377
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

«لا صلاة لجار المسجد إلّا في المسجد» ۱ ؛ أي لا صلاة فاضلة .
وقيل : «العهد» هو الحرمة والحفاظ على المودّة القديمة ، والرقية جائزة إذا كان باسم اللّه وبآيات القرآن ، ومعنى الخبر : لا رُقية أولى وأشفى من رقية العين .
وروي : «أنّ الإنسان إذا خاف عين عائن [و] تعوّذ بقوله تعالى :« وَ إِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَـرِهِمْ »۲إلى آخرها ، آمنه اللّه وعافاه من ذلك» . ۳
وحُمَة الفقر في الحيّة ونحوها سمّها ، ولكلّ واحدٍ منها رُقية معروفة نافعة .
وقوله : «لا هجرة فوق ثلاث» أي : لا مهاجرة بين أخوين مُسلمين أكثر من ثلاثة أيّام ، هذا قد جاء في هجران العَتَب والموجدة في اُمور دنياوية ، فأمّا في خيانة الدِّين فقد جاءت الرخصة أكثر من ثلاث ؛ فقد أمر رسول اللّه صلى الله عليه و آله بهجران كعب بن مالك خمسين يوماً و آلى من نسائه شهراً وصعد مشربة له بهجرة الناس له .
ثمّ قال : لا بقاء للذنب الكبير من حيث يوجب العقوبة مع الاستغفار منه على الحقيقة ، ولا يكون الزلّة صغيرةً بالمعنى وإن كانت قليلةً بالفعل أو يسيرةً بالقول إذا كان صاحبها موطِّناً للإقامة عليها . والإصرارُ على الذنوب سبب الهلاك .
وقيل : معناه : لا تُعدّ الكبيرة كبيرةً مع دوام الاستغفار عنها ، ولا الصغيرة صغيرةً مع الإصرار عليها ؛ أ لا ترى أنّ اللّه مَدَحَ أقواماً وقال : « وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ »۴ .
ثمّ قال : ألّا همّ أبلغ في الشدّة من غمّ الدَّين ؛ لأنّ سائر الغموم على المفقود والمعدوم ، وهذا على المتعذّر الذي يجب تحصيله إن شاء أو أبى ليردّه إلى الغير ، والمخصوص بهذا ۵ الهمّ المذكور في الخبر الفقراء العاجزون عن قضاء الدَّين

1.التهذيب ، ج ۱ ، ص ۹۲ ، ح ۹۳ ؛ دعائم الإسلام ، ج ۱ ، ص ۱۴۸ ؛ المجازات النبويّة ، ص ۱۱۲ .

2.القلم (۶۸) : ۵۱ .

3.راجع : الكافي ، ج ۴ ، ص ۵۶۷ ، ح ۲ ؛ الفقيه ، ج ۱ ، ص ۲۳۰ ، ح ۶۸۷ ؛ التهذيب ، ج ۳ ، ص ۲۶۴ ، ح ۶۶ .

4.آل عمران (۳) : ۱۳۵ .

5.في المخطوطة : «هذا» ، والظاهر أنّه تصحيف .


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
376

فأمّا إذا لم يكن لرجلين قرابة وتضمن ۱ هذا جريرة ذلك فإنّه يرثه ولا تضمن الجريرة .
وقوله : « وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَـنُكُمْ فَئاتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ »۲
على هذا الوجه غير منسوخ ، و إنّما نُسِخَ على الوجه الذي قدّمناه .
و«الصَّرورة» هو الذي لم يحجّ ، وكذلك هو الذي لم يتزوّج [و] يرغب عن النكاح ويتبتَّل على مذهب الرهبانية من النصارى ، ومعناه أنّ سنّة الدِّين أن لا يبقى أحد من الناس يستطيع الحجّ ولا يحجّ ، حتّى لا يكون صرورة في الإسلام .
و«الهجرة» : الخروج من المقام والمسكن والدار إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله نحو المدينة .
وتمام الخبر : «ولكن جهاد ، فإذا استُنْفِرتم فانفروا» ، والمعنى : لا هجرة واجبة بعد فتح مكّة . فأراد به الوجوب لا الفضيلة بالهجرة ؛ وذلك لأنّ أهل المدينة كانوا في ضعف من القوّة ، فكان الواجب على كلّ من أسلم من الأعراب وأهل القرى أن يهاجروا ويكونوا بحضرة رسول اللّه صلى الله عليه و آله ؛ ليكون إن حدث حادث وجرت أمر ، استعان بهم في ذلك ، [و] ليتفقّهوا في الدِّين فيرجعوا ۳ إلى قومهم فيُعلّموهم أمر الدِّين وأحكامه . فلمّا فُتحت مكّة استغنوا عن ذلك ؛ إذ كان معظم الخوف على المسلمين من أهل مكّة ، فلمّا أسلموا أمر المسلمين أن يقرّوا في عقر دارهم ، فقيل لهم : أقيموا في أوطانكم وقرّوا على نيّة الجهاد ؛ فإنّ فرضه غير منقطع مدى الدهر عند شرائطه ، وكونوا مستعدّين لتنفروا إذا استُنفرتم وتُجيبوا إذا دُعيتم .
ثمّ قال : لا إيمان كاملاً في انتظام لمن لا أمانة له في أسباب الديانة ، ويجوز أن يكون عامّاً في الاُمور الدينية والدنياوية ، فيكون نحو قوله : «المؤمن من أمنهُ الناس» . ۴
ثمّ قال : ولا دين قويّاً لمن لا يثبت على عهده ، والنفي هاهنا وفي أكثر الكلمات التي في هذا الباب نفي الفضيلة والكمال لا نفي الدِّين وقواعد الإيمان ؛ كما قال عليه السلام :

1.النساء (۴) : ۳۳ .

2.كذا في المخطوطة ، والظاهر أنّ الصحيح : «يضمن» وكذلك المورد الآتي .

3.في المخطوطة : «فرجعوا» ، والظاهر أنّه تصحيف .

4.مسند أحمد ، ج ۳ ، ص ۱۵۴ ؛ سنن إبن ماجة ، ج ۲ ، ص ۱۲۹۸ ؛ المستدرك للحاكم ، ج ۱ ، ص ۱۱ .

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق: سليماني الاشتياني،مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 204271
صفحه از 627
پرینت  ارسال به