فإن قيل : لِمَ أجزاء النبوّة ستّة وعشرين جزءاً؟ قلنا : روى ابن بابويه في كتاب النبوّة ۱ أنّ محمّداً لمّا أتاه جبرئيل عليهماالسلام وأمره أن يقول للناس أنّه رسول اللّه إليهم ويعلّمهم معالِم الدِّين ، كان له أربعون سنة ، فعاش بعد ذلك ثلاثة وعشرين سنة بمكّة والمدينة ، وكان عليه السلام يوحي إليه في خاصّة نفسه قبل ذلك بثلاث سنين ، ومن قبل هذا منذ حال تكليفه كان محدَّثاً بأحكام شرعيّة يحتاج إليها بنَكْتٍ في القلب ونَقْرٍ في السمع وإلهام ، فيكون جملة مدّة نبوّته ستّاً وعشرين سنة ، فأشار بهذا الحديث إلى عظم شأن هذه الخصال الثلاث التي فاتحتها التُّؤَدَة ، وخاتمتها الصمت ، وواسطتها الاقتصاد .
وقيل : إنّ مجموع هذه الثلاثة أو الأربعة التي رويناها أوّلاً جزءٌ من ستّة وعشرين جزءاً من النبوّة ، فمراده ـ واللّه أعلم ـ : أنّ اللّه سبحانه علّمني هذه الثلاثة الخصال في سنة تامّة ، ولم يُنزِل عليَّ ولم يوحِ إليَّ في تلك السنة إلّا الوصيّة بهذه الأشياء ، فكأنّها جزءٌ من أجزاء نبوّتي .
و«التَّؤُدَةُ» : الرفق ؛ يُقال : اتَّئِدْ يا فلان، أي ارفق ، والمقتصد ۲ في القرآن هو من كان بين السابق والظالم .
۲۳۰.الأَنْبِيَاءُ قَادَةٌ ، وَالفُقَهَاءُ سَادَةٌ ، وَمُجَالَسَتَهُمْ زِيَادَةٌ . ۳
۲۳۱.المُتَشَبِّعُ بِمَا لَا يَمْلِكُ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ . ۴
1.كتاب النبوة لمحمّد بن علي بن بابويه الصدوق، ذكره النجاشي، ينقل عنه جمال الدين يوسف بن حاتم الفقيه الشامى تلميذ المحقق الحلي، وينقل عنه ايضا ابن طاووس في الدر النظيم و الإقبال. راجع: رجال النجاشي، ص ۳۸۹، الرقم ۱۰۴۹؛ الذريعة، ج ۲۴، ص ۴۰، الرقم ۲۰۰.
2.في المخطوطة : «والمقصد».
3.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۲۰۳ ، ح ۳۰۷ ؛ الجامع الصغير ، ج ۱ ، ص ۴۷۷ ، ح ۳۰۹۰ ؛ كنزالعمّال ، ج ۱۵ ، ص ۹۳۴ ، ح ۴۳۶۰۳ ؛ كشف الخفاء ، ج ۱ ، ص ۲۰۵ ، ح ۶۲۰ . الأمالي للطوسي ، ص ۴۷۳ ، ح ۱ ؛ عوالي اللئالي ، ج ۴ ، ص ۷۳ ، ح ۵۱ ؛ بحارالأنوار ، ج ۱ ، ص ۲۰۱ ، ح ۱۰ (وفيه عن الأمالي للطوسي) .
4.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۲۰۴ ، ۳۰۸ و ۳۰۹ ؛ مسند أحمد ، ج ۶ ، ص ۹۰ و ۱۶۷ و ۳۴۵ ؛ صحيح البخاري ، ج ۶ ، ص ۱۵۶ ؛ صحيح مسلم ، ج ۶ ، ص ۱۶۹ ؛ سنن أبي داود ، ج ۲ ، ص ۴۷۶ ، ح ۴۹۹۷ ؛ السنن الكبرى ، ج ۶ ، ص ۱۸۲ ، منية المريد ، ص ۱۷۹ و ۲۱۷ ؛ بحارالأنوار ، ج ۲ ، ص ۱۲۳ ، ح ۴۶ (عن منية المريد) .