101
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

الحرص والطَّلَب ، وما يَرجع إلى النفي لا نهاية له ، ومن استغنى باللّه لم يحتج إلى خلقه ويحتاج إليه الناس . وقيل : القناعة : المَعْرفة بالقسمة والرضا بها .

۵۰.الأمَانَةُ تَجُرُّ الرِّزْقَ ، وَالخِيانَةُ تَجُرُّ الفَقْرَ . ۱

وقد ذكرنا بعد الخطبة أنّ هذه الكلمات النبوية أكثرها متضمّنة للأوامر والنواهي ، يقول : لا تَخونوا المسلمين ، واستعملوا الأمانة معهم ؛ فإنّها أصل البركة ، والبركة يستجلب الرزق ، و [يدفع] شؤم الفقر في الدُّنيا والخزي في العقبى ، والثبات على الأمانة يَفتح أبواب الرزق ، وهذا أمرٌ من جهة الطبيعة والتجربة ظاهر ؛ وهو أنّ الرجل إذا كان أميناً مأمون الجانب من الخيانة ، ازدحم الناس عليه ، وفشا ذكره بين الناس بالأمانة ، وكثر معاملوه ، فكان أمانته سبباً لرزقه ؛ وإذا كان خائناً وعُرِف بالخيانة ، نَفَرَ الناس عنه واجتنبوا ۲ معاملته ، [فـ ]كان ذلك سبباً لحرمانه وقَتْره ، والمعنيان يحتملهما عموم اللفظ وظاهره .

۵۱.الصُّبْحَةُ تَمْنَعُ الرِّزْقَ . ۳

يقول : لا تناموا بعد صلاة الصبح ؛ فإنّ النوم في هذا الوقت يَمنع الرزق ، ويوجب حرمان البركة فيه . وروي في الأخبار كراهة النوم من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ۴ ؛ فإنّه وقتُ قسمة الأرزاق ، فمن كان مشتغلاً في ذلك الوقت بالصلاة وذكر اللّه وقراءة القرآن وَسَعَ اللّه عليه رزقه ، ومن نام في ذلك الوقت فإنّما كان ذلك سبباً لحرمانه وكأنّه مانع للرزق .
وعن ابن عبّاس أنّه رأى بعضَ أولاده نائماً نَومة الغداة ، فقال : «قم ، لا أنام اللّه

1.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۷۲ ، ح ۶۴ ؛ كنز العمّال ، ج ۳ ، ص ۶۱ ، ح ۵۴۹۹ ، تحف العقول ، ص ۲۲۱ ؛ بحارالأنوار ، ج ۷۵ ، ص ۱۱۴ ، ح ۶ ؛ و ج ۷۸ ، ص ۶۰ ، ح ۱۳۸ .

2.في المخطوطة : «اجتنبوه» والمناسب ما اُثبت.

3.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۷۳ ، ح ۶۵ ؛ مسند أحمد ، ج ۱ ، ص ۷۳ ؛ الجامع الصغير ، ج ۱ ، ص ۳۱۲ ، ح ۲۰۴۰ ، و ج ۲ ، ص ۱۱۳ ، ح ۵۱۲۹ ، الرواشح السماوية ، ص ۲۸۵ .

4.راجع : وسائل الشيعة ، ج ۶ ، ص ۴۹۶ .


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
100

ولمّا بُعث رسول اللّه قالوا لبعض المتطببّين : إنّ رجلاً في الحجاز يَدّعي النبوّة . فقال : وهل يحفظون ۱ شيئاً من كلامه؟ قالوا : نعم ، سمعناه يقول : «حُمّى ليلةٍ كفّارة سنة»۲ . قال : أشهد أنّه نبيّ ؛ فإنّا نقرأ في كتبنا أنّ حمّى يومٍ تذهب بقوّة سنةٍ ، فليس هذا باتّفاق إنّما هو بوحي من اللّه . وصار هذا سبباً لإسلامه .
وشكا رجل إلى النبيِّ عليه السلام الحمّى فقال : «اغتسلْ ثلاثة أيّام قبل طلوع الشمس ، وقل : اذهبي يا اُمّ مِلدَم ، فإن لم تذهب فاغتسل سبعاً» . ۳
وقال عليه السلام : «من حُمَّ ثلاث ساعات فصبر فيها شاكراً للّه حامداً له ، باهى اللّه به ملائكته ، وقال : يا ملائكتي ، اُنظروا إلى عبدي صبر على بلاي! اكتبوا له براءة من النار . وكتب۴له : بسم اللّه الرحمن الرحيم ، هذا كتاب من اللّه العزيز الحكيم لفلان بن فلان ، أدخلوه جَنَّةً عاليةً قُطوفها دانية۵» .

۴۹.القَنَاعَةُ مَالٌ لَا يَنْفَدُ . ۶

يقول : من أراد أن يعيش غنيّاً طول عمره ، فليجعل القناعة في معيشة دَأبه وعلاته ۷ ؛ فإنّه إذا فعل ذلك لم يباشر الفقر والقلّة ، و«القناعة» : الرّضا ـ ما تيسّر له ـ من الرزق والحظّ . وإنّما قيل : «هي مال لا ينفد» لأنّ مرجعها إلى النفي وهو ترك

1.كذا في المخطوطة ، والأنسب : «تحفظون» .

2.التمحيص ، ص ۴۲ ، ح ۴۵ ؛ علل الشرائع ، ج ۱ ، ص ۲۹۷ ، ح ۱ ؛ ثواب الأعمال ، ص ۱۹۲ .

3.رواه ابن عبد البرّ في : الإستذكار ، ج ۸ ، ص ۴۱۹ ؛ والتمهيد ، ج ۲۲ ، ص ۲۲۸ مع تلخيص .

4.كذا في المخطوطة وفي المصادر «فيكتب».

5.رواه العلّامة المجلسى رحمه الله في بحارالأنوار ، ج ۵۹ ، ص ۱۰۵ مرسلاً عن الرسول صلى الله عليه و آله مع اختلاف في الألفاظ . وراجع أيضا : المعجم الأوسط ، ج ۳ ، ص ۲۲۴ ؛ المعجم الكبير ، ج ۶ ، ص ۲۷۲ ؛ كنزالعمّال ، ج ۱۴ ، ص ۴۸۲ ، ح ۳۹۳۵۳ .

6.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۷۲ ، ح ۶۳ ؛ الكامل لابن عدى ، ج ۴ ، ص ۱۹۱ ؛ مجمع الزوائد ، ج ۱۰ ، ص ۲۵۶ ؛ المعجم الأوسط ، ج ۷ ، ص ۸۴ ؛ كنزالعمّال ، ج ۳ ، ص ۳۸۹ ، ح ۷۰۸۰ . نهج البلاغة ، ج ۴ ، ص ۱۴ ، الحكمة ۵۷ ، و ص ۱۰۹ ، الحكمة ۴۷۵ ؛ تحف العقول ، ص ۱۰۰ ؛ خصائص الأئمّة ، ص ۱۲۵ ؛ روضة الواعظين ، ص ۴۵۴ .

7.كذا في المخطوطة .

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق: سليماني الاشتياني،مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 196803
صفحه از 627
پرینت  ارسال به