187
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

والعموم يتناول الوجهين ، والصَّدْم: ضرب الشيء [الصُّلب] بمثله ، و«الصَّدْمة» : الحملة ، وصَدَمَه صَدْماً : ضربه بجسده .
وأمّا قوله : «دفن البنات من المكرمات» ، فإنّما قاله كذلك لأنّ النساء عوراتٌ ، وأمرُ العورة أشدّ ، وحالها أخوف وأهول من الذُّكور ، فلذلك جعل دفنهنّ مَكرُمةً لهنّ ؛ لما فيه من الفراغ المتعلّق بهنّ .
وروي أنّه خرج هذا الكلام عنه عليه السلام في ابنته رقية ، وقد كان كفي أمرها وسترها وترويحها .
وقريب منه قوله عليه السلام : «نِعمَ خَتَنُ الرجل القبر» . وفي رواية : «نِعمَ الخَتَن القبر» . ۱
وكان ابن عبّاس في سفر فنُعِيَتْ إليه بنتٌ فاستَرجع ، ثمّ قال : «عورة سُترت ، ومؤونة كُفيت ، وأجرٌ سبق إلينا» ، ثمّ نزل فصلّى ركعتين وقال : فَعَلْنا أمر اللّه في قوله : « وَ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَ الصَّلَوةِ »۲ . ۳
وقال الحسن : «البنون نِعَم ، والبنات حسنات ، فالنِّعَم مسؤولٌ عنها ، والحسنات مُثاب عليها»۴ ؛ قال تعالى : « الْمَالُ وَ الْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَ الْبَـقِيَـتُ الصَّــلِحَـتُ »۵ هنّ البنات» ۶ ، فعلى هذا معنى الخبر ـ أي دفن البنات زيادة في الحسنات والمكرمات ـ للمحتسبين بهنّ .
وقيل : أراد بذلك ما وعد اللّه أصحاب المصائب من الكرامة والرحمة .
والخبران بعده فإنّما ذكر فيهما مقدار الأعمار على الأغلب والعموم ، وإلّا

1.لم نعثر على الروايتين في موضع .

2.البقرة (۲) : ۴۵ .

3.راجع : فيض القدير ، ج ۳ ، ص ۷۱۲ ؛ كشف الخفاء ، ج ۲ ، ص ۷۴ .

4.ضوء الشهاب (المخطوط) (عن الحسن عليه السلام )؛ معارج الوصول إلى معرفة فضل آل الرسول، ص ۱۳۵ (عن الصادق عليه السلام ).

5.الكهف (۱۸) : ۴۶ .

6.راجع : تفسير السلمي ، ج ۱ ، ص ۴۱۰ ؛ زاد المسير ، ج ۵ ، ص ۱۰۴ ؛ تفسير القرطبي ، ج ۱۰ ، ص ۴۱۶ .


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
186

۱۸۶.المَكْرُ وَالخَدِيعَةُ فِي النَّارِ . ۱

بيان الخبر الأوّل في تمامه وهو : «فإن نجا منه فما بعده أيسر منه ، وإن لم ينجح منه فما بعده أشدّ منه» ، وفيه دليل على أنّ عذاب القبر حقّ .
وقال عليه السلام : «القبر روضة من رياض الجنّة أو حفرة من حُفر النار»۲ ، فأهل القبور بعضهم في غبطةٍ وبعضهم في شدّة .
فقال أبو عبيد في معنى الخبر الثاني : إنّ كلّ ذي مَرْزِئَةٍ ۳ ومصيبة فإنّ قصاراه وعاقبته الصبر ، ولكنّه إنّما يحمده على أن يكون عند حدّة المصيبة وحرارتها . بيّنَ عليه السلام أنّ الصبر المحمود المأجور عليه صاحبه هو ما كان عند ۴ مفاجأة المصيبة وهي عند الصدمة الاُولى دون ما بعدها ؛ فإنّه إذا طالت الأيّام عليها يقع السَّلْو ويصير الصبر حينئذٍ طبعاً ، فلم يكن للآخرة موضع .
وقيل في سببه أنّه عليه السلام مرَّ بقبر تبكي عليه امرأة بكاءً شديداً ، فعزّاها عليه السلام فلم تلتفت إليه ، فقيل لها : أوَ تدرينَ مَنْ هذا؟ فقالت : لا . فقيل : هو رسول اللّه . فجاءت خلفه ، فقالت: كيف يكون أجري، وكيف يكون حالي؟ فقال عليه السلام : «الصبر عند الصدمة الاُولى» . ۵
وقيل : معناه أمر بالصبر في أوّل حملة العدوّ في الحرب ؛ فإنّه هو النافع .
ووصّى بعض ملوك العرب قومه في محاربة العجم فقال : «احتمِلوا رِشْقاً واحداً ۶ وخالِطوهم بالسيف» .

1.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۱۷۵ ، ح ۲۵۳ و ۲۵۴ ؛ المصنّف ، ج ۹ ، ص ۲۳۴ ، ح ۱۷۰۵۴ ؛ مسند إبن راهويه ، ج ۱ ، ص ۳۷۰ ، ح ۳۸۱ ؛ المعجم الصغير ، ج ۱ ، ص ۲۶۱ . الكافي ، ج ۲ ، ص ۳۳۶ ، ح ۱ (وفيه مع اختلاف يسير عن الإمام على عليه السلام ) ؛ الأمالي للصدوق ، ص ۳۴۴ ، ح ۵ ؛ ثواب الأعمال ، ص ۲۷۰ ؛ عيون الأخبار ، ج ۱ ، ص ۵۵ ، ح ۱۹۴ ؛ تحف العقول ، ص ۱۵۴ .

2.الكافي ، ج ۳ ، ص ۲۴۲ ، ح ۲ ؛ الغارات ، ج ۱ ، ص ۲۳۹ ؛ الأمالي للمفيد ، ص ۲۶۵ .

3.المَرْزِئَة والرزيّة : المصيبة ، والجمع أرزاء ورزايا . «لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۸۶ (رزأ) » .

4.في المخطوطة : «عنده» ، والظاهر أنّه تصحيف .

5.راجع : المصنّف ، ج ۳ ، ص ۵۵۱ .

6.[قال] أبو عبيد : الرِّشْق : الوجه من الرمي إذا رَمَوا بأجمعهم وجها بجميع سهامهم في جهة واحدة ، قالوا : رَمَينا رِشقا واحدا ، ورَمَوا رِشقا واحدا أو عَلى رِشق واحد ، أي وجها واحدا بجميع سهامهم . «لسان العرب ، ج ۱۰، ص ۱۱۷ (رشق)» .

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق: سليماني الاشتياني،مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 198790
صفحه از 627
پرینت  ارسال به