195
شرح دعاء أبي حمزة الثمالي

۰.إلهي ۱ إنَّ جودَكَ بَسَطَ أمَلي «336 »وشُكرَكَ قَبِلَ عَمَلي «337 »سَيِّدي إلَيكَ رَغبَتي وإلَيكَ رَهبَتي وإلَيكَ تَأميلي «338 »قَد ساقَني إلَيكَ أمَلي«339 »وعَلَيكَ يا واحِدي عَلِقَت هِمَّتي ۲ «340 »وفيما عِندَكَ انبَسَطَت رَغبَتي «341 »ولَكَ خالِصُ رَجائي وخَوفي «342 » وبِكَ أنِسَت مَحَبَّتي«343 »وإلَيكَ ألقَيتُ بِيَدي «344 »وبِحَبلِ طاعَتِكَ مَدَدتُ رَهبَتي «345 »مَولايَ بِذِكرِكَ عاشَ قَلبي «346 »وبِمُناجاتِكَ بَرَّدتَ ألَمَ الخَوفِ عَنّي «347 »

الأمَل : الرجاء ، وهو بنفسه حسن قبال اليأس ، والمذموم هو طوله الناشئ من حبّ الدنيا وشدّة العلاقة بها ، والمراد هنا ما يرجو العبد من اللّه تعالى من إفضاله وإنعامه ، يعني أنّي مع عصياني ومخالفتي اللذين يوجبان اليأس عن إجابة سُئلي ، عرضت عليك حوائجي وبسطت آمالي ؛ لعلمي بجودك ، وكلّما رأيت ذنوبي فزعت ، وإذا رأيت كرمك و : «شكرك قبل عملي» الشكر : تصوّر النعمة وإظهارها ، وقيل : هو مقلوب عن الكشر ، أي الكشف ، ويضادّه الكفر وهو نسيان النعمة وسترها... وهو ثلاثة أضرب : شكر القلب وهو تصوّر النعمة ، وشكر اللّسان وهو الثناء على المنعم ، وشكر سائر الجوارح وهو مكافأة النعمة بقدر استحقاقه . ۳
والمراد هنا شكر اللّه تعالى لعباده ، قال تعالى : «وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللّه َ غَفُورٌ شَكُورٌ » ، ۴ وقال تعالى : «لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ » ، ۵ وقال سبحانه : «الْحَمْدُ للّه ِِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ » ، ۶ وقال سبحانه : «إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً » ، ۷ وقال تعالى : «وَمَنْأَرادَ الآْخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً » . ۸
قال الأُستاذ العلّامة (رضوان اللّه تعالى عليه) في تفسير قوله تعالى : «وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللّه َ شاكِرٌ عَلِيمٌ »۹ ما لفظه : «الشاكر والعليم اسمان من أسماء اللّه الحسنى ، والشكر هو مقابلة من أحسن إليه إحسان المحسن بإظهاره لسانا أو عملاً ، كمن ينعم إليه المنعم بالمال فيجازيه بالثناء الجميل الدالّ على نعمته ، أو باستعمال المال فيما يرتضيه ويكشف عن إنعامه ، واللّه سبحانه وإن كان محسنا قديم الإحسان ومنه كلّ الإحسان لا يد لأحد عنده حتّى يستوجبه الشكر ، إلّا أنّه جلّ ثناؤه عدّ الأعمال الصالحة الّتي هي في الحقيقة إحسانه إلى عباده إحسانا من العبد إليه ، فجازاه بالشكر والإحسان ، وهو إحسان على إحسان» . ۱۰
إنّ اللّه سبحانه يشكر عبده بالثناء والتزكية والجزاء في الدنيا والآخرة ، ويزيد أضعافا مضاعفة ، ومنه أنّه يقبل أعمال عباده وإن كان غير لائق بشأن جلاله تعالى.
«سيّدي إليك رغبتي وإليك رهبتي» أصل الرغبة السعة في الشيء ، والرغبة والرغب والرغبي : السعة في الإرادة ، فإذا قيل : رغب إليه وفيه ، يقتضي الحرص عليه ، وإذا قيل : رغب عنه ، اقتضى صرف الرغبة عنه . والرهبة والرهب : مخافة مع تحرّز واضطراب ، قال سبحانه : «يَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً » . ۱۱ والمراد ـ ظاهراـ أنّ التجائي إليك في الرغبة والحرص إلى شيء ، وفي الخوف والشدّة من شيء.
«وإليك تأميلي» بعني إليك رجائي لا أرجو غيرك ، قال أمير المؤمنين عليه السلام : «لا يرجونّ أحد منكم إلّا ربّه» ، ۱۲ وهو أيضا من كمال المعرفة والتوحيد.
«وقد ساقني إليك أملي» أي آمالي فيك ساقني إليك فجئتك لتؤتيني ما أمّلت فيك.
