361
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

تبعتها ترحةٌ» 1 ؛ أي : ولا يؤكل الشهد إلّا بسمٍّ .
والخبران بعده في الرعيَّة وراعيها لهما وجهان :
أحدهما : أن يكون الراعي كافراً ، والمعنى : ما مكّن اللّه سيّد قومٍ لتسلّطه عليهم فلم ينصحهم ـ والدِّين النصيحة ـ إلّا عاقبه اللّه بحرمانه دخول الجنّة ، وكذلك إن مات على غشٍّ وخيانةٍ معهم .
والوجه الثاني ـ على تسليم أن يكون هذا الراعي مؤمناً ـ فمعناه : لم يجعل اللّه عبداً راعياً لقوم فلم يحفظها بعدله إلّا حرّم اللّه عليه درجات الجنّة . ومن ولّاهُ رسول اللّه والإمام فهو ممّن استرعاهُ اللّه ، و«الرعيّة» : هم الذين يحفظهم الراعي ، وراعيتُ الأمر : نظرت فيه ، وحاطه يحوطه ؛ أي : رعاه وكلأه ، والحِمار يَحوط عانته ؛ أي يجمعها . 2
وقال عليه السلام : «مَن وُلِّي من أمر المسلمين شيئاً فلم يعدل عليهم ، فعليه بهلة اللّه » 3 أي لعنة اللّه ، والراعي : الوالي ، والرعيّة : العامّة ، واسترعيته الشيء فرعاه .
روى الحسن أنّ عبيد اللّه بن زياد عاد معقل بن يسار في مرضه الذي توفّى فيه ، فقال له معقل : إنّي محدّثك بحديث لو علمتُ أنّي حيّ ما حدّثتك ؛ سمعت النبيّ عليه السلام يقول : «ما من عبد [استرعاه اللّه رعية فلم يحطها ... ]» إلى آخره . 4
ثمّ حثَّ من يستوزر على الصلاح والإصلاح فقال : ليس رجلٌ مسلم يكون له مثل أجر وزير إمام يطيع الإمام إذا أمره الإمام بطاعته تعالى وإصلاح حال عباد اللّه ؛ وإنّما يَعظم أجره لأنّه بين طاعتين لازمة ومتعدّية .

1.مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۲۱ ، ح ۸۰۳ . كنزالعمّال ، ج ۳ ، ص ۴۰۱ ، ح ۷۱۴۵ .

2.راجع : العين ، ج ۳ ، ص ۲۷۶ ؛ الصحاح ، ج ۳ ، ص ۱۱۲۱ ؛ معجم مقائيس اللغة ، ج ۲ ، ص ۱۲۰ ؛ لسان العرب ، ج ۷ ، ص ۲۷۹ (حوط) .

3.راجع : مسند أحمد ، ج ۱ ، ص ۶ ؛ المستدرك للحاكم ، ج ۴ ، ص ۹۳ ؛ العهود المحمّديّة ، ص ۷۸۹ .

4.راجع : صحيح البخاري : ج ۸ ، ص ۱۰۷ ؛ سنن الدارمي ، ج ۲ ، ص ۳۲۴ ؛ سبل السلام ، ج ۴ ، ص ۱۹۰ .


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
360

۵۳۵.مَا أَكْرَمَ شَابٌّ شَيْخاً لِسِنِّهِ إِلَا قَيَّضَ اللّهُ لَهُ عِنْدَ شَيْبِهِ مَنْ يُكْرِمُهُ . ۱

۵۳۶.مَا امْتَلَأَتْ دَارٌ حَبْرَةً إِلَا امْتَلَأَتْ عَبْرَةً ، وَمَا كَانَتْ فَرْحَةٌ إِلَا تَبِعَتْهَا تَرْحَةٌ . ۲

۵۳۷.مَا اسْتَرْعَى اللّهُ عَبْداً رَعِيَّةً فَلَمْ يَحُطْهَا بِنُصْحِهِ إِلَا حَرَّمَ اللّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ . ۳

