363
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

الرجل المهذّب . وفيه دليل على أنّ المؤمن لا يصير كافراً ولا يزول عنه اسم الإيمان بارتكابه الذنوب وإن كانت كبائر .
وتمام الخبر : «ما من مؤمن إلّا وله ذنب قد اعتاده الفَيْنة بعد الفينة ، إنّ المؤمن مَن خُلق مفتَنّاً توّاباً ناسياً إذا ذُكِّر ذكر» . و«الفينة بعد الفينة» أي الساعة بعد الساعة والحين بعد الحين ، وهو أحد الأسماء التي يعتقب عليها التعريفان اللامي والعَلَمي . ۱
حكى أبو زيد ۲ : «لقيته فينةً والفينة» ، ونظيرها : لقيته سَحَرا والسَّحَر ۳ ، وإلاهة وإلالاهة ، وشعوب والشعوبُ . وقوله : «إلّا وله ذنب» صفة للمؤمن ، والواو مؤكّدة ، ومحلّ الصفة مرفوعٌ محمول على محلّ الجارّ والمجرور ؛ لأنّك لا تقول : ما من أحدٍ في الدار إلّا كريمٌ ، ولكن ترفعه .
ثمَّ حثَّ على إنفاق المال في رضا اللّه وترك البخل ؛ يقول : إنّ اللّه بحكمته أمر الملَكين الموكَّلين بالشمس أن يدعُوَا عند كلّ طلوع بهذا الدُّعاء وهو وقت الاستجابة ، ويسألا اللّه أن يُخلِف ويعوّض المنفقين في سبيل اللّه وعلى أنفسهم وعلى أهاليهم ، ويتلف ويعرّض للهلاك أموال البُخلاء .
وفيه تنبيه واضح على أنّه إذا اُنفق على وفق الشرع لا يفنى ، بل يكون صاحبه على مراقب الخلف من فضل اللّه ؛ وإذا اُمسك على طريق البخل لا يبقى ، بل يكون على مراصد التلف والهلاك وفقدان الخَلَف . وفيه تحريض على الجود والسخاء وفعل الكرم ، ونهي عن اللؤم والدناءة .
ثمّ حذّر عن أمرين مضرّين فقال : إيّاكم وحبّ الشرف وحبّ المال في الدُّنيا ؛

1.انظر : الفائق في غريب الحديث للزمخشري ، ج ۳ ، ص ۵۹ باب الفاء مع الياء .

2.سعيد بن أوس بن ثابت بن بشير بن قيس، أبو زيد الأنصاري، كان إماما نحويا، صاحب تصانيف أدبية ولغوية وغلبت عليه اللغة، روى عن رؤية بن العجاج و عمرو بن عبيد و أبي عبيد القاسم بن سلام و طائفة. مات سنة خمس عشر و مئتين و قيل: أربع عشر، وقيل: ستّ عشرة، عن ثلاث و تسعين سنة بالبصرة. راجع: بغية الوعاة، ج ۱، ص ۵۸۲.

3.في المخطوطة : «لفينه سحر والسحر» ، والصحيح ما أثبتناه بما في الفائق في غريب الحديث الباب المذكور آنفا .


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
362

۵۳۹.مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَا وَلَهُ ذَنْبٌ يُصِيبُهُ الْفَيْنَةَ بَعْدَ الْفَيْنَةِ لَا يُفَارِقُهُ حَتّى يُفَارِقَ الدُّنْيَا . ۱

۵۴۰.مَا طَلَعَتْ شَمْسٌ قَطُّ إِلَا وَبِجَنْبَتَيْهَا مَلَكَانِ يَقُولَانِ : اللّهُمَّ عَجِّلْ لِمُنْفِقٍ خَلَفاً وَ [عَجِّلْ] لِمُمْسِكٍ تَلَفاً . ۲

