67
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

عليهم ، وليعلموا أنّهم في العداد ، وإلّا فما حاجته إلى استشارة أحدٍ مع نزول الوحي عليه . ويقال : استشرتُ فلاناً وشاوَرتُه ، فأشار عليّ بما كان عنده من الرأي .
وأصل الكلمة : الاستخراج لشيء حَسَنٍ ، من قولهم شُرتُ العَسَل ، أي تناولتُه من موضعه . والسين في الاستشار للطلب . وائتمنته ، أي وجدتُه أميناً واتّخذته أميناً .

۴.العِدَةُ عَطِيَّةٌ . ۱

معنى الخبر : أنّ مَن وعد أحداً شيئاً أدخل عليه سروراً ، فإذا كان في عزمه الوفاء استحقّ عليه الثواب والمدح ، كما أنّه إذا أعطاه سرّ به واستحقّ الثواب عليه .
ويجوز أن يكون المعنى أنّ الوعد من الرجل الصادق اللهجة بمنزلة العطاء ؛ من حيث إنّه عَلِمَ أنّ خُلف الوعد ۲ يوجبُ على نفسه الوفاء به ، فإذا وعده على هذا الوجه فكأنّما أعطاه ؛ لأنّ العرب تسمّي الآخذ في الشيء والمبتدئ به فاعلاً لذلك الفعل ، ومثله قوله تعالى : « إِنِّى أَرَى فِى الْمَنَامِ أَنِّى أَذْبَحُكَ »۳
أي أشتغل بذبحك ، وآخذ في مقدّماته وإعداد أسبابه .
وقيل : إنّ الخبر ورد على سبب ، وهو أنّ سائلاً سأل رسول اللّه شيئاً ، فقال : ما عندنا شيء . قال : عِدني ، فقال : إنّ العدة عطيّة .
ويُروى : «الوأي۴مثل الدَّين أو هو أفضل»۵ .

1.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۳۹ ، ح ۶ ؛ المعجم الأوسط ، ج ۲ ، ص ۲۰۹ ؛ الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۱۸۸ ؛ ح ۵۶۸۴ ؛ كنزالعمّال ، ج ۳ ، ص ۳۴۷ ، ح ۶۸۶۷ ؛ ورواه المجلسي رحمه الله في بحارالأنوار ، ج ۹۳ ، ص ۱۳۷ ، ذيل ح ۷۱ عن كتاب الإمامة والتبصرة .

2.في المخطوطة: + «من خلق الوعد». و في العبارة مع حذفه أيضا تشويش، والمعنى واضح.

3.الصافات (۳۷) : ۱۰۲ .

4.«الوَأيُ» : الوعدُ . والوَأيُ : ضمان العدة . اُنظر : العين ، ج ۸ ، ص ۴۴۲ ؛ لسان العرب ، ج ۱۵ ، ص ۳۷۶ (وأي) .

5.كتاب الصمت وآداب اللسان لابن أبي الدنيا ، ص ۲۳۵ ، ح ۴۵۴ (رواه بسنده عن ابن لهيعة عن الرسول صلى الله عليه و آله ) . وراجع أيضا : جامع السعادات للنراقي ، ج ۲ ، ص ۲۵۸ .


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
66

وقال عليه السلام : «المجالسُ ثلاثة : غانمٌ ، وسالمٌ ، وشاجب»۱ ، يعني أهل المجالس . والغانم : الذاكر ، والسالم : الساكت ، والشاجبُ : المُفشي من الشجب وهو الهلاك ۲ .

۳.المُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ . ۳

يعني : إذا طلبت المشورة من أحد ينبغي أن يؤتمن فيما يشير إليه ، فاعتمد عليه ولا تُسئ ظنّك به .
وقيل : معناه لا تطلب المشورة ولا تستشر إلّا من كان أميناً عندك ويكون غالب ظنّك أنّه أمين ، فإن ظننته خائناً فلا تستشرهُ .
ورُوي بعده : والمستشير مُعان ۴ .
والمعنى : أنّ الذي يطلب منك المشورة يجب عليك أن تعينه [با]لرأي والإشارة إلى الصواب .
وفي خبر آخر : المستشار بالخيار ، إن شاء قال ، فإن قال فلينصح .
وقد أمر اللّه نبيّه بالمشورة ، فقال : « وَشَاوِرْهُمْ فِى الْأَمْرِ »۵ ، فاستشار عليه السلام أصحابه في باب الاُسارى ، فأشار أبو بكر بالاستبقاء ، وعمر بالاستيصال ، فصار عليه السلام إلى رأي أبي بكر بعد ما نزل عليه الوحي بالاستبقاء ۶ ، وإنّما فعل ذلك لإدخال السرور

1.المجازات النبوية ، ص ۳۸۳ ، ح ۲۹۸ ؛ مسند أحمد ، ج ۳ ، ص ۷۵ ؛ مسند أبي يعلى ، ج ۲ ، ص ۳۲۵ ؛ صحيح إبن حبّان ، ج ۲ ، ص ۳۴۶ .

2.اُنظر : العين ، ج ۶ ، ص ۳۹ ؛ لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۴۸۳ (شجب) .

3.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۳۸ و ۳۹ ، ح ۴ و ۵ ؛ مسند أحمد ، ج ۵ ، ص ۲۷۴ ؛ سنن الدارمي ، ج ۲ ، ص ۲۱۹ ؛ المحاسن ، ج ۲ ، ص ۶۰۱ ، ح ۲۰ (عن الإمام عليّ عليه السلام ) ؛ عوالي اللئالي ، ج ۱ ، ص ۱۰۴ ، ح ۳۹ و ص ۴۳۹ ، ح ۱۵۶ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۲ ، ص ۴۳ ، ح ۱۵۵۹۸ .

4.التمهيد لابن عبد البرّ ، ج ۸ ، ص ۳۷۰ ؛ كنزالعمّال ، ج ۳ ، ص ۴۱۰ ، ح ۷۱۸۷ ، و ج ۱۰ ، ص ۵۹۵ ، ح ۳۰۲۹۲ ؛ تاريخ مدينة دمشق ، ج ۵۸ ، ص ۴۱۰ ؛ وروي في نهج السعادة ، ج ۷ ، ص ۲۷۴ عن تفسير أبي الفتوح الرازي .

5.آل عمران (۳) : ۱۵۹.

6.راجع : تحفة الأحوذي ، ج ۵ ، ص ۳۰۶ ؛ كنزالعمّال ، ج ۳ ، ص ۴۱۱ ، ح ۷۱۹۰ ؛ أحكام القرآن للجصّاص ، ج ۳ ، ص ۹۳ .

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق: سليماني الاشتياني،مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 191899
صفحه از 627
پرینت  ارسال به