283
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

يعني : اترُكوا الأمل للدُّنيا والحرص فيها وعليها ، فهذه الدُّور التي بنيتموها لا تسكنوها ، وهذا المال الذي جمعتم لا تأكلونه ، وما ترجونه لا تدركونه . كم رأيت ممّن دخل في يومٍ وما أتمّه ، قد مات فيه ! فكم رأيت ممّن رجا العُمر الطويل فما عاش إلى غدٍ !
ثمّ نهى عن مباشرة هذه الأفعال بأنّ نبّه 1 ما وراءها آفات شديدة ؛ نحو من هو غافل ولا يُغفل عنه ، ومَن يطلب وهو مطلوب الموت ، ومَن يضحك ساهياً ولعلّ ضحكه سبب سخط اللّه . وهذه الاُمور الثلاثة بحيث يتعجّب منها ، فإذا تفكّر فيها المرء حذر عن الوقوع فيها مدّة حياته ، واشتغل بما يعنيه من الاُمور الواجبة عليه .
ثمّ قال : إنّي عجبت ممّن يؤمن بدار البقاء كيف يعمل لدار الفناء ! وعجبت عجباً لأجل المؤمن كيف يحزن لقضاءٍ مُرٍّ يَقضي اللّه عليه من مصيبةٍ وبلاءٍ مصلحةً له في الدِّين !
ثمّ حَلَفَ أنّه تعالى لا يحكم لمؤمن بشيء إلّا كان ذلك خيراً له ، والحزن لا يكون مع الرضا بالقضاء .
وقوله : «يا عجباً كلّ العجب» في إعرابه ثلاثة أوجهٍ ؛ إمّا أن يكون «يا عجباً» نُدبة و«كلّ العجب» بدله ، وإمّا أن يكون أصله «يا عجباً» و«كلّ العجب» صفته ، ولا يكون معرفة لفظ إبهامُه كقولك : رأيت رجلاً مثل زيدٍ ، وإمّا أن يكون المعنى : يا عجبي ، وهو لغة طيّ يقولون : هذه داراً وهذا غلاماً ؛ أي داري وغلامي ؛ أبدلوا الألف من الياء في ضمير المتكلّم ، ووافقتهم العرب في نحو : يا حسرتا ويا لهفا ، فمن ذهب إلى هذا مآلاً يصحّ 2 أن يُقال هو وَقَفَ على المنصوب المنوّن ؛ لأنّه نكرة ، والنكرة لا يوصف بالمعرفة ، و«كلّ العجب» على هذا نُصِبَ على المصدر ، و«عجباً» منادى في الأحوال . ويجوز أن يكون المنادى محذوفاً ؛ أي : يا رجلُ عجباً .
وروي : «عجباً للمؤمن لا يرضى بقضاء اللّه ! فواللّه لا يقضي اللّه للمؤمن من قضاء إلّا كان خيراً

1.كذا تقرأ في المخطوطة .

2.في المخطوطة : «مال لا يصحّ» .


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
282

۳۸۳.تَبْنُونَ مَا لَا تَسْكُنُونَ ، وَتَجْمَعُونَ مَا لَا تَأْكُلُونَ ، وَتَأْمَلُونَ مَا لَا تُدْرِكُونَ . ۱۲

۳۸۴.كَمْ مِنْ مُسْتَقْبِلٍ يَوْماً لَا يَسْتَكْمِلُهُ ، وَمُنْتَظِرٌ غداً لَا يَبْلُغُهُ . ۳

۳۸۵.عَجِبْتُ لِغَافِلٍ وَلَا يُغْفَلُ عَنْهُ ، وَعَجِْبتُ لِمُؤَمِّلِ الدُّنْيَا ۴ وَالْمَوْتُ يَطْلُبُهُ ، وَعَجِبْتُ لِضَاحِكٍ مِلْ ءَ فِيهِ وَلَا يَدْرِي أَ أَرْضَى اللّهَ أَمْ أَسْخَطَهُ؟! ۵

۳۸۶.يَا عَجَباً كُلَّ الْعَجَبِ لِلْمُصَدِّقِ بِدَارِ الْخُلُودِ ، وَهُوَ يَسْعى لِدَارِ الْغُرُورِ! ۶

۳۸۷.عَجَباً لِلْمُؤْمِنِ لَا يَرْضى بِقَضَاءِ اللّهِ ۷ ؛ فَوَاللّهِ لَا يَقْضِي اللّهُ لِلْمُؤْمِنِ قَضَاءً إِلَا كَانَ خَيْراً لَهُ . ۸

1.مسند الشهاب: - «و تأمَلونَ ما لا تُدْركونَ».

