281
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

و«عسى» مع «أن» ثمّ يتداخلان .
وقال بعض أهل العلم : لولا حديثُ رسول اللّه لأسقطت «أن» هاهنا . والمعنى : كاد وقرب الفقر لصاحبه الذي لا يرضى بحكم ربّه تعالى أن يكون كفراً ؛ أي جحوداً عن معرفة عظمته ومواقع نعمه عليه . و«الكفر» أصله التغطية .
وقيل : أراد به فقر القلب وهو عدم القناعة . وقيل : أراد الفقر الذي لا صبر فيه .
وقيل : الفقر الذي لا يتلقّاهُ بالقبول ، ولأبعده من اللّه نعمة عليه ، وقرّب الحسد لصاحبه : أن يسخط قضاء ربّه وقدره بحسده على أخيه بفضل آلاء اللّه عليه ، ويرى عافيته وسلامة بدنه ، وجحد هذه النِّعمة واستصغرها ، وهي أعظم من المال الذي عند الغير . وقيل : معناه : يَجحد الحاسِد قَدَر اللّه وحُكمه في محسوده .
ومعنى الخبر الثالث : أنّ مَن عرف الناس فهو مخصوص بالبلاء ، ومن لم يعرفهم ـ أي لم يخالطهم ـ يعيش أنعم عيش ، وحاله أسهل بين أحوالهم .
وفيه حثّ على الاعتزال عن الخلق والاشتغال بطاعة الحقّ ، و«البلاءُ» أصله الامتحان ؛ واللّه يبلو عباده بالصنع الجميل ليمتحن شكرهم ، وبالبلوى التي يكرهونها ليمتحن صبرهم ، فقيل : للحسنى بلاء .
ومعنى الخبر الأخير : أنّ المؤمن يمكن أن يورد في كلّ أمرٍ مباح فيتخلّق بكلّ ما يُراد منه ويقترح عليه من المطعم والمشرب والرغبة والزهادة فيهما وغيرهما من الأخلاق إلّا الغدر والكذب ؛ فإنّه لا يخون ولا يكذب وإن دُعي إلى ذلك .
وقيل : مفهومه : أنّ المؤمن يركب كلّ ذنبٍ وخطيئةٍ ويَخلط العمل الصالح بالسيّئ والطالح ، إلّا الخيانة وهو نقض العهد ، وإلّا الكذب وهو خلاف الصدق ؛ فإنّه لايرتكبها عمداً ، ولا يستمرّ بها قصداً .
وروي هذا على خبرين ؛ أحدهما : «يطبع المؤمن على كلّ خُلقٍ» ، والثاني : «ليس الخيانة والكذب في الدِّين» .
والذي حَمَلَ الرُّواة على أنّهم جعلوا خبرين أنّهم لم يعرفوا أنّ «ليس» هاهنا للاستثناء بمعنى إلّا .


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
280

۳۷۹.أَبَى اللّهُ أَنْ يَرْزُقَ عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ إِلَا مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُ . ۱

۳۸۰.كَادَ الْفَقْرُ أَنْ يَكُونَ كُفْراً ، وَكَادَ الْحَسَدُ أَنْ يَغْلِبَ الْقَدَرَ . ۲

۳۸۱.خُصَّ الْبَلَاءُ بِمَنْ عَرَفَ النَّاسَ ، وَعَاشَ فِيهِمْ مَنْ لَمْ يَعْرِفْهُمْ . ۳

۳۸۲.يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلى كُلِّ خُلُقٍ لَيْسَ الْخِيَانَةَ والكَذِبَ . ۴

