405
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

وبيان الحديث الخامس في تمامه وهو : قيل : يا رسول اللّه ، وما ذاك؟ وفي رواية : وما خضراء ۱ الدِّمن؟ قال عليه السلام : «المرأة الحسناء في منبت السوء» .
قال أبو عبيد : أراد فساد النسب ۲ ، وشبّهها بالنبات الناضر في دمنةٍ للبعر ؛ يقول : ولا تنكحوا هذه المرأة لجمالها ، ومنبتُها وأصلها خبيث ، كالدِّمْنَة وهي ما تَلَبَّد من الأبوال والأبعار ؛ منظرها حسن أنيق مُعجِب للناس ، وأصلها فاسد ، وأعراق السوء فيها ، انتزع أولادها إلى طبعها وعادتها .
فنهى عليه السلام عن نكاح المرأة عن ظاهر الحسن وهي في البيت السوء ، أو كانت مطعونة في نفسها أو في نسبها . وقيل : إنّه نهى عن تقارض النفاق وتغاير الأخلاق ، وأن يتلقّى الرجل أخاه بالظاهر الجميل وينطوي على الباطن الذميم ، أو يخدعه بحلاوة اللِّسان ومِن خلفها مرارة الجنان .
ثمّ حذّر عن أخذ الدَّين ؛ فإنّ المديون إذا عجز عن أدائه لا ينامُ الليلَ لكثرة التفكّر ويهتمّ ، وبالنهار يتوارى عن سوء الخفاء .
ثمّ نهى عن تحقيق كلّ ظنٍّ والحكم بكلّ ۳ ما يقع في القلب منه ، كما يقع بيقينيّ العلم في الاُمور المعلومة ، والظنون أكثرها كذب .
وتمام الخبر : «ولا تجسّسوا ولا تحسّسوا» ، بالجيم تعرف الخبر بتلطّف ، وبالحاء تطلب الشيء بحاسّةٍ . ثمّ قال : اجتنبوا واحذروا عن إجابة دعوة المظلوم عليكم وإن كان كافراً ؛ لأنّ وبال كفره يعود عليه ، وبال ظلمكم يعود إليكم ، و«إيّا» اسم مبهم ، ولا محلّ من الإعراب للضمائر بعده .

1.في المخطوطة: «خضر» خلافا للمصادر.

2.غريب الحديث، لإبن سلّام، ج ۳، ص ۹۹.

3.في المخطوطة : «تلك» بدون النقطتين .


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
404

إذ تقول فيهم ما ليس فيهم ، وتتملّق وتهوّن نفسك . وقيل : معناه : إيّاكم أن تمدحون فتهلكوا .
وكذلك نهى عن ارتكاب صغائر الذُّنوب ، ومعناه : عليكِ أن لا تقصدي إلى ذنب تستصغرينه ؛ فإنّ اللّه يطالبكِ بها ، ولا تنظري إلى صغرها وحقارتها ، ولكن انظري إلى عظمة من تعصيه ۱ بذلك . والحقير : الصغير ، والمحقر : المستصغر ، والخطاب مع روايتها . ۲
ثمّ نهى عن مخاصمة الناس؛ فإنّ الخصومة معهم تُظهر كلّ عورةٍ وتستر كُلّ فضيلة؛ أي : إنّ مشارَّة ۳ الناس تُظهِر المعائب وتُخفي المناقب ؛ لأنّ المخاصم يبالغ في بحث مثالب صاحبه ، ولا يجد منقبةً إلّا دفنها ، فكأنّه يميت محاسنه ويُحيي مساويه . ۴
وقيل : المراد «بالغُرَّة» النفيسة من المال ۵ ، والمراد «بالعُرّة» البلاء والهلاك ۶ ، والأوّل أشبه . وقال الصادق عليه السلام : «إيّاكم والعَداوة؛ فإنّها تكشف العورة۷، وتورِثُ المَعَرَّة۸» . ۹

1.كذا في المخطوطة ، وهو عدول عن التأنيث في الأفعال السابقة .

2.هذا وجه الالتفات إلى الخطاب لتأنيث ، ومفهومه غير ظاهر .

3.يقال : شارّاه وشارّه ، وفلانٌ يشارُّ فلانا ويمارُّه ويُزارُّه أي يعاديه . والمشارّة : المخاصمة . وفي الحديث : لا تُشارِّ أخاك ؛ هو تَفاعل من الشر ؛ أي : لا تفعل به شرّا فتحوجه إلى أن يفعل بك مثله . «لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۴۰۱ (شرر)» .

4.راجع: المجازات النبوية، ص ۱۷۷، ح ۱۳۸.

5.قال أبو سعيد : الغُرّة عند العرب أنفس شيء يُملك وأفضلُه ، والفَرَس غرّة مال الرجل ، والعبد غرّة ماله ، والبعير النجيب غُرّة ماله ... «لسان العرب ، ج ۵ ، ص ۱۹ (غرر)» .

6.العرَّة : اللطخ والعيب ، تقول : أصابتني من فلان عرّة ، وإنّه ليعرّ قومه : إذا أدخل عليهم مكروها . والعرّة : الشدّة في الحرب ، والاسم منه : العِرار والعَرار . «العين ، ج ۱ ، ص ۸۵ (عرر)» .

7.في المخطوطة : «العمرة» ، وهو تصحيف ؛ راجع : المجازات النبوية .

8.المَعَرَّة : الإثم ... وقال محمّد بن إسحاق بن يسار : المَعَرَّة : الغُرم ... وقال شمر : المعرَّة : الأذى ... والمعرّة : تلوّن الوجه من الغضب . «لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۵۵۶ (عرر)» .

9.المجازات النبويّة ، ص ۱۷۷ ، ح ۱۳۸ .

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق: سليماني الاشتياني،مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 195436
صفحه از 627
پرینت  ارسال به