«وعليك يا واحدي عكفت همّتي» قال الراغب : «العكوف : الإقبال على الشيء وملازمته على سبيل التعظيم له ، قال سبحانه : «يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ » ، ۱۳ وقال تعالى : «وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ »۱۴ ، ۱۵ وعكفه على كذا عكفا ؛ أي حبسه عليه ، وعكف عليه عكفا وعكوفا ؛ أقبل عليه مواظبا له ولزمه ، عكفت همّتي عليك ؛ أي أقبلت ولزمت . والهمّة بالكسر ويفتح : ما همّ به من أمر ليفعل ، وقد يُطلق على العزم القويّ ، يقال : له همّة عالية وبعيد الهمّة ، وفي التعريفات : الهمّة ، توجّه القلب وقصده بجميع قواه الروحانية إلى جانب الحقّ لحصول الكمال له ، ۱۶ والمعنى أنّ توجّه قلبي وعزمي عكفت ببابك ياواحدي وليس لي سواك.
«وفيما عندك انبسطت رغبتي» وفيما عندك : أي في قدرتك وبيدك وفي خزائنك من حوائجي المادّية والمعنوية ، فيكون المراد من «فيما عندك» أي في قدرتك وبيدك ، احترازا عمّا في أيدي الناس ، ويمكن أنّ المراد منه ما عند اللّه من نعم الآخرة أو النعم المعنوية ، كما في الدعاء : «واقطع من الدنيا حاجتي ، واجعل فيما عندك رغبتي شوقا إلى لقائك» ، ۱۷ أي لا أرى الدنيا حاجة . فالمراد انبسطت رغبتي فيما عندك أن تعطيني من عندك ولا تكلني إلى غيرك ، أو انبسطت رغبتي في أُمور الآخرة والمعنويات دون الدنيا ؛ لأنّ الرغبة فيها مذمومة وبغضها مطلوب ، وفي الحديث : «إنّ أفضل الأعمال بعد معرفة اللّه تعالى ورسوله صلى الله عليه و آله وأوصيائه بغض الدنيا» . ۱۸
«ولك خالص رجائي وخوفي» ويمكن أن يستفاد من تقديم الجار والمجرور وكذا الظروف الحصر والاختصاص ، فقوله : «إليك رغبتي وإليك رهبتي وإليك تأميلي ... وعليك ياواحدي ... وفيما عندك» يفيد الحصر ، أي هذه كلّها منحصرة فيك . و«خالص رجائي وخوفي» ؛ أي رجاء وخوف لا يشوبهما شيء.
وقد وردت أحاديث كثيرة في الإخلاص ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام : «أوحى اللّه تعالى إلى داوود عليه السلام : ما اعتصم بي عبد من عبادي دون أحد من خلقي عرفت ذلك من نيّته ، ثم تكيده السماوات والأرض ومن فيهنّ ، إلّا جعلت له المخرج من بينهنّ» ، ۱۹ وفي الخطبة الشعبانية : «فادعوا اللّه بنيّاتٍ صادقة» ، ۲۰ وفي آخر : «الرجل الذي دعا اللّه أن يرزقه ولدا ثلاث وثلاثين فلم يستجب له ؛ لأنّه يدعو اللّه بلسان بذيّ ، وقلب علق غير نقيّ ، وبنيّة غير صادقة» ، ۲۱ وفي آخر : «أوحى اللّه إلى داوود عليه السلام : من انقطع إليّ كفيت ، ومن سألني أعطيته ، ومن دعاني أجبته» . ۲۲
أقول : هذه الجملات إذا قالها المعصوم عليه السلام فقد صدرت عن إخلاص وصدق حقيقة لا شكّ فيه ، وأمّا إذا قالها غيرهم فهي قد تكون كذبا صريحا وادّعاءً محضا ، وقد تكون صدقا ذات تشكيك حسب مراتب المعرفة ، وفي آخر دعاء عرفة المرويّ عن الحسين عليه السلام : «إلهي من كانت محاسنه مساوئ فكيف لا تكون مساؤه مساوئ؟ ومن كانت حقائقه دعاوي فكيف لا تكون دعاويه دعاوي؟» ، فليجتهد الداعي أن يكون صدقا أو قريبا منه ، ونسأل اللّه تعالى الهداية والتوفيق ، ونستعين منه سبحانه وهو الرحيم الرؤف بعباده» .
«وبك أنست محبّتي» أنس أهل الدنيا بالدنيا وجها والعارفون باللّه وبذكره وبحبّه ، قال أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه) فيهم : «واستلانوا مااستوعره المترفون ، وآنسوا بما استوحش منه الجاهلون» ، ۲۳ وقال في المتوكّلين : «اللّهمّ إنّك آنس الآنسين لأوليائك... إن أوحشتهم الغربة آنسهم ذكرك» . ۲۴
أنس به وإليه ؛ أي ألفه وسكن قلبه به ولم ينفر منه ، وقد تقدّم الكلام في معنى حبّ اللّه تعالى ، والمعنى : محبّتي أنست بك وألفت بك ، أي أحبّك وأحبّ من يحبّك وأحبّ لأجلك ، ويستوحش حبّي من غيرك ولا يألفه.