قطع عليه السلام أوّلاً أنّ رزق كلّ عبدٍ لا يأتيه من حيث علمه ، وإنّما يأتي من حيث لا يعلمه على الأغلب ، و«أبى» أي مَنَعَ ، وقيل : الإباء في صفة اللّه ضدّ الرضاء ، ومفهومه أنّه لا يجوز للمؤمن أن يتّكل على الخلق دون اللّه تعالى .
وسُئل الصادق عليه السلام : لِمَ مَنَعَ اللّهُ أن يَرزق المؤمنين إلّا من حيث لا يحتسبون؟ فيُقال : «ليَكثر دعاؤهم للرزق فيكثر ثوابهم» . ۵
و«كاد» في الخبرين بمعنى : قرب ، وقيل : كادَهم ولم يفعل ، و«كاد» يستعمل بغير «أن» في الأكثر كقوله : «كَادُواْ يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا» ، « تَكَادُ السَّمَـوَ تُ يَتَفَطَّرْنَ »۶ ،

1.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۳۴۱ ، ح ۵۸۵ ؛ فتح الوهّاب ، ج ۱ ، ص ۱۸۶ ؛ التمهيد لابن عبد البرّ ، ص ۲۱ ، ح ۲۱ ؛ الجامع الصغير ، ج ۱ ، ص ۱۰ ، ح ۳۶ ، و ص ۱۴۴ ، ح ۶۹۷ ، و ص ۱۶۷ ، ح ۸۳۸ ؛ و ج ۳ ، ص ۱۰۱ ، ح ۵۶۸۵ ؛ و ج ۱۶ ، ص ۱۴۱ ، ح ۴۴۱۷۳ ؛ كشف الخفاء ، ج ۱ ، ص ۳۴ ، ح ۵۸ . الرواشح السماويّة ، ص ۲۸۵ ؛ جامع السعادات ، ج ۲ ، ص ۸۲ .

2.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۳۴۲ و ۳۴۳ ، ح ۵۸۶ و ۵۸۷ ؛ تحفة الأحوذي ، ج ۷ ، ص ۱۷ ؛ و ج ۱۰ ، ص ۴۵ ؛ كتاب الدعاء للطبراني ، ص ۳۲۰ ، ح ۱۰۴۸ ؛ الكامل ، ج ۷ ، ص ۲۳۷ ؛ الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۲۶۶ ، ح ۶۱۹۹ ؛ كنزالعمّال ، ج ۶ ، ص ۴۹۲ ، ح ۱۶۶۸۲ . الكافي ، ج ۲ ، ص ۳۰۷ ، ح ۴ ؛ الأمالي للصدوق ، ص ۳۷۱ ، ح ۶ ؛ الخصال ، ج ۱۲ ، ص ۴۰ ؛ عوالي اللئالي ، ج ۱ ، ص ۴۰ ، ح ۴۰ ؛ و ج ۲ ، ص ۷۱ ، ح ۱۸۴ .

3.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۳۴۳ ، ح ۵۸۸ ؛ الجامع الصغير ، ج ۱ ، ص ۶۰۳ ، ح ۳۹۱۰ ؛ كنزالعمّال ، ج ۳ ، ص ۱۵۴ ، ح ۵۹۳۷ ؛ فيض القدير ، ج ۳ ، ص ۵۸۵ ، ح ۳۹۱۰ ؛ كشف الخفاء ، ج ۱ ، ص ۳۷۷ ، ح ۱۲۱۱ .

4.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۳۴۴ و ۳۴۵ ، ح ۵۸۹ ـ ۵۹۱ ؛ مسند أبي يعلى ، ج ۱ ، ص ۴۷ ؛ العلل للدارقطني ، ج ۱ ، ص ۲۵۵ ، ح ۲ ؛ الكامل ، ج ۱ ، ص ۳۰ ؛ و ج ۴ ، ص ۳۲۳ ؛ الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۷۶۲ ، ح ۱۰۰۱۴ ؛ كنزالعمّال ، ج ۳ ، ص ۴۶۸ ، ح ۷۴۶۷ .

5.لم نعثر على الخبر في موضع .

6.مريم (۱۹) : ۸۹ .

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق: سليماني الاشتياني،مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 213386
صفحه از 627
پرینت  ارسال به