الحرص والطَّلَب ، وما يَرجع إلى النفي لا نهاية له ، ومن استغنى باللّه لم يحتج إلى خلقه ويحتاج إليه الناس . وقيل : القناعة : المَعْرفة بالقسمة والرضا بها .
۵۰.الأمَانَةُ تَجُرُّ الرِّزْقَ ، وَالخِيانَةُ تَجُرُّ الفَقْرَ . ۱
وقد ذكرنا بعد الخطبة أنّ هذه الكلمات النبوية أكثرها متضمّنة للأوامر والنواهي ، يقول : لا تَخونوا المسلمين ، واستعملوا الأمانة معهم ؛ فإنّها أصل البركة ، والبركة يستجلب الرزق ، و [يدفع] شؤم الفقر في الدُّنيا والخزي في العقبى ، والثبات على الأمانة يَفتح أبواب الرزق ، وهذا أمرٌ من جهة الطبيعة والتجربة ظاهر ؛ وهو أنّ الرجل إذا كان أميناً مأمون الجانب من الخيانة ، ازدحم الناس عليه ، وفشا ذكره بين الناس بالأمانة ، وكثر معاملوه ، فكان أمانته سبباً لرزقه ؛ وإذا كان خائناً وعُرِف بالخيانة ، نَفَرَ الناس عنه واجتنبوا ۲ معاملته ، [فـ ]كان ذلك سبباً لحرمانه وقَتْره ، والمعنيان يحتملهما عموم اللفظ وظاهره .
۵۱.الصُّبْحَةُ تَمْنَعُ الرِّزْقَ . ۳
يقول : لا تناموا بعد صلاة الصبح ؛ فإنّ النوم في هذا الوقت يَمنع الرزق ، ويوجب حرمان البركة فيه . وروي في الأخبار كراهة النوم من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ۴ ؛ فإنّه وقتُ قسمة الأرزاق ، فمن كان مشتغلاً في ذلك الوقت بالصلاة وذكر اللّه وقراءة القرآن وَسَعَ اللّه عليه رزقه ، ومن نام في ذلك الوقت فإنّما كان ذلك سبباً لحرمانه وكأنّه مانع للرزق .
وعن ابن عبّاس أنّه رأى بعضَ أولاده نائماً نَومة الغداة ، فقال : «قم ، لا أنام اللّه
1.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۷۲ ، ح ۶۴ ؛ كنز العمّال ، ج ۳ ، ص ۶۱ ، ح ۵۴۹۹ ، تحف العقول ، ص ۲۲۱ ؛ بحارالأنوار ، ج ۷۵ ، ص ۱۱۴ ، ح ۶ ؛ و ج ۷۸ ، ص ۶۰ ، ح ۱۳۸ .
2.في المخطوطة : «اجتنبوه» والمناسب ما اُثبت.
3.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۷۳ ، ح ۶۵ ؛ مسند أحمد ، ج ۱ ، ص ۷۳ ؛ الجامع الصغير ، ج ۱ ، ص ۳۱۲ ، ح ۲۰۴۰ ، و ج ۲ ، ص ۱۱۳ ، ح ۵۱۲۹ ، الرواشح السماوية ، ص ۲۸۵ .
4.راجع : وسائل الشيعة ، ج ۶ ، ص ۴۹۶ .