81
شرح دعاء أبي حمزة الثمالي

۰.عَظُمَ يا سَيِّدي أمَلي وساءَ عَمَلي «74 »فَأَعطِني مِن عَفوِكَ بِمِقدارِ أمَلي«75 »ولا تُؤاخِذني بِأَسوَءِ عَمَلي «76 »فَإِنَّ كَرَمَكَ يَجِلُّ عَن مُجازاةِ المُذنِبينَ «77 »وحِلمَكَ يَكبُرُ عَن مُكافاةِ المُقَصِّرينَ «78 »وأنَا يا سَيِّدي عائِذٌ بِفَضلِكَ هارِبٌ مِنكَ إلَيكَ «79 »مُنتَجِزٌ (مُتَنَجِّزٌ) ما وَعَدتَ مِنَ الصَّفحِ عَمَّن أحسَنَ بِكَ ظَنّاً «80 »

الآمال : هي ما يتمنّى الإنسان من الوصول إلى مطالبه المادّية والمعنويّة ، ويحتاج الوصول إلى الأهداف لا يكون إلّا بتهيئة الأسباب ، فمن أراد الوصول إلى المقامات الدنيوية ، فلا بدّ من الحركة إلى تسبيب الأسباب وإيجاد المقدّمات ، كلّ هدف له أسباب خاصّة ، وكذا الآمال والأهداف المعنوية ، كالنيل إلى الدرجات العالية من معرفة اللّه تعالى وأنبيائه ، والإيمان والصدق والإخلاص ، والمعارف بعد الموت ، وتزكية النفس من الرذائل ، وتحليتها بالفضائل ، والدخول في جنّات عدن عند مليكٍ مقتدر ؛ لابدّ من الحركة إليها بارتكاب الحسنات والتجنّب الشديد عن السيّئات والتزكية بالمجاهدات.
وطول الأمل في المطالب الدنيوية مكروه ، والروايات في ذلك كثيرة ، والآيات الكريمة بذلك ناطقة . ۱
«الأمل رحمة لأُمّتي ، ولولا الأمل ما رضعت والدة ولدها ، ولا غارس غرس شجرا» ، و«أصل الأمل خير ، وعدمه شرّ ، وطوله أيضا شرّ» ، و«إنّ أخوف ما أخاف عليكم اثنان : اتّباع الهوى ، وطول الأمل» ، و«طول الأمل يُنسي الآخرة» ، و«الأمل من اللّه يوجب قلّة العمل ، والأمل من الناس ينسين العمل ويقسي القلب» ، قوله : «يُلْهِهِمُ الأَْمَلُ » . ۲
وأمّا الأمل في الأُمور المعنوية فمطلوب جدّا ، يحثّ الإنسان على العمل وتزكية النفس ، ولكنّ الأمل بلا عمل فهو مذموم جدّا ، قال عليه السلام : «الأماني بضائع النوكى» ، وقال عليه السلام : «العاقل يعتمد على عمله والجاهل يعتمد على أمله» ، ۳ وقال : «فمن عمل في أيّام أمله قبل حضور أجله فقد نفعه عمله» . ۴
وفي الدعاء : «عظم يا سيّدي أملي» ، يعني في الآمال المعنوية ، كما يظهر من ذيل الكلام ، وساء عملي يعني ليس القصور أو التقصير في العمل فقط ؛ بل أساء العمل وأتى بما يضادّ الأمل ، فمن كان أمله الجنّة والفوز بقرب الحقّ سبحانه ومجاورة النبي صلى الله عليه و آله والأنبياء والأئمّة عليهم السلام في دار خلده ، لا بدّ وأن يسلك سبيلهم ويعمل عملهم ويؤمن بما آمنوا به ويترك ما تركوه ويلازم صراط اللّه تعالى وهو صراط أنبيائه ، ويترك سبيل الغي التي سلكها أعداؤهم ، فمن ترك العمل بما عملوا به وسلك سبيلاً يضادّ سبيلهم ، فهو في الحقيقة يسلك إلى سوء الدار وعذاب النار.
ولذلك يعتذر عليه السلام بقوله : «عظم أملي» ، حيث أمله اللحوق بالنبيّ الأعظم صلى الله عليه و آله وآبائه الكرام المعصومين .
«وساء عملي ، فاعطني من عفوك بمقدار أملي ، ولا تؤاخذني بأسوء عملي» ، «فإنّ كرمك يا ربّ يجّل عن مجازاة المذنبين» ، فلا تعاقبني بأسوء عملي ؛ لأنّ كرمك يجلّ عن ذلك ، و«يكبر عن مكافأة المقصّرين» ، يعني كرمك أكبر من أن تكافئ المقصّرين بتقصيرهم ، فيستشفع إلى اللّه تعالى بكرمه ، وأنّ كرمه يقتضي العفو وإنجاح آماله العظيمة.
«وأنا يا سيّدي عائذ بفضلك» ، فهو عليه السلام يعدّ نفسه الكريمة بأنّ ألجأ إلى ملجأ ، واستعاذ إلى معاذ ، وهو فضله تعالى ، وإعطاؤه وكرمه ، وكأنّه عليه السلام يشبّه نفسه الكريمة بعبدٍ أساء واستجار من المولى إلى معقلٍ حصين ، وكهفٍ مشيّد ، بأن هرب من المولى ودخل إلى ما جعله المولى مأمنا ومضيفا ، وهو فضله العميم طالبا أن يفي المولى بما وعده من صفحه عمّن أحسن به الظنّ.

1.اُنظر : سفينة البحار : ج ۱ ص ۳۰ ، مستدرك سفينة البحار : ج ۱ ص ۱۴۹ ، ميزان الحكمة : ج ۱ ص ۱۴۰ ، بحار الأنوار : ج ۷۳ ص ۳۹۸ ، وج ۷۷ ص ۳۱ .

2.الحجر : ۳ .

3.اُنظر : مستدرك سفينة البحار : ج ۱۰ ص ۱۹۰ ، غرر الحكم : ح ۴۹ .

4.نهج البلاغة : الخطبة ۲۸ ، الغارات : ج ۲ ص ۶۳۴ ، اُنظر : بحار الأنوار : ج ۷۴ ص ۳۳۳.


شرح دعاء أبي حمزة الثمالي
80
  • نام منبع :
    شرح دعاء أبي حمزة الثمالي
    سایر پدیدآورندگان :
    هوشمند، مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 452152
صفحه از 464
پرینت  ارسال به