كما في القرآن الكريم.
في شرح الصحيفة : «الصدق في اللغة : مطابقة الحكم للواقع ، وقد يراد به مطلق الجودة ، والصدق في اصطلاح أهل الحقيقة : قول الحقّ في مواطن الهلاك» . ۲۹
«فرفضتني» من رفضه رفضا أي تركه ورماه وجانبه فهو رافض . قال : وجدتني في مقام الكاذبين ولم يقل وجدتني من الكاذبين ، والمقام يكون مصدرا واسم مكان القيام وزمانه ، نحو : «انَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وَتَذْكِيرِي » ، ۳۰«ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَخافَ وَعِيدِ » ، ۳۱«وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ »۳۲ ، ۳۳ و«هذا مقام من تداولته أيدي الذنوب» ، ۳۴ «هذا مقام العائذ بك» ، ۳۵ «هذا مقام من استحيا» ، ۳۶ «لم تقم مقام فضيحة في دنياك» . ۳۷
قال عليه السلام : «وجدتني في مقام الكاذبين» ولم يقل : وجدتني كاذبا.
«أو رأيتني غير شاكرٍ لنعمائك فحرمتني» ترك الشكر يوجب الحرمان قال سبحانه وتعالى : «وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأََزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ » ، ۳۸«اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ » ، ۳۹«إِنّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمّا شاكِراً وَإِمّا كَفُوراً » . ۴۰
قال الراغب : «الشكر : تصوّر النعمة وإظهارها ، قيل : وهو مقلوب عن الكشر ، أي الكشف ، ويضادّه الكفر ، وهو نسيان النعمة وسترها... والشكر ثلاثة أضرب : شكر القلب وهو تصوّر النعمة ، وشكر اللّسان وهو الثناء على المنعم ، وشكر سائر الجوارح وهو مكافأة النعمة بقدر استحقاقه» . ۴۱
وعد سبحانه وتعالى للشاكر أن يزيده نعمة ، وأوعد الكافر بقوله : «إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ » ، ۴۲ وقال تعالى : «ذلِكَ بِأَنَّ اللّه َ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ » ، ۴۳ وقال عزّ شأنه : «إِنَّ اللّه َ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ »۴۴ أوعدهم على تغيّر النعمة أو سلبها .
«لنعمائك» جمع النعمة ، وهي الحالة الحسنة ، وبناء النعمة بناء الحالة الّتي يكون عليها الإنسان ، والنعمة الضيّقة والمنة وما أنعم به عليك من رزق ومال .
عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهماالسلام يقول : «التحدّث بنعم اللّه شكر ، وترك ذلك كفر ، فارتبطوا نعم ربكّم بالشكر» . ۴۵
ونعم اللّه تعالى لا تحصى ، قال تعالى : «وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللّه ِ لا تُحْصُوها » . ۴۶
وكان من دعائه عليه السلام : «بل أقول : مقال العبد الذليل الظالم لنفسه المستخفّ بحرمة ربّه» . ۴۷ استخفّ بحقّه ، واستهان به كأنّه عدّه خفيفا فلم يعبأ به.
الحرمة بالضمّ : ما وجب القيام به وحرم التفريط فيه ، ولم تحلّ انتهاكه ، وجميع التكاليف وأحكام اللّه تعالى بهذه الصفة ، والاستخفاف بها عدم مراعاتها والقيام بها وترك العمل بموجبها . ۴۸ وفي الدعاء : «قد أوقفت نفسي موقف المستخفّين بوعدك» ، ۴۹ «ليس منّي من استخفّ بصلات» . ۵۰
