115
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

فقال صلى الله عليه و آله : «مَن دَلَّ على خيرٍ ، فله مثل أجر فاعله»۱ .

۶۷.ساقِي القَوْمِ آخِرُهُم شُرْباً . ۲

هذا الخبر من باب الأدب ؛ واللفظ خبر ، ومعناه أمرٌ ، يقول : إذا كان جماعة في سفر وقلّة ماء ، وكان الماء في يدِ واحدٍ يَسقيهم جميعاً ، فينبغي أن يكون شفقتُه عليهم كشفقته على نفسه ، بل أعظم بأن يكون آخرهم شرباً ؛ فلو لم يكن لأحدٍ منهم شُربٌ ونصيب ، لكان ذلك الساقي .
وقيل : لأنّه إذا نَصَبَ نفْسَه للسَّقي كان كخادم القوم ، فيجب أن يكون آخرهم شرباً . ثم إنّه إن سقاهُم من إناءٍ واحد ربما يَتغثّى ۳ طَبْعُ مَن يَسقيه بعد شربه .
وروي أنّه عليه السلام قاله لمّا نزل باُمّ مَعبَد ۴ واستأذنها في حَلْب شاةٍ عَجفاء لها ، فحلب لبناً كثيراً ، وجعل يَسقيهم واحداً واحداً ، فقيل : يا رسول اللّه ، ألا تشربه؟ فقال هذه الكلمة ، وهي حثّ على حسن الآداب في المشرب كما في المطعم . ۵

۶۸.كُلُّ مَعرُوفٍ صَدَقَةٌ . ۶

معناه : إنّ كلّ من أعطى إنساناً شيئاً وقصد به وجه اللّه فهو صدقة يؤجر عليها ، وما أعطاه وأخرجه في معصيةٍ لا يَدخل في هذا الباب ؛ لأنّه منكَر ، والمنكَر ضدّ المعروف . بَيَّنَ بهذا الحديث أنّ المعروف ليس هو الإعطاء فحسب ، وإنّما هو على

1.راجع : مسند أحمد ، ج ۴ ، ص ۱۲۰ ؛ صحيح مسلم ، ج ۶ ، ص ۴۱ ؛ سنن أبي داود ، ج ۲ ، ص ۵۰۴ .

2.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۸۶ ، ح ۸۷ ؛ سنن الدارمي ، ج ۲ ، ص ۱۲۲ ؛ صحيح مسلم ، ج ۲ ، ص ۱۴۰ ؛ سنن إبن ماجة ، ج ۲ ، ص ۱۱۳۵ ، ح ۳۴۳۴ ؛ المحاسن ، ج ۲ ، ص ۴۵۲ ؛ كنزالفوائد، ص ۷۴ ؛ المناقب لابن شهر آشوب ، ج ۱ ، ص ۱۰۵ ؛ الثاقب في المناقب ، ص ۸۶ ، ح ۶۸ .

3.تَغَثَّتِ النَّفْسُ : اضطربتْ حتّى تكاد تتقيّأ . انظر: القاموس المحيط، ج ۲، ص ۱۷۲۶ (غثي).

4.خيمة اُمّ معبد ، ويقال: بئر اُمّ معبد : بين مكّة والمدينة ، نزله رسول اللّه صلى الله عليه و آله في هجرته ، وقصّته مشهورة . معجم البلدان ، ج ۲ ، ص ۴۱۴ .

5.راجع المصادر السالفة .

6.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۸۷ ، ح ۸۸ ـ ۱۰۰ ؛ مسند أحمد ، ج ۳ ، ص ۳۴۴ و ۳۶۰ ؛ و ج ۴ ، ص ۳۰۷ ؛ صحيح البخاري ، ج ۷ ، ص ۷۹ ؛ صحيح مسلم، ج ۳ ، ص ۸۲ ؛ سنن أبي داود ، ج ۲ ، ص ۴۶۶ ، ح ۴۹۴۷ . الكافي ، ج ۴ ، ص ۲۶ ، ح ۱ و ۲ ؛ الفقيه ، ج ۲ ، ص ۵۵ ، ح ۱۶۸۲ (عن الإمام الصادق عليه السلام ) ؛ الخصال ، ص ۱۳۴ ، ح ۱۴۵ .