۵۳۸.مَا مِنْ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمينَ أَعْظَمَ أَجْراً مِنْ وَزِيرٍ صَالِحٍ مَعَ إِمَامٍ عَادِلٍ يُطِيعُهُ وَيَأْمُرُهُ بِذَاتِ اللّهِ تَعَالى . ۴

حثَّ عليه السلام على حفظ قلوب المشايخ وترك الخلاف عليهم ، فقال : ما خدم شابٌّ قويٌّ شيخاً ضعيفاً لشيخوخيّته إلّا سبّب اللّه وسهَّل وعوّض عند كبر ذلك الشابّ وضعفه مَن يخدمه . وقيّض اللّه فلاناً لفلان ؛ أي : جاءه به وأَتاحه له ، ومنه ، قوله : «وَ قَيَّضْنَا لَهُمْ 5 قُرَنَآءَ » 6 .
والخبر الثاني : بيان أنّ الدُّنيا غير باقية وأنّ أحوالها لا تبقى على وجهٍ ، والمعنى : أنّ كثرة فرح الدُّنيا يكون بعدها كثرة حزنها، وقلّة الفرح فيها يتبعها أيضاً قلّة الحزن، فينبغي للعاقل أن لا يفرح بعزّها وملكها ومالها ونعيمها ؛ فكلّها إلى نفادٍ وفناء.
و«الحَبْرة» : الفرحة ، وضدّها «التَّرْحَة» وهي الحزن . 7 وروي : «و ما كانت فرحةٌ إلّا

1.مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۱۹ و ۲۰ ، ح ۸۰۱ و ۸۰۲ ؛ سنن الترمذي ، ج ۳ ، ص ۲۵۱ ، ح ۲۰۹۱ ؛ تحفة الأحوذي ، ج ۶ ، ص ۱۴۰ ؛ كتاب العمر والشيب لابن أبي الدنيا ، ص ۵۳ ، ح ۱۴ ؛ المعجم الأوسط ، ج ۶ ، ص ۹۴ ؛ الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۴۸۵ ، ح ۷۸۳۱ . مشكاة الأنوار ، ص ۲۹۳ ؛ بحارالأنوار ، ج ۷۲ ، ص ۱۳۷ ، ح ۴ (عن جامع الأخبار مع الاختلاف) ؛ مستدرك الوسائل ، ج ۸ ، ص ۳۹۳ ، ذيل ح ۹۷۷۲ .

2.مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۲۱ ، ح ۸۰۳ ؛ تاريخ مدينة دمشق ، ج ۴۵ ، ص ۲۳۰ ؛ كنزالعمّال ، ج ۳ ، ص ۴۰۱ ، ح ۷۱۴۵ (مع اختلاف يسير في الأخيرين) .

3.مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۲۱ ، ح ۸۰۴ ؛ الكامل لابن عدي ، ج ۶ ، ص ۲۰۰ ؛ تاريخ مدينة دمشق ، ج ۴۵ ، ص ۳۷۵ ؛ كنزالعمّال ، ج ۶ ، ص ۲۲ ، ح ۱۴۷۱۹ (مع الاختلاف فيه) .

4.مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۲۳ و ۲۴ ، ح ۸۰۷ و ۸۰۸ (وفيه : ـ «عادل») . تاريخ بغداد ، ج ۶ ، ص ۸۴ ؛ كنزالعمّال ، ج ۶ ، ص ۸۱ ، ح ۱۴۹۳۳ ؛ و ص ۸۴ ، ح ۱۴۹۴۶ (مع الاختلاف في الأخير) .

5.في المخطوطة : «فقيضنا» و بدون «له» ، فصحّحناه بما في القرآن .

6.فصّلت (۴۱) : ۲۵ .

7.اُنظر : العين ، ج ۳ ، ص ۲۱۸ ؛ لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۱۶۰ (حبر) .

تعداد بازدید : 196134
صفحه از 627
پرینت  ارسال به