ونعمه تعالى ظاهرة باطنة ، قال تعالى : «وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً » ، ۵۱ عن أبي هاشم الجعفري قال : «أصابني ضيقة شديدة ، فصرت إلى أبي الحسن علي بن محمّد عليهماالسلام فأذن لي ، فلمّا جلست قال : يا أبا هاشم ، أيّ نعم اللّه عزّ وجلّ عليك تريد أن تؤدّي شكرها؟ قال أبو هاشم : فوجمت ۵۲ فلم أدر ما أقول له ، فابتدأ عليه السلام فقال : رزقك الإيمان فحرم به بدنك على النار ، ورزقك العافية فأعانتك على الطاعة ، ورزقك القنوع فصانك عن التبذّل ، ياأبا هاشم ، إنّما ابتدأتك بهذا لأنيّ ظننت أنّك تريد أن تشكو إليّ من فعل بك هذا ، وقد أمرت لك بمئة دينار فخذها». ۵۳
ونحوه عن الصادق عليه السلام ... «خبّرني ، لو أُعطيت بالبراءة منّا مئة دينار ، كنت تأخذ؟ قال : لا ، إلى أن ذكر عليه السلام ألوف دنانير ، والرجل يحلف أنّه لا يفعل ، فقال عليه السلام : من معه سلعة يُعطي بها هذا المال لا يبيعها هو فقيرٌ» . ۵۴
ومن لم يشكر نعماء اللّه تعالى لعلّ يحرم النعماء المعنوية ، كالإقبال إلى العبادة وحلاوتها ولذائذها.
أسرع الذنوب عقوبةً كفران النعمة ، عن الرضا عليه السلام ، عن آبائه عليهم السلام ، عن أمير المؤمنين عليه السلام ، عن النبي صلى الله عليه و آله : «يُؤتى بعبد يوم القيامة فيُوقف بين يدي اللّه عزّ وجلّ فيُأمر به إلى النار ، فيقول : أي ربّ ، أمرت بي إلى النار وقد قرأت القرآن! فيقول اللّه : أي عبدي إنّي أنعمت عليك ولم تشكر نعمتي ، فيقول : أي ربّ ، أنعمت عليّ بكذا فشكرتك بكذا ، وأنعمت عليّ بكذا فشكرتك بكذا ، فلا يزال يحصى النعم ويعدّد الشكر ، فيقول اللّه تعالى : صدقت عبدي ، إلّا أنّك لم تشكر من أجريت لك نعمتي على يديه ، وأنّي قد آليت على نفسي ألّا أقبل شكر عبد لنعمة أنعمتها عليه حتّى يشكر من ساقها من خلقي إليه» . ۵۵
«أو لعلّك فقدتني من مجالس العلماء فخذلتني». فيه إشارة إلى أهمّية العلم وعظمة العلماء ، وأهمّية الحضور في مجالسهم ، فكأنّ من ترك الحضور فقد ارتكب عملاً يستحقّ الخذلان ، والخذلان ترك من يظنّ به أن ينصر نصرته.
وهل ذلك كناية عن ترك تعلّم الدين من التوحيد والنبوّة والإمامة والمعارف والأحكام من الواجبات والمحرّمات والحقوق والأخلاق ، فمن ترك تعلّمها استوجب الخذلان من اللّه تعالى ؛ لوجوب التعلّم وجوبا طريقيا غيريا أو وجوبا نفسيا؟
أوليست كناية ، بل ترك حضور العلماء يوجب ذلك . وبناءً على هذا ، فهل المراد من العلماء الأئمّة عليهم السلام ، كما في الحديث «نحن العلماء» ؛ أو الأعمّ منهم عليهم السلام ومن فقهاء شيعتهم (رضوان اللّه عليهم)؟ وعلى الأوّل ، فهل المراد من الحضور هو المودّة الواجبة ، وتركها هو ترك المودّة ؟ أو الأعمّ من ذلك ؟
وهل الخذلان أثر وضعي لعدم الحضور في مجالس العلماء ، يترتّب عليه ، سواء كان عن عمد أم نسيان وسهو ، أم عقوبة مترتّبة على ترك الواجب اختيارا؟
ولا يخفى على المتدبّر ما في مجالسة العلماء والصلحاء من المنافع والفوائد ، رزقنا اللّه ذلك أبدا ، وقد تحصل تلك الآثار بالرجوع إلى تزاحمهم ومعرفة أحوالهم ؛ لأنّ العلماء هم ورثة الأنبياء عليهم السلام وهم دعاة اللّه تعالى في أرضه ، وهم المثل العالي للإنسان الكامل.