وعن الحسين عليه السلام : «وخسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبّك نصيبا... وأنت الذي أزلت الأغيار عن قلوب أوليائك فلم يحبّوا سواك» . ۲۵
«وإليك ألقيت بيدي» اللقاء مقابلة الشيء ومصادفته معا... ويقال ذلك في الإدراك بالحسّ بالبصر والبصيرة... والإلقاء : طرح الشيء حيث تلقاه أي تراه ، ثمّ صار في التعارف اسما لكلّ طرح ، قال : «فَكَذلِكَ أَلْقَى السّامِرِيُّ* قالُوا يا مُوسى إِمّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمّا أَنْنَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ »۲۶ ... ويقال ألقيت إليك قولاً وسلاما وكلاما ومودّةً ، وألقيت عليك محبّةً منّي . ۲۷
والظاهر أنّ المراد هو التسليم للّه فيما يريد ويأمر وينهى ، ويؤيّد ذلك الجملة التالية : «وبحبل طاعتك مددت رهبتي» قال الراغب : «الحبل معروف ، وقال عزّ وجلّ : «فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ » ، ۲۸ ... واستُعير للوصل ولكلّ ما يتوصّل به إلى شيء ، قال عزّ وجلّ : «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّه ِ جَمِيعاً » ، ۲۹ فحبله هو الذي معه التوصّل به إليه من القرآن والعقل... ويقال للعهد حبل» . ۳۰
أقول : ويقال للقرآن ، وهو حبل اللّه المتين ، أي بحبل (الرسن. العهد. الرباط) طاعتك اعتصمت وأخذت ومددت ، (بسطت من مدّ به مدّا : بسط) . رهبتي (مضى معنى الرهبة) ؛ أي عالجت خوفي وخشيتي بطاعتك حتّى أتخلّص ممّا أرهب.
«يامولاي بذكرك عاش قلبي» المولى والولي بمعنىً واحد ، وحقيقته تولّى الأمر ، يقال في معنى الفاعل أي الموالي ، وفي معنى المفعول أي الموالى ، يقال للمؤمن هو وليّ اللّه عزّ وجلّ ولم يرد مولاه ، فمن الأوّل : «اللّه ُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا »۳۱ و «إِنَّ وَلِيِّيَ اللّه ُ »۳۲ و «اللّه ُ الْمُؤْمِنِينَ » ، ۳۳ ومن الثاني : «إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ للّه ِِ مِنْ دُونِ النّاسِ »۳۴ . ۳۵
والعيش : الحياة المختصّة بالحيوان ، وهو أخصّ من الحياة ؛ لأنّ الحياة تقال في الحيوان والباري تعالى وفي الملك . والمراد أنّ حياة قلبي ومعيشته إنّما هو بذكرك ، دون ذكر سواك ، ودون ما يتعيّش به الإنسان من المادّيات.
«وبمناجاتك برّدت ألم الخوف عنّي» المناجاة مفاعلة من النجا ناجيته ؛ أي ساررته ، وأصله أن تخلو به في نجوة من الأرض ، وقيل : أصله من النجاة ، وهو أن تعاونه على ما فيه خلاصه ، أو أن تنجو بسرّك مع أن يطّلع عليك . ۳۶
برّدت : من البرد خلاف الحرّ ، كأنّ للهموم والخوف والمصائب حرارة ، يقال : أسخن اللّه عينه وبعينه ، أي أنزل به ما يبكيه ؛ لأنّ دموع الحزن تكون سخنة ، وعكسه قولهم أقرّ اللّه عينه ، فيكون المعنى أنّ الخوف وألمه أوجد حرارة تبكيه ، وبمناجاته عزّ وجلّ يذهب هذه الحرارة ويبرّده.
أقول : طوبى لمن أعطاه اللّه تعالى المعرفة والحبّ له وأذاقه حلاوة عبادته ولذّة مناجاته ، عن الحسين عليه السلام : «أنت الذي أشرقت الأنوار في قلوب أوليائك حتّى عرفوك ووحّدوك ، وأنت الذي أزلت الأغيار عن قلوب أحبّائك حتّى لم يحبّوا سواك ، ولم يلجؤوا إلى غيرك ، أنت المؤنس لهم حيث أوحشتهم العوالم ، وأنت الذي هديتهم حيث استبانت لهم المعالم ، ماذا وجد من فقدك ، وما الذي فقد من وجدك ، لقد خاب من رضي دونك بدلاً ، وقد خسر من بغي عنك متحوّلاً... يامن أذاق أحبّاءه حلاوة المؤانسة فقاموا بين يديه متملّقين ، ويامن ألبس أولياءه ملابس هيبته فقاموا بين يديه مستغفرين ...» . ۳۷