۵۴۱.مَا ذِئْبَانِ ضَارِيَانِ فِي زَرِيبَةِ غَنَمٍ بِأَسْرَعَ فِيهَا مِنْ حُبِّ الشَّرَفِ وَالْمَالِ فِي دِينِ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ . ۳

۵۴۲.مَا عُبِدَ اللّهُ بِشَيْءٍ أَفْضَلَ مِنْ فِقْهٍ فِي دِينٍ . ۴

۵۴۳.مَا مِنْ شَيْءٍ اُطِيعَ اللّهُ فِيهِ بِأَعْجَلَ ثَوَاباً مِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ ، وَمَا مِنْ شَيْءٍ ۵ يُعْصَى اللّهُ فِيهِ بِأَعْجَلَ عُقُوبَةً مِنْ بَغْيٍ . ۶

يقول : أكثر المؤمنين في الذنوب ، فلا تعيبوهم إذا ارتكبوا جريمة ؛ فإنّ كلّ واحدٍ من المؤمنين قد اعتاد ذنباً يعود إليه وقتاً بعد وقت إلى آخر عمره ، ثمّ يتوب وأيّ

1.مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۲۴ ، ح ۸۰۹ ؛ المعجم الأوسط ، ج ۶ ، ص ۸۹ ؛ المعجم الكبير ، ج ۱۲ ، ص ۴۴ .

2.مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۲۵ ، ح ۸۱۰ . مسند أحمد ، ج ۵ ، ص ۱۹۷ ؛ المستدرك للحاكم ، ج ۲ ، ص ۴۴۵ ؛ مسند أبي داود الطيالسي ، ص ۱۳۱ ؛ المعجم الأوسط ، ج ۷ ، ص ۲۳۶ ؛ كنزالعمّال ، ج ۶ ، ص ۳۷۴ ، ح ۱۶۱۲۲ . مستدرك الوسائل ، ج ۷ ، ص ۳۱ ، ح ۷۵۶۸ ؛ جامع أحاديث الشيعة ، ج ۱۳ ، ص ۶۰۹ ، ح ۱۸۴۸ (في الأخيرين عن تفسير أبي الفتوح الرازي، مع اختلاف يسير في كلّ المصادر غير الأوّل) .

3.مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۲۵ و ۲۶ ، ح ۸۱۱ ـ ۸۱۳ ؛ مسند أحمد ، ج ۳ ، ص ۴۵۶ ؛ مجمع الزوائد ، ج ۱۰ ، ص ۲۵۰ ؛ الزهد لابن المبارك ، ص ۱۸۱ (مع اختلاف يسير فيهما) ؛ الكامل ، ج ۳ ، ص ۲۹۴ ؛ المعجم الأوسط ، ج ۶ ، ص ۲۳۵ .

4.مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۲۷ ، ح ۸۱۴ ؛ مجمع الزوائد ، ج ۱ ، ص ۱۲۱ ؛ المعجم الأوسط ، ج ۶ ، ص ۱۹۴ ؛ سنن الدارقطني ، ج ۳ ، ص ۶۵ ، ح ۳۰۶۶ . الأمالي للطوسي ، ص ۴۷۴ ، ح ۲ ؛ وعنه في بحارالأنوار ، ج ۱ ، ص ۲۱۳ ، ح ۸ .

5.في مسند الشهاب : «عمل» .

6.مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۲۷ ، ح ۸۱۵ ؛ السنن الكبرى ، ج ۱۰ ، ص ۳۵ ؛ المصنّف ، ج ۱۱ ، ص ۱۷۰ ، ح ۲۰۲۳۱ ؛ الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۴۵۵ ، ح ۷۶۰۱ ؛ كنزالعمّال ، ج ۳ ، ص ۳۶۵ ، ح ۶۹۶۲ ؛ تاريخ بغداد ، ج ۵ ، ص ۳۹۲ (مع اختلاف يسير في الجميع غير الأوّل) .

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق: سليماني الاشتياني،مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 195278
صفحه از 627
پرینت  ارسال به