في الحديث : «مجالسة أهل الدين شرف الدنيا والآخرة» ۵۶ و«من جلس مجلسا يحيى فيه أمرنا ، لم يمت قلبه يوم تموت القلوب» ۵۷ و«طوبى لمن... جالس أهل الفقه والرحمة» ۵۸ و «فأمّا مروءة الحضر فقراءة القرآن ، ومجالسة العلماء ، والنظر في الفقه ، والمحافظة على الصلوات في الجماعات» ۵۹ و«الفقهاء قادة ، والجلوس إليهم عبادة» ۶۰ و«الفقهاء سادة ، ومجالستهم زيادة» ۶۱ و«يا أبا ذرّ ، الجلوس ساعة عند مذاكرة العلم ، أحبّ إلى اللّه من قيام ألف ليلة يصلّي في كلّ ليلة ألف ركعة...» ۶۲ «جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك ، فإنّ اللّه عزّ وجلّ يحيي القلوب بنور الحكمة ، كما يحيي الأرض بوابل السماء» ۶۳ «جالس العلماء يزدد علمك ويحسن أدبك وتزكو نفسك» ۶۴ و«جالس العلماء يكمل عقلك وتشرف نفسك وينتف عنك جهلك» ۶۵ و«لا تجلسوا إلّا عند كلّ عالم يدعوكم من خمس إلى خمس ، من الشكّ إلى اليقين ، ومن الرياء إلى الإخلاص ، ومن الرغبة إلى الرهبة ، ومن الكبر إلى التواضع ، ومن الغشّ إلى النصيحة» . ۶۶
«أو لعلّك رأيتني آلف مجالس البطّالين فبيني وبينهم خلّيّتني» .
«آلف» من ألف يألف ألفا : أنس به وأحبّه ، والاسم الأُلفة ، آلفه مؤالفة : أنسه وعاشره.
«البطّالين» من بطل يبطل بطولاً وبطلانا : فسد أو سقط حكمه وذهب ضياعا وخسرا ، وفي حديثه بطالة أي هزل ، والبطّال : المتعطّل وشرّ الفتيان.
«خلّيتني» من خلّى الشيء أي جعله فريدا وحيدا ، أي تركتني معهم ولم تجعل من أُلفتي معهم مانعا ورادعا.
هو أيضا سبب ـ لما يعرض العابد من النعاس والكسل عن العبادة ـ أن يألف الإنسان الإنسان البطّال فيعدو إليه البطالة أو يؤاخذه اللّه تعالى بهذه المؤالفة ، في الحديث : «خير الإخوان أقلّهم مصانعة في النصيحة» ۶۷ و«خير إخوانكم من أهدى إليكم عيوبكم» ۶۸ «اصحب من تتزيّن به ولا تصحب من يتزيّن بك» ، ۶۹ «اصحب من إذا صحبته زانك ، وإذا خدمته صانك ، وإذا أردت منه معونة أعانك ، وإذا قلت صدق قولك ، وإذا صُلت شدّ صولك ، وإن مددت يدك تفضل مدّها ، وإذا بدت عنك ثلمة سدّها ، وإن رأى منك حسنة عدّها ، وإن سألته أعطاك ، وإن سكّت عنه ابتدأك ، وإن نزلت بك أحدى الملمّات به ساءك» ، ۷۰ «خير إخوانك من دلّك على هدى ، وأكسبك تقى ، وصدّك عن اتّباع الهوى» . ۷۱
«أو لعلّك لم تحبّ أن تسمع دعائي فباعدتني ، أو لعلّك بجرمي وجريرتي كافيتني» أصل الجرم قطع الثمرة عن الشجر ، والجرامة رديء التمر المجروم ، أجرم صار ذا جرم ، واستُعير ذلك لكلّ اكتساب مكروه ، وقد استُعمل في القرآن الكريم : «لا تُسْئَلُونَ عَمّا أَجْرَمْنا »۷۲ و «سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا » ، ۷۳ والجُرم بالضمّ : الذنب ، وجَرم زيد : أذنب. الجريرة : الذنب والجناية .
«كافيتني» أي جازيتني ، من كافاه على ما كان منه مكافأة ، وكفاء جازاه ، وكافى فلانا : ماثله وساواه وصار نظيرا له . أي لعلّك جازيتني في سلب التوفيق وإلقاء النعاس بجرمي وجريرتي.
«أو لعلّك بقلّة حياتي جازيتني».