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
114

عليها ، فطَعَنَ بعض المنافقين في ذلك! فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله لعليّ عليه السلام : «اذهب ، فإن وجدته عندها فاقتله» . فقال عليٌّ : «يا رسول اللّه ، أكون [في ]أمرك كالسِّكَّة المُحْماة ؛ أقتله أم الشاهد يرى ما لا يرى الغائب؟» فقال : «لا ، بل الشاهد يرى ما لا يرى الغائب» .
فخرج ودخل عليها ، فوجد[ ه ] عندها ، فاخترط السيف وقصده ، فهرب الغلام ورَقى نخلةً كانت هناك ، وألقى نفسه ، وكشف عن عورته فإذا هو أمسحُ أجبّ ، فَرَجَعَ عليٌّ إلى رسول اللّه وأخبره بالحال ، فقال : «الحمد للّه الذي يذبّ عنّا أهل البيت»۱ .
وقيل : معناه : الشاهد في حضرة اللّه التي هي السماوات وما فوقها يرى من فرط لفظه ۲ تعالى ما لا يرى الغائب عنها .

۶۶.الدَّالُّ عَلَى الخَيْرِ كَفَاعِلِهِ . ۳

يقول : إن لم تقدر على فعل الإحسان إلى غيرك وهو محتاج ، فدُلَّه على من يصطنع إليه معروفاً ؛ فإنّ الدالَّ على الخير شريك له في الأجر وإن لم يكن له شريكاً في الفعل ، وإنّ مَن دلّ إنساناً على خير فكأنّما فعل ذلك الخير بنفسه ؛ لأنّه ربّما لم يوصَل إلى ذلك الخير إلّا بدلالته ، فكما أنّ فاعل الخير يَستحقَّ المدح والذمّ وكذلك الدالُّ عليه ، فهذا حثٌّ لمن ۴ يقدر إن يَدُلّ إنساناً إلى الخير على الدلالة ، وحثّ للمدلول على شكر الدالِّ كما يشكر فاعل الخير .
وقيل : الخبر ورد على سبب ، وهو أنّ رجلاً جاء إلى رسول اللّه فاستحمله ، فقال له : «لا أجد ما أحملك عليه ، ولكن ائت فلاناً فلعلّه يحملك» ، فأتاه فحمله ،

1.الأمالي للسيّد المرتضى ، ج ۱ ، ص ۵۴ ؛ الأمالي للطوسي ، ص ۳۳۸ ، ح ۲۷ ؛ دلائل الإمامة ، ص ۳۸۷ ؛ المناقب لابن شهر آشوب ، ج ۲ ، ص ۶۵ (مع اختلاف في الألفاظ في الجميع) .

2.كذا في المخطوطة .

3.مسند الشهاب ، ج ۵ ، ص ۲۷۴ و ۳۵۷ ؛ سنن الترمذي ، ج ۴ ، ص ۱۴۷ ، ح ۲۸۰۹ ؛ مسند أبي يعلى ، ج ۷ ، ص ۲۷۵ ، ح ۴۲۹۶ . الكافي ، ج ۴ ، ص ۲۷ ، ح ۴ ؛ الفقيه ، ج ۲ ، ص ۵۵ ، ح ۱۶۸ ؛ و ج ۴ ، ص ۳۸۰ ، ح ۵۸۱۳ ؛ المحاسن ، ج ۱ ، المقدّمة ؛ الخصال ، ص ۱۳۴ ، ح ۱۴۵ ؛ الاختصاص ، ص ۲۴۰ .

4.في المخطوطة: «لم»، والمناسب ما اُثبت.

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق: سليماني الاشتياني،مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 196370
صفحه از 627
پرینت  ارسال به