349
شرح دعاء أبي حمزة الثمالي

۰.يا مَفزَعي عِندَ كُربَتي «499 »ويا غَوثي عِندَ شِدَّتي «500 » إلَيكَ فَزَعتُ وبِكَ استَغَثتُ ولُذتُ «501 »لا ألوذُ بِسِواكَ ولا أطلُبُ الفَرَجَ إلّا مِنكَ «502 »فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ «503 » فَأَغِثني وفَرِّج عَنّي «504 » يا مَن يَقبَلُ اليَسيرَ «505 »ويَعفو عَنِ الكَثيرِ «506 » اِقبَل مِنِّي اليَسيرَ «507 »وَاعفُ عَنِّي الكَثيرَ «508 »إنَّكَ أنتَ الرَّحيمُ الغَفورُ «509 »

«يا مفزعي عند كربتي» المفزع من فزع ، وهو انقباض ونفار يعتري الإنسان من الشيء المخيف ، وهو من جنس الجزع ، ۱ فزع فزعا : خاف وذعر ، وفزع إليه : استغاث وأغاث ضدّ ، والمفزع : الملجأ ، فلان مفزع للناس ؛ أي إذا دهمهم أمر فزعوا إليه ولجؤوا .
الكربة : بالضمّ الحزن يأخذ بالنفس ، والجمع كُرَب ، وكَرَبَ الأمر : شقّ عليه ، وكرب الغمّ : اشتدّ عليه ، والكَرب : الغمّ الشديد .
والمعنى : يا ملجئي عند اشتداد الغمّ والحزن عليّ بحيث يصعب عليّ التنفّس.
«ويا غوثتي» الغوث يقال في النصرة والإعانة ، والغيث في المطر ، واستغثته : طلبت الغوث أو الغيث ، فأغاثني من الغوث وغاثني من الغيث . ۲ أي يا نصرتي ، والغوث : اسم من غوّث الرجل ، أي قال : واغوثاه .
«عند شدّتي» الشدّة للنوع ، واسم من الاشتداد ، نقيض اللين وخلاف الرخاء ، والشدّة أيضا من مكاره الدهر ، جمعها شدائد.
«إليك فزعت» أي إليك استغثت وطلبت النصرة .
«لا ألوذ بسواك» أي لا ألجأ بسواك ، من لاوذ القوم ملاوذة ولواذا ؛ أي لاذ بعضهم ببعض واستتر به ، أي لجأ إليه وعاذ به ، قال تعالى : «قَدْ يَعْلَمُ اللّه ُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً »۳ أي يستترون فيلتجؤون بغيرهم فيمضون واحدا بعد واحد.
«ولا أطلب الفرج إلّا منك» الفَرَج بفتحتين : انكشاف الغمّ ، يقال : فرّج اللّه عنك الغمّ ـ بالتشديد ـ تفريجا : كشفه ، والاسم الفرج .
«فأغثني وفرّج عنّي» أي أعنّي وانصرني واكشف عنّي .
«يا من يفكّ الأسير» الفكّ من فكّ الشيء فكّا ؛ أي فصله وأبان بعضه من بعض ، وفكّ العقدة : حلّها ، وفكّ الأسير : خلّصه ، قال الراغب : «الفَكك : التفريج ، وفكّ الرهن تخليصه ، وفكّ الرقبة عتقها ، وقوله : «فَكُّ رَقَبَةٍ »۴
قيل : هو عتق المملوك ، وقيل : بل هو عتق الإنسان نفسه من عذاب اللّه بالكلم الطيّب والعمل الصالح ، وفكّ غيره بما يفيده من ذلك» . ۵
والأسير الأسر : الشدّ بالقيد ، من قولهم : أسرت القتب ، وسُمّي الأسير بذلك ، ثمّ قيل لكلّ مأخوذ ومقيّد وإن لم يكن مشدودا ، ۶ والإسار بالكسر : القِدّ (بالقاف والدال المشدّدة) السير يقدّ من جلد غير مدبوغ ويقيّد به الأسير .
«يا من يقبل اليسير» أي يقبل اليسير من الأعمال ، وفي الدعاء : «يا من يجتبي صغير ما يتحف ب ، ويشكر يسير ما يعمل له ، ويا من يشكر على القليل ويجازي بالجليل» ، ۷ وفي الدعاء : «ويا من يرضى من فعلهم باليسير ، ويا من كافى قليلهم بالكثير» ، ۸ وفي الحديث : «إنّ اللّه إذا أحبّ عبدا يدخله الجنّة ورضي عنه باليسير» ، ۹ وفيه أيضا : «إنّ اللّه إذا أحبّ عبدا نعّمه عملاً قليلاً جزاه بالقليل الكثير» . ۱۰
«ويعفو عن الكثير» مرّ الكلام في معنى العفو ، واللّه سبحانه يعفو عن كثير من السيّئات ، قال تعالى : «وَلَوْ يُؤاخِذُ اللّه ُ النّاسَ بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى » ، ۱۱ وقال سبحانه : «وَلَوْ يُؤاخِذُ اللّه ُ النّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى » ، ۱۲ وقال سبحانه : «لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ » ، ۱۳ وفي الحديث : «التائب من الذنب كمن لا ذنب له» ، ۱۴ والآيات في عفو اللّه تعالى كثيرة ، قال تعالى : «وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ » . ۱۵
«اقبل منّي اليسير واعف عنّي الكثير» .
«إنّك أنت الغفور الرحيم» الظاهر أنّه تعليل لمّا تقدّم من مطالبه وحوائجه عليه السلام بأنّه سبحانه هو الغفور الرحيم ، وإتيان ضمير الفصل تدلّ على الانحصار ، أي لأنّك الغفور ولا غفور سواك ، والغفور مبالغة من الغفر ، وهو إلباس ما يصونه من الدنس ، والغفران والمغفرة من اللّه أن يصون العبد من أن يمسّه العذاب ، وأنّه تعالى رحيم ، أي كثير الرحمة أو دائم الرحمة ، لا يرجى الغفران والرحمة إلّا منه تعالى.

1.اُنظر : مفردات ألفاظ القرآن : ص ۳۷۹ .

2.اُنظر : المصدر السابق : ص ۳۵۷ .

3.النور : ۶۳ .

4.البلد : ۱۳.

5.اُنظر : مفردات ألفاظ القرآن : ص ۳۸۴.

6.اُنظر المصدر السابق : ص ۱۷ .

7.الصحيفة السجّادية : الدعاء ۱۴۶ .

8.. المصدر السابق : الدعاء ۳۴ .

9.وسائل الشيعة : ج ۱ ص ۱۰۸ ح ۲۶۶ .

10.الكافي : ج ۲ ص ۸۶ ، بحار الأنوار : ج ۶۸ ص ۲۱۳ .

11.النحل : ۶۱ .

12.فاطر : ۴۵ .

13.الكهف : ۵۸ .

14.الكافي : ج ۲ ص ۴۳۵ ، مكارم الأخلاق : ص ۳۱۳ ، مشكاة الأنوار : ص ۲۰۱ ، اُنظر : بحار الأنوار : ج ۶ ص ۲۱ و ج ۹۰ ص ۲۸۱.

15.الشورى : ۳۰ و ۳۴ ، المائدة : ۱۵ ، اُنظر : نور الثقلين : ج ۴ ص ۵۸۰ ـ ۵۸۳ .


شرح دعاء أبي حمزة الثمالي
348
  • نام منبع :
    شرح دعاء أبي حمزة الثمالي
    سایر پدیدآورندگان :
    هوشمند، مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 464715
صفحه از 464
پرینت  ارسال به