1.النور : ۴۰ .

2.الأعراف : ۱۷۸ .

3.القصص : ۵۶ .

4.الأنفال : ۵۳ .

5.الرعد : ۱۱ .

6.إبراهيم : ۷ .

7.الصف : ۵ .

8.النساء : ۱۵۵ .

9.يونس : ۷۴ .

10.غافر : ۳۵ .

11.الروم : ۵۹ .

12.آل عمران : ۲۶ .

13.هود : ۱۰۸ .

14.البقرة : ۳۸.

15.الكافي : ج ۲ ص ۲۸۶ ، قرب الإسناد : ص ۴۷ ح ۱۵۴ ، علل الشرائع : ج ۲ ص ۳۳۹ ، اُنظر : بحار الأنوار : ج ۶۶ ص ۶۶ .

16.الكافي : ج ۲ ص ۳۸۶ ، قرب الإسناد : ص ۴۷ ، اُنظر : بحار الأنوار : ج ۶۶ ص ۶۶ ، اُنظر : وسائل الشيعة : ج ۳ ص ۱۵ باب الاستخفاف بالصلاة : «لا تنال شفاعتنا من استخف بالصلاة» «ليس منّي من استخفّ بصلاته» ، و ج ۸ ص ۵۸۸ «من استخفّ بفقير مسلم فقد استخفّ بحقّ اللّه » «ومن استخفّ بمؤمنٍ فينا استخفّ وضيّع حرمة اللّه » وص ۴۶۸ «من استخفّ بمؤمنٍ ذي شيبة» وج ۱۱ ص ۲۶۱ (في عداد الكبائر) ، الاستخفاف بالحجّ ، وبحار الأنوار : ج ۷۲ ص ۲۲۶ باب الاستخفاف بالدين .

17.طه : ۱۲۴ ـ ۱۲۶ .

18.الكهف : ۵۷ .

19.طه : ۱۰۰ .

20.الأنفال : ۲۰ .

21.نوح : ۷ .

22.مفردات ألفاظ القرآن : ص ۵۳۴ .

23.طه : ۱۲۴ .

24.الزخرف : ۳۲ .

25.طه : ۱۲۴ .

26.طه : ۱۲۴ .

27.الميزان في تفسير القرآن : ج ۱۴ ص ۲۲۴ ـ ۲۲۵ .

28.مفردات ألفاظ القرآن : ص ۲۷۷ .

29.رياض السالكين : ج ۳ ص ۴۰۶ .

30.يونس : ۷۱ .

31.إبراهيم : ۱۴ .

32.الرحمن : ۴۶ .

33.مفردات ألفاظ القرآن : ص ۴۱۷ .

34.الصحيفة السجّادية : الدعاء ۳۱.

35.انظر : الإقبال : ج ۱ ص ۱۷۸ .

36.الصحيفة السجّادية : الدعاء ۳۲ .

37.المصدر السابق : الدعاء ۴۷ .

38.إبراهيم : ۷ .

39.سبأ : ۱۳ .

40.الإنسان : ۳ .

41.مفردات ألفاظ القرآن : ص ۲۶۵ .

42.إبراهيم : ۷ .

43.الأنفال : ۵۳ .

44.الرعد : ۱۱ .

45.بحار الأنوار : ج ۴۸ ص ۱۵۰ .

46.إبراهيم : ۳۴.

47.الصحيفة السجّادية : الدعاء ۱۲ ، وانظر : الكافي : ج ۶ ص ۴۰۰ ح ۱۹ ، تهذيب الأحكام : ج ۹ ص ۱۰۶ ، ح ۱۹۲ ، وص۱۰۷ ح ۱۹۹ ، وسائل الشيعة : ج ۴ ص ۲۳ ـ ۲۵ ح ۴۴۱۳ ، و ص ۲۴ ح ۴۴۱۵ و ح ۴۴۱۷ و ۴۴۱۹ و ۴۴۲۲ ، و ج ۲۵ ص ۳۲۸ ح ۳۲۰۳۵ ، ومستدرك الوسائل : ج ۳ ص ۲۵ ح ۲۹۳۵ ، وبحار الأنوار : ج ۸۴ ص۲۴۱ ، والكافي : ج ۳ ص ۲۷ ح ۱۵ ، وج ۶ ص ۴۰۱ (كلّها في الاستخفاف بالصلاة). والكافي : ج ۲ ص ۳۸۶ ح ۹ ، كتاب من لا يحضره الفقيه : ج ۱ ص ۲۰۶ ح ۶۱۶ ، ووسائل الشيعة : ج ۴ ص ۴۲ ح ۴۴۶۴ ، و ص ۴۱ ح ۴۴۶۳ ، و بحار الأنوار : ج ۶۹ ص ۶۶ ح ۱۵ و ۱۶ ، وج ۸۲ ص ۲۱۴ ح ۲۷ (حديث الفرق بين ترك الصلاة وارتكاب الزنا) . والكافي :ج۲ ص۶۵۸ ، وج۸ ص۱۰۲ ح۷۳ ، كتاب من لايحضره الفقيه :ج۴ ص۱۳ ح۱۱ ، ووسائل الشيعة : ج ۱۲ ص۹۸ ح۱۵۷۴۳ و ۲۶۶ و ح۱۶۲۶۹ (في الاستخفاف بالمؤمن) ، وكذا في وسائل الشيعة :ج۱۲ ص۲۶۸ ح ۱۶۲۷۵ وص۲۷۲ ح۱۶۲۸۶ ، وج۱۶ ص۲۸۲ ح۲۱۵۵۶ في الاستهانة بأهل الدين ، ومستدرك الوسائل :ج۹ ص۱۰۵ ح۱۰۳۶۱ ، وص۱۰۳ ح۱۰۳۵۱ و۱۰۳۵۲ ، وص۱۰۴ ح۱۰۳۵۴ ، وج۱۲ ص۳۰ ح۱۳۴۲۶ . وبحار الأنوار : ج ۷۲ ص ۳۷ و ۵۲ ، و ج ۷۴ ص ۲۸۶ ، و ج ۷۶ ص ۳۳۳ وغير ذلك من تحقير المؤمن والاستخفاف به .