2.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۳۴۵ ، ح ۵۹۲ ؛ الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۲۹۸ ، ح ۶۴۳۳ ؛ تاريخ مدينة دمشق ، ج ۴۷ ، ص ۱۳۱ ؛ كشف الخفاء ، ج ۲ ، ص ۱۳۵ ، ح ۲۰۲۳ . أعلام الدين ، ص ۱۴۶ ؛ كنزالفوائد ، ص ۱۶۰ ؛ بحارالأنوار ، ج ۷۰ ، ص ۸۱ ، ذيل ح ۴۳ .

3.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۳۴۵ ، ح ۵۹۳ ؛ المصنّف ، ج ۸ ، ص ۲۲۳ ، ح ۵ ؛ الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۲۹۶ ، ح ۶۴۱۹ ؛ تاريخ مدينة دمشق ، ج ۴۷ ، ص ۷۲ ؛ كنزالعمّال ، ج ۳ ، ص ۴۹۱ ، ح ۷۵۶۱ . الأمالي للطوسي ، ص ۵۲۶ ، ح ۱ ؛ أعلام الدين ، ص ۱۸۹ ؛ مكارم الأخلاق ، ص ۴۵۹ ؛ بحارالأنوار ، ج ۷۴ ، ص ۷۴ ، ح ۳ (وفيه عن مكارم الأخلاق) .

4.في مسند الشهاب : «دنيا» بدون الألف واللام .

5.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۳۴۶ ، ح ۵۹۴ ؛ الكامل لابن عدي ، ج ۲ ، ص ۷۹ ؛ كتاب المجروحين ، ج ۱ ، ص ۲۶۲ (مع الاختلاف فيهما) ؛ الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۱۴۹ ، ح ۵۳۹۳ ؛ كنزالعمّال ، ج ۱۵ ، ص ۸۵۵ ، ح ۴۳۴۰۴ ؛ و ج ۱۶ ، ص ۶۶ ، ح ۴۳۹۶۱ . الأمالي للمفيد ، ص ۷۵ ، ح ۹ ؛ بحارالأنوار ، ج ۷۴ ، ص ۱۳۰ ، ح ۳۸ (وفيه عن الأمالي للمفيد) .

6.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۳۴۷ ، ح ۵۹۵ ؛ الدرّ المنثور ، ج ۵ ، ص ۱۴۹ ؛ فتح القدير ، ج ۴ ، ص ۲۱۳ ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، ج ۱۹ ، ص ۳۳۰ . المحاسن ، ج ۱ ، ص ۲۴۲ ؛ بحارالأنوار ، ج ۷۵ ، ص ۱۸۴ ، ح ۱۰ (عن المحاسن) ؛ جامع السعادات ، ج ۲ ، ص ۱۹ .

7.في مسند الشهاب و ترك الإطناب و شرح فارسى شهاب الأخبار «دانش پژوه» : ـ «لا يرضى بقضاء اللّه » .

8.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۳۴۸ ، ح ۵۹۶ ؛ مسند أحمد ، ج ۳ ، ص ۱۸۴ ؛ الحلية ، ۱ ، ص ۱۵۴ ؛ مسند أبي يعلى ، ج ۱ ، ص ۱۹۹ ؛ مجمع الزوائد ، ج ۷ ، ص ۲۱۰ ؛ تفسير إبن كثير ، ج ۲ ، ص ۴۵۴ (مع الاختلاف في الثلاثة الأخيرة) .

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق: سليماني الاشتياني،مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 213338
صفحه از 627
پرینت  ارسال به