1.في الإقبال والمصباح للكفعمي والبلد الأمين : «إلّا» بدل «إلهي» .

2.في بعض نسخ المصدر الخطيّة والمصادر الأُخرى : «عكفت» بدل «علقت» .

3.اُنظر : الراغب وما تقدّم آنفا .

4.الشورى : ۲۳ .

5.فاطر : ۳۰ .

6.فاطر : ۳۴.

7.الإنسان : ۲۲ .

8.الإسراء : ۱۹.

9.البقرة : ۱۵۸ .

10.الميزان في تفسير القرآن : ج ۱ ص ۳۸۶ .

11.الأنبياء : ۹۰ .

12.نهج البلاغة : الحكمة ۸۲ .

13.الأعراف : ۱۳۸.

14.البقرة : ۱۸۷ .

15.مفردات ألفاظ القرآن : ص ۳۴۲.

16.التعريفات : ص ۲۵۷ .

17.الصحيفة السجّادية : الدعاء ۵۴ .

18.اُنظر : سفينة البحار في «كبر» .

19.الكافي : ج ۲ ص ۶۳ ، مشكاة الأنوار : ص ۵۰ ، اُنظر : بحار الأنوار : ج ۱۴ ص ۴۱ .

20.لم نجد في أيّ مصدر لفظ : «فادعوا» ، بل الموجود لفظ : «فاسئلوا» ، اُنظر : بحار الأنوار : ج ۹۳ ص ۳۵۶ .

21.بحار الأنوار : ج ۱۴ ص ۴۹۰ .

22.الجواهر السنية : ص ۸۷ ، اُنظر : بحار الأنوار : ج ۱۴ ص ۴۲ .

23.نهج البلاغة : الحكمة ۱۴۷ .

24.المصدر السابق : الحكمة ۲۲۷ .

25.الإقبال : ج ۱ ص ۵۰۲ ، اُنظر : بحار الأنوار : ج ۹۵ ص ۲۳۶ .

26.الأعراف : ۱۱۵ .

27.مفردات ألفاظ القرآن : ص ۴۵۴ .

28.المسد : ۵ .

29.آل عمران : ۱۰۳ .

30.مفردات ألفاظ القرآن : ۱۰۷ .

31.البقرة : ۲۵۷ .

32.الأعراف : ۱۹۶ .

33.آل عمران : ۶۸ .

34.الجمعة : ۶ .

35.مفردات ألفاظ القرآن : ص ۵۳۳ .

36.مفردات ألفاظ القرآن : ص ۴۸۴.

37.اُنظر : بحار الأنوار : ج ۹۵ ص ۲۲۶.


شرح دعاء أبي حمزة الثمالي
194
  • نام منبع :
    شرح دعاء أبي حمزة الثمالي
    سایر پدیدآورندگان :
    هوشمند، مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 459391
صفحه از 464
پرینت  ارسال به