48.رياض السالكين : ج ۲ ص ۴۸۶.

49.اُنظر : الصحيفة السجّادية : الدعاء ۵۳ .

50.كتاب من لا يحضره الفقيه : ج ۱ ص ۲۰۶ ح ۶۱۷ .

51.لقمان : ۲۰ .

52.وجم : أطرق وسكت عن الكلام .

53.الأمالي للصدوق : ص ۴۹۸ ح ۶۸۲ ، اُنظر : بحار الأنوار : ج ۵۰ ص ۱۲۹ .

54.الأمالي للصدوق : ص ۲۹۸ ح ۵۸۴ ، اُنظر : بحار الأنوار : ج ۶۴ ص ۱۴۷ .

55.الأمالي للصدوق : ص ۴۵۰ ح ۱۰۰۵ ، اُنظر : بحار الأنوار : ج ۷ ص ۲۲۳ .

56.الكافي : ج ۱ ص ۳۹ ، الأمالي للصدوق : ص ۱۱۶ ح ۱۰۰ ، تحف العقول : ص ۲۹۸ ، روضة الواعظين : ص ۵ ، مشكاة الأنوار : ص ۱۹۴ ، بحار الأنوار : ج ۱ ص ۱۵۵ .

57.عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج ۱ ص ۲۹۴ ح ۴۸ .

58.تفسير القمّي : ج ۲ ص ۷۰ .

59.الخصال : ص ۵۴ ح ۷۱ ، انظر : بحار الأنوار : ج ۱ ص ۲۰۰ .

60.الأمالي للصدوق : ص ۲۲۵ ح ۳۹۲ ، اُنظر : بحار الأنوار : ج ۱ ص ۲۰۱ .

61.الأمالي للصدوق : ص ۴۷۲ ح ۱۰۳۲ ، اُنظر : بحار الأنوار : ج ۱ ص ۲۰۱ .

62.جامع الأخبار : ص ۱۰۹ ح ۱۹۵ ، انظر : بحار الأنوار : ج ۱ ص ۲۰۲ .

63.روضة الواعظين : ص ۱۱ ، مشكاة الأنوار : ص ۴۴۷ ، اُنظر : بحار الأنوار : ج ۱ ص ۲۰۴ .

64.غرر الحكم : ح ۴۷۸۶ .

65.غرر الحكم : ح ۴۷۸۷ .

66.جامع الأخبار : ص ۱۱۰ ح ۱۹۵ ، اُنظر : بحار الأنوار : ج ۷۴ ص ۱۸۸ .

67.غرر الحكم : ح ۴۹۷۸ .

68.تنبيه الخوطر : ج ۲ ص ۱۲۳ .

69.كتاب من لا يحضره الفقيه : ج ۲ ص ۲۷۸ ، مكارم الأخلاق : ص ۲۵۱ ، اُنظر : بحار الأنوار : ج ۷۳ ص ۲۶۷ .

70.كفاية الأثر : ص ۲۲۸ ، اُنظر : بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۱۲۹ .

71.غرر الحكم : ح ۵۰۲۹ .

72.سبأ : ۲۵ .

73.الأنعام : ۱۲۴ .


شرح دعاء أبي حمزة الثمالي
138
  • نام منبع :
    شرح دعاء أبي حمزة الثمالي
    سایر پدیدآورندگان :
    هوشمند، مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 452504
صفحه از 464
پرینت  ارسال به