11
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

محذوفة الأسانيد، مبوّبة أبوابا على حسب تقارب الألفاظ ليقرب تناولها، ويسهل حفظها. ثمّ زدتُ مئتي كلمة فصارت ألف كلمةٍ ومئتي كلمة ، وختمتُ بأدعية مرويّةٍ عنه عليه السلام ، وأفردت الأسانيد جميعها كتابا يرجع في معرفتها إليه ، وأنا أسأل اللّه تعالى أن يجعل ما اعتمدته من ذلك خالصا لوجهه ومقرِّبا من رحمته بحوله وقدرته .
ثمّ إن بعضهم لخّص الكتاب ،كما وشرحه الكثيرون ، وذيّل عليه آخرون ، فقد استوفى ذلك صاحب كشف الظنون ۱ و غيره ، ۲ و طبع كتاب الشهاب مرّات عديدة ، بعضها لوحده ،وبعضها مع شروحه .

مؤلِّف الشِّهاب في سطورٍ

أبو عبد اللّه محمّد بن سلامة بن جعفر بن عليّ بن حكمون بن إبراهيم بن محمّد بن مسلم القضاعي ، عالم مصري ، وفقيه شافعي ، نشأ في بيئة علميّة ، فأحبّ العلم وكلف به ، فوالده سلامة بن جعفر كان عالما مشغوفا بالعلم ، تتلمذ للمزني ، وكان يحفظ ما يأخذ عنه ، وكان مقرّبا إلى ابن طولون ، ورحل إلى البلاد في طلب العلم ، ووصل إلى الحجاز والشام والقسطنطينيّة ، وسمع الحديث بمكّة ، وتفنّن في علوم كثيرة .
قال التاج السبكي في الطبقات الكبرى :
محمّد بن سلامة بن جعفر بن عليّ القاضي ، أبو عبداللّه القضاعي ۳ الفقيه ، قاضي مصر ، مصنّف كتاب الشهاب ، سمع أبا مسلم محمّد بن أحمد الكاتب ، و أحمد بن بربال ، وأبا الحسن بن جهضم ، وأبا محمّد بن النحّاس ، وآخرين .
روى عنه الحميديّ ، وأبو سعد عبد الجليل الساوي ، ومحمّد بن محمّد بن بركات

1.كشف الظنون ، ج ۲ ، ص ۱۰۶۷ .

2.جامع الشروح والحواشي ، لعبداللّه محمّد الحبشي ، ج ۲ ، ص ۱۱۲۷ ـ ۱۱۳۱ .

3.والقُضاعي ـ بضم القاف وفتح الضاد المعجمة ـ : نسبة إلى قضاعة : قبيلة معروفة ، ويقال : هو مِن حِمْيَرَ ، وهو الأكثرُ والأصحُّ . راجع : الأنساب للسمعاني ، ج ۴ ، ص ۵۱۶ .


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
10

منها إنس ولا جان ، وهي فوق طاعة الإنسان ودون كلام الرحمن ، وكان صلى الله عليه و آله أفصح العرب ، وكان يقول : «وإنّ اللّه عزوجل أدّبني فأحسن أدبي ، وأنا من قريش ، ونشأت في بني سعد بن بكر» .
وقال صلى الله عليه و آله «اُعطيتُ جوامع الكلم ، واختُصر لي الحديث اختصارا» .
ولما كان كلام رسول اللّه صلى الله عليه و آله مشتملاً على أنواع المعارف والعلوم ، جامعا من الأحكام ما دقّ منها وجلّ ، كان لأهل الحديث مشارب شتّى في مصنّفاتهم الحديثيّة ؛ فمنهم من أفرد حديث رسول اللّه صلى الله عليه و آله مقتصرا على الأحكام الفقهيّة ، ومنهم من قصرها على سيرته ، ومنهم من خصّ الرقائق والمواعظ بالتأليف والجمع ، وغير ذلك .
فقد ألّف الناس من كلامه صلى الله عليه و آله الدواوين ، وجمعت في ألفاظها ومعانيها الكتب ، ومنها ما لا يوازي فصاحته ولا يباري بلاغته .
وكان من أبرز تلك الكتب التي عنيت عنايةً خاصةً بجمع جوامع الكلم من حديث رسول اللّه صلى الله عليه و آله كتابُ الشهاب للحافظ أبي عبداللّه محمّد بن سلامة القضاعيّ ، فقد انتخب جملة وافرةً من أحاديثه صلى الله عليه و آله ذات الكلمات القليلة والمعاني الكثيرة ، حتّى جاء كتابا جامعا لأصناف من العلوم والمعارف والآداب .
وهو كتاب لطيف ، جامع لأحاديث قصيرة ، حاوية لجوامع الكلم ، وجرّد كتابه هذا من الأسانيد ، فسرد أحاديثه ، مُبوَّبةً على الأبواب ، مرتّبةً على الكلمات ، من غير تقييد بحرف ؛ تسهيلاً لحفظها وتناولها .
فقد قام القضاعيُّ بإفراد حديثِ رسول اللّه صلى الله عليه و آله بالجمع ، مقتصرا على الحكم والوصايا والآداب والمواعظ والأمثال ،وذكر في مقدّمته كلمات يستظهر منها الغاية من تأليفه، فقد قال :
وقد جمعت في كتابي هذا ممّا سمعته من حديث رسول اللّه صلى الله عليه و آله ألف كلمةٍ من الحكمة في الوصايا والآداب والمواعظ والأمثال ، قد سلمت من التكلّف مبانيها ، وبَعُدَت عن التعسّف معانيها ، وبانت بالتأييد عن فصاحة الفصحاء ، وتميّزت بهدي النبوّة عن بلاغة البلغاء ، وجعلتُها مسرودة يتلو بعضها بعضاً ،

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق: سليماني الاشتياني،مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 164018
صفحه از 627
پرینت  ارسال به