441
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

بالمُنْبَتّ ، وهو الذي يعد ۱ السير ويكدّ الظهر منقطعاً من رفقته ومنفرداً عن صحابته فيُحْسِر مطيَّته ولا يقطع شقّته . ويقوّيه قوله عليه السلام : «عليكم هدياً قاصداً ؛ فإنّه من يشادّ۲هذا الدِّين يغلبه» . ۳
و«أوغل» : أدخل ، و«المُنبتّ» : المُتعب مركوبه في السفر حتّى يهلك فيبقى منقطعاً ، و«البتّ» : القطع ، وروي : «فإنّ المنبتّ المعدّ» أي الذي يغدو ۴ في سيره حتّى ينبتّ أخيراً ، فسمّاه بما يؤول إليه عاقبته كقولك : إنّك ميّت . و«الظَّهر» : الدابّة ، و«المنبتّ» : المنقطع عن أصحابه في السفر . وسبب الخبر أنّه عليه السلام رأى رجلاً اجتهد في العبادة حتى غارت عيناه ، فقال له ذلك .
ثمّ حثَّ على استعمال الكرم مع الأضياف وحسن الأدب معهم .
ثمّ قال : إنّ جبرئيل أعلمني مِن حكم اللّه أنّه لا يزيد على المقسوم ولا ينقص على ما يريد الناس ، ولا يموت أحدٌ حتّى يأخذ رزقه بالتمام .
ثمّ دعا على الطلب الجميل للأرزاق .
ثمّ ذكر أخيراً كلمةً جامعة لآداب [الدين] والدُّنيا ؛ فإنّ للحياء أسباباً يتّصل بعضها بالدِّين ، ومنها ما يعود إلى الأخلاق ، وإنّما يُقدم ۵ المرء على القبائح إذا غلبه الهوى والشهوة فيزول بذلك عنه الحياء . ومَن كان الغالب عليه الحياء كان رادعاً عمّا لا يستحسن قولاً وفعلاً .
ومعنى النبوّة الاُولى أنّ الحياء لم يزل ممدوحاً على ألسُن الأنبياء الأوّلين .

1.كذا في المخطوطة .

2.في المخطوطة: «شادّ»، خلافا للمصادر .

3.المجازات النبويّة، ص ۲۶۱، ح ۲۰۵؛ مسند أحمد، ج ۵، ص ۳۵۰؛ المستدرك للحاكم، ج ۱، ص ۳۱۲ .

4.في المخطوطة: «يغد».

5.في المخطوطة: «تقدم»، والظاهر أنّه تصحيف .


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
440

قال [ابو] قتادة وأبو الدهماء : أتينا رجلاً بدويّاً فقال : أخذ بيدي رسول اللّه فعلّمني ما علّمه اللّه ، فكان ممّا حفظته منه : «إنّك لا تدع شيئاً اتّقاء اللّه ...» الخبر ، وفائدته الأمر بالتقوى .
ثمّ ذكر في حديثين علامات المغفرة وأسبابها ، وهي ثلاثة : إدخالُ السرور على قلوب المؤمنين ، والسلام عليهم فإنّه تحيّة الإسلام وإظهارُ السلام من نفْسه للمسلمين ، وحُسنُ القول ابتداءً وجواباً مع من يسمع المكروه والمحبوب ، وأحسن الكلام ذكر اللّه .
وروي أنّه : «ليس ذنب بعد الشرك أشدّ عقوبةً من أذى المؤمن»
. ۱
ثمّ قال: إنّ صورة الدُّنيا ومتاعها حسنه المنظر مُؤنقة تُعجِب الناظر، فحذف المضاف.
ثمّ حَثَّ على الاقتصاد في جمع المال ، ودَعا إلى الصدقة وترك الإمساك والادّخار ؛ فإنّ اللّه يعوّضكم منها ، فاعملوا ما هو خيرٌ لكم ، وأنتم مخيّرون في عمل ما يريدون .
ثمّ بيّن أنّ تفرقة القلب آفةٌ عظيمة ، وأنّ له إقبالاً وإدباراً ، فحذّر هاهنا عن صرفه إلى شهواته ، فمَن اتّبع كلّ ما يشتهيه لا يُبالي اللّه بهلاكه .
ثمّ وصف الدِّين بالمتانة وهو مَجاز ، والمراد أنّه إنّما وصفه بذلك لرسوخ أصله ؛ أي : إنّ الدِّين ليس بالشيء الذي يضمحلّ سريعاً ، بل هو ثابت الأركان ، والمعنى : لا ينبغي للإنسان أن يستفرغ جميع قوله في تعبّده دفعةً واحدةً حتّى يكون هذا الاستقصاء تقصيراً ؛ فإنّه عسى من كثرة تعاطيه أن ۲ يجد سآمةً فيطرحه جملةً . وقيل : المراد أنّه صعب الظهر شديد الأسر مأخوذ من متن الإنسان ، وهو ما اشتدّ من لحم منكبيه ؛ وإنّما وصفه بذلك لمشقّة القيام بشرائطه ، فأمر أن يَدخل الإنسان أبوابه مترفّقاً ؛ ليستمرّ على تجشّم ۳ مساعيه ، وشبّه العابد الذي يَستنفد طاقته

1.لم نعثر عليه في موضع .

2.في المخطوطة: «أيا»، والظاهر أنه تصحيف .

3.في المخطوطة: «تجسّم». والتجشّم: التكلّف على مشقة. «مجمع البحرين، