411
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

يسائلها عن أولادها وأحوالها وأهاليها ، حتّى سألها عن كلبها ملاق ۱ ، فقالت عائشة : ما هذا؟ فقال عليه السلام : «هذه امرأة كانت تأتينا زمان خديجة ، وإنّ حسن العهد من الإيمان» . ۲
ثمّ قال : مِن حسن عمل العبد في طاعة اللّه حسن ظنّه بفضل اللّه وكرمه .
وقيل : إنّ حسن ظنّ العبد بالناس من جملةِ حسن العبادة ، وكلا المعنَيين حَسنٌ .
وتمام الخبر الأخير : «إنّ الأنبياء لم يورّثوا ديناراً ولا درهماً ، ولكن ورَّثوا العلم ؛ فمن أخذه فقد أخذ بحظٍّ وافر» ، وهو أنّ ميراثهم الأحكام الشرعيّة .
ثمّ حضّ ۳ على الاقتصاد فقال : إنّ دين اللّه يُسر ولا غلوٌّ فيه ولا تقصير ، قال لعثمان بن مظعون لمّا ترهّب : «يا عثمان ، إنّ اللّه لم يبعثني بالرهبانيّة ، وإنّ خير الدِّين الحنيفيّة» . ۴ وقيل : معناه أنّ شرع محمّد عليه السلام سهل .
وكذا معنى الخبر الأخير : أنّ ملّة رسول اللّه المستقيمة لا محالة السهلة جدّاً ، وحقيقة «الحنيفيّة» في الإسلام : الميل إليه والإقامة على عقده ، و«السمحة» : في غاية السهولة ، وإنّما يكون التعجيل بثواب صلة الأرحام لأنّه يزيد في العمر ، وقال تعالى في ذمّ قومٍ : « وَتُقَطِّعُواْ أَرْحَامَكُمْ »۵ . و«الشريف» إذا كان له حكمة ـ وهي الفقه هاهنا ـ زاد شرفاً .
ثمّ قال : عقوبة محرِّم الحلال كعقوبة مُحِلّ الحرام .
ثمّ قال : فخر أهل الدُّنيا المال .
وقيل : إذا لم يجد الرجل مهر امرأة ونفقتها فالتكافؤ بينهما غير ثابت لهذا الخبر ؛ إن خطبها ولم تُزوّج فلا حرج . ۶

1.كذا يقرأ في المخطوطة ، ولم يذكر في الروايات التي رأينا .

2.فتح الباري ، ج ۱۰ ، ص ۳۶۵ ؛ تحفة الأحوذي ، ج ۶ ، ص ۱۳۵ ؛ عمدة القاري ، ج ۲۲ ، ص ۱۰۴.

3.في المخطوطة : «خصّ» ، والظاهر أنّه تصحيف .

4.الطبقات الكبرى ، ج ۳ ، ص ۳۹۵ ؛ الدرّ المنثور ، ج ۲ ، ص ۳۱۰ ؛ كنزالعمّال ، ج ۳ ، ص ۴۷ ، ح ۵۴۲۲ .

5.محمّد (۴۷) : ۲۲ .

6.راجع: تذكرة الفقهاء للحلي، ج ۲، ص ۶۰۴.


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
410

وقيل : معناه : أنّ من البيان ما يُكسب به من الإثم ما يكتسب الساحر بسحره ۱ . و«السِّحر» في اللغة : الصرف ۲ ، وقيل : الخداع . و«إنّ بعض الشعر حكمة» أراد به المواعظ والأمثال التي يتّعظ بها الناس .
وقيل : معناه : أنّ من الشعر كلاماً يمنع عن الجهل والسَّفَه وينهى عنهما ، والحكم والحكمة ومعناها المنع .
ثمّ قال : إنّ بعض القول يكون عيالاً لقائله ووبالاً ويستضرّ به ، ويعود إليه كلّ وقتٍ منه مؤونة وشدّة .
وقيل : إنّ بعض الكلام يُنسَب إليك كما ينسب العقال إلى الرِّجل .
ثمّ قال : وإنّ طلب بعض العلم يكون جهلاً . وقيل : معناه أن يكلِّف العالمُ إلى علمه ما لا يعلمه ، فذلك جهلٌ منه ؛ أي : مَن جعل معلومه ومظنونه سواء فذلك جهل .
وقيل : أراد به علم الأوّل درس ۳ والفلسفة والأوائل والنجوم والغنا ، و«من» في هذه الأربعة للتبعيض ، وقيل : معناه : أنّ العالم ربما يحمله علمه على التكبّر والشروع فيما لا يعنيه ، وتقديره : إنّ مِن طلب العلم طلب سبب جهل ، فحذف المضاف . وقيل : إنّ للعلم طغياناً كطغيان المال .
ثمّ قال : إنّ اُمّتي اُمّةٌ مخصوصة بالرحمة ، جعلهم اللّه مرحومين ؛ لكرامتي عنده تعالى ، وهو الأمان من الخسف والمسخ وتسويد الوجوه وسائر العذاب الذي كانت ألوانه على بني إسرائيل ، فخفّف اللّه عن هذه الاُمّة ببركة محمّد صلى الله عليه و آله . و«الاُمّة» : أتباع الأنبياء ، و«العهد» في الخبر هاهنا : الحفاظ والحُرمة ؛ يقول : من كمال إيمان المرء حفاظ الحرمة القديمة وتعاهده لها .
وجاء هذا الحديث في شأن ماشطةِ خديجة لمّا دخلت على رسول اللّه ، وجعل

1.راجع : لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۳۴۸ (سحر) .

2.أصل السحر : صرف الشيء عن حقيقته إلى غيره ، فكأنّ الساحر لما أرى الباطل في صورة الحقّ وخيل الشيء على غير حقيقته ، قد سحر الشيء عن وجهه أي صرفه . «لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۳۴۸ (سحر)» .

3.كذا قرأت .

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق: سليماني الاشتياني،مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 204352
صفحه از 627
پرینت  ارسال به