341
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

ثمّ قال : انظروا في اُمور الدُّنيا ؛ أي حال مَن هو دونكم وأقلّ مالاً منكم ؛ لتستعظموا نعمة اللّه عليكم ، فتكونوا ۱ إلى شكره تعالى أقرب . ولا تنظروا إلى من له مال كثير أضعاف ما عندكم ، فتحتقروا نِعم اللّه التي عندكم ، فتقربوا ۲ من الكفران. تزدروا ؛ أي : لا تستصغروا ولا تستحقروا .
والصحيح «أسفلَ» بالنصب صفة محذوف هو ظرفٌ كقوله : « وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ »۳ أي : الركب ثَبَتَ مكاناً أسفل منكم .
وقوله : «فإنّه» الهاء للأمر ، «ألّا تزدروا» مبتدأ و«أجدر» خبره ، ويجوز أن يكون الضمير للنظر الدالّ عليه «انظروا» ، و«أجدر» خبر «إنّ» و«ألّا تزدروا» بدلاً من الضمير ، ويجوز أن يكون «أن لا» بمعنى «لئلّا» كقوله تعالى : « عُتُلِّم بَعْدَ ذَ لِكَ زَنِيمٍ * أَن كَانَ »۴ لأنْ كان . ثمّ قال : نحِّ ما يتأذّى به المسلمون من طريقهم ؛ ليتضاعف لك الحسنات .
وقال عليه السلام : «إماطة الأذى عن الطريق صدقة» . ۵ و«أماط» : أي أبعد .
ثمّ أمر بالاعتدال في الحبّ والبغض ، ونهى عن الإفراط في المعنيين ؛ أي : أحبِبْه حبّاً هوناً أي سهلاً يسيراً . والمعنى : لا تُطلعه على جميع أسرارك ؛ فلعلّه يتغيّر يوماً عن مودّتك ، و«ما» تأكيد ويجوز أن يكون للإبهام؛ أي : حبّاً مبهماً لا يكثر ولا يظهر كما يقول أعطى شيئاً ما ؛ أي شيئاً يقع عليه اسم العطاء وإن كان قليلاً ، وكذا بغضه بغضاً ذا قصد وذا رفق وهون لا إفراط فيه ولا تفريط .
وروي هذا الحديث مرفوعاً ، ويروى موقوفاً عن عليّ عليه السلام .

1.في المخطوطة : «فيكونوا» ، والظاهر أنّه تصحيف .

2.في المخطوطة: «فيقربوا».

3.الأنفال (۸) : ۴۲ .

4.القلم (۶۸) : ۱۳ ـ ۱۴ .

5.مسند أحمد ، ج ۲ ، ص ۳۲۹ و ۳۵۰ ؛ و ج ۵ ، ص ۱۷۸ ؛ صحيح البخاري ، ج ۳ ، ص ۱۰۳ ؛ صحيح مسلم ، ج ۳ ، ص ۸۳ . الدعوات للراوندي ، ص ۹۸ ، ح ۲۳۰ ؛ مستدرك الوسائل ، ج ۷ ، ص ۲۴۲ ، ح ۸۱۴۴ و ۸۱۴۶ ؛ بحارالأنوار ، ج ۷۲ ، ص ۵۰ ، ح ۴ .


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
340

مَا عَسى أَنْ يَكُونَ حَبِيبَكَ يَوْماً مَا . ۱

۴۹۵.اُوصِيكَ بِتَقْوَى اللّهِ ؛ فَإِنَّهُ رَأْسُ أَمْرِكَ . ۲

يقول : أبدلوا شفقتكم وعونكم على هؤلاء الثلاثة ؛ لأنّهم جميعاً في هوانٍ ؛ لأنّ الفقر بعد الغنى يُعدُّ مِنَ المذلّة ، وكذا العزل من العزّ ، وكذلك العالم الذي يُستخفّ به ، ولا يَستخفّ باُولي العلم إلّا أحمق أو جاهل ، و «الأحمق» هو من يهدي ولا يدري أنّه يهدي . ۳
ثمّ قال : كلوا العشاء ، ولا يُقتصر على الغداء فقط ؛ لأنّ الأكلة الواحدة وهي التغدّي يضعّف الناس فيصير من يترك العشاء هَرِماً لا لكبر سنّه ، فأَمَرَهم بتناول الطعام مرّتين ؛ ليتقوّوا بذلك على العبادة وعلى قيام الليل . وقيل في تأويله : إنّ القوم يخفّفون من المطعم ، والمتغدّي منهم الغداء لا يبلغ الشبع أيضاً ، ومن كان غذاؤه هكذا احتاج إلى العشاء وأضرَّ به تركه وهرَّمه ، فلذلك أمرهم بالتعشّي ، و«الحشف» : رَديء من التمر ، و«الغداء» : طعام الغداة . و«العَشاء» : طعام الليل ، والعِشاء بكسر [العين] القرب من ابتداء وقت العصر إلى نصف الليل ، ونحو ذلك قولهم : «ترك العَشاء يورث العَشى» ثمَّ كَنَوا ۴ عن هذا فقالوا : ترك الممدود يورث المقصور .

1.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۴۳۰ ، ح ۷۳۹ ؛ الأدب المفرد للبخاري ، ص ۲۸۰ ، ح ۱۳۵۹ ؛ سنن الترمذي ، ج ۳ ، ص ۲۴۳ ، ح ۲۰۶۵ ؛ تحفة الأحوذي ، ج ۶ ، ص ۱۱۳ ؛ المصنّف ، ج ۸ ، ص ۳۴۱ ، ح ۱۴۴ ؛ المعجم الكبير ، ج ۷ ، ص ۲۵ ؛ المعجم الأوسط ، ج ۳ ، ص ۳۵۷ ؛ و ج ۵ ، ص ۲۱۳ ؛ و ج ۶ ، ص ۲۰۱ . نهج البلاغة ، ج ۴ ، ص ۶۴ ، الحكمة ۲۶۸ ؛ تحف العقول ، ص ۲۰۱؛ الأمالي للطوسي ، ص ۳۶۴ ، ح ۷۶۷ (وفي الثلاثة الأخيرة عن الإمام عليّ عليه السلام ) ؛ و ص ۶۲۲ ، ح ۲۱ ؛ كنزالفوائد ، ص ۲۶۵ .

2.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۴۳۱ ، ح ۷۴۰ ؛ تفسير إبن كثير ، ج ۱ ، ص ۶۰۰ ؛ تفسير الثعالبي ، ج ۵ ، ص ۵۷۹ . الأمالي للطوسي ، ص ۵۴۱ ، ح ۲ ؛ عوالي اللئالي ، ج ۱ ، ص ۹۴ ؛ أعلام الدين ، ص ۲۰۶ ؛ مكارم الأخلاق ، ص ۴۷۳ .

3.و يحتمل أنّه: «يُهدى ولا يدري أنّه يهدى» أيضا .

4.في المخطوطة : «تركنوا» بدل «ثم كَنَوا» .

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق: سليماني الاشتياني،مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 213296
صفحه از 627
پرینت  ارسال به