291
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

و«الجِذع» : الخشبة التي توضع على السطح كجذع النخلة . ۱
يريد بالخبر رجلاً يعيب الفسّاق وهو أخبث منهم قولاً وعملاً .
وقوله : «كبرت خيانة» ، يجوز الرفع في الخيانة على الفاعلية ، والنصب أقوى عربيةً وسماعاً ، وفيه معنى التعجّب كأنّه قال : ما أكبرها خيانةً ، كقوله تعالى « كَبُرَتْ »۲ خيانة ، وإن تحدِّث في موضع الصفة للخيانة يفيد استعظاماً لاجترائهم على ذلك ؛ أي : عظمت الخيانة خيانة أن يظنّ المسلمون بك خيراً وأنت شرّير ، وما أكبرها من خيانة تحدّثك كاذباً لمؤمن بحديث يصدّقك فيه .
نبّه عليه السلام أن لا يَعتاد المسلم هذا الفعل المكروه . والخيانة تنقص وتدخل في القول كما يدخل في الفعل ، وصاحبها مأخوذٌ بها .
وقيل : «أن تحدّث أخاك» مبتدأ وما قبله خبر ، وقيل : بدل من الفاعل المضمر في كبرت .

۳۹۹.كأنّ الحَقَّ فِيهَا عَلى غَيْرِنَا وَجَبَ ، وَكَأَنَّ الْمَوْتَ فِيهَا عَلى غَيْرِنَا كُتِبَ ، وَكَأَنَّ الَّذِينَ نُشَيِّعُ مِنَ الْأمْوَاتِ سَفْرٌ عَمَّا قَلِيلٍ إِلَيْنَا عَائِدُونَ ، نُبَوِّؤُهُمْ أَجْدَاثَهُمْ ، وَنَأْكُلُ تُرَاثَهُمْ ، كَأَنَّا مُخَلَّدُونَ بَعْدَهُمْ ، قَدْ نَسِينَا كُلَّ وَاعِظَةٍ ، وَأَمِنَّا كُلَّ جَائِحَةٍ . ۳

1.اُنظر : لسان العرب ، ج ۸ ، ص ۴۵ (جذع) .

2.الكهف (۱۸) : ۵ . وتمام الآية مع الآية السابقة هكذا : «وَ يُنذِرَ الَّذِينَ قَالُواْ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا * مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَ لَا لِأَبَآئِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَ هِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَا كَذِبًا» .

3.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۳۵۸ ، ح ۶۱۳ ؛ كنزالعمّال ، ج ۱۶ ، ص ۱۲۵ ، ح ۴۴۱۵۰ ؛ تذكرة الموضوعات للفتني ، ص ۲۰۰ ؛ كتاب المجروحين ، لابن حبّان ، ج ۱ ، ص ۹۷ ؛ الموضوعات لابن الجوزي ، ج ۳ ، ص ۱۷۸ ؛ تاريخ اليعقوبي ، ج ۲ ، ص ۱۰۰ . تفسير القمي ، ج ۲ ، ص ۷۰ ؛ تفسير نور الثقلين ، ج ۳ ، ص ۴۲۸ ، ح ۶۶ ؛ أعلام الدين في صفات المؤمنين ، ص ۳۳۱ .


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
290

والمعنى الثاني : أنّه أظهر تقدمة السلف الصالح في الدِّين ومعرفة حقوقهم والدُّعاء لهم ؛ فإنّ كلّ من كان أقدم زماناً كان خيراً ممّن كان بعده ، إلى زماننا هذا الذي كان أكثر الناس فيهم كرذالة التمر والشعير ؛ أي : عليكم بحفّاظهم ؛ فإنّهم أسرع ذهاباً من أراذل الناس الذين لا يُجيبُ اللّه لهم دعاءً ولا يقبل لهم طاعةً .
و«الحُثالة» : الرذالة من كلّ شيء . ۱
وفي ضمن الحديث أنّه ينبغي أن يذهب الصالحون أوّلاً ، ويبقى الطالحون لعلّهم يتوبون ، وينجو من بلاء الدُّنيا الصالحون .
وقوله : «لا يُبالي اللّه بهم» ؛ أي : لا يرفع لهم قدراً ، ولا يقيم لهم وزناً ، و«الأوّل فالأوّل» بالرفع بدل الصالحون ، والنصب فيهما على أنّه بدل أسلافاً . «أسلافاً» أي متقدّمين ، الواحد سَلَفٌ ، والسلف جمع سالف كخادِم وخَدَم ، والأسلاف جمع الجمع .
وقال عليه السلام : «لا تَقوم الساعة إلّا على حُثالةٍ من الناس۲» وهي الرديء من كلّ شيء .
وقال : «كيف بكم وبزمان تُغَربَل الناس فيه وتَبقى حُثالة من الناس؟»۳ أي تنتفي خيارهم ، فيهلكون بالقتل السريع والموت الذريع ۴ كما يغربل الحَبّ بالغربال ؛ فيسقط صغاره ، ويبقى خياره ويُؤخذ .
و«القَذى» : شيء يقع في العين وغيرِه ، والجمع أقذاء . ۵

1.اُنظر : لسان العرب ، ج ۱۱ ، ص ۱۴۲ (حثل) .

2.المعجم الكبير ، ج ۱۸ ، ص ۸۵ ؛ الاستيعاب ، ج ۳ ، ص ۱۲۴۵ ، ح ۲۰۴۱ ؛ الفائق في غريب الحديث ، ص ۲۲۶ .

3.راجع : سنن إبن ماجة ، ج ۲ ، ص ۱۳۰۷ ، ح ۳۹۵۷ ؛ المستدرك للحاكم ، ج ۲ ، ص ۱۵۹ ؛ السنن الكبرى ، ج ۸ ، ص ۱۶۵ .

4.الذريع : السريع . «لسان العرب ، ج ۸ ، ص ۹۷ (ذرع)» .

5.اُنظر : لسان العرب ، ج ۱۵ ، ص ۱۷۲ (قذى) .

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق: سليماني الاشتياني،مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 199735
صفحه از 627
پرینت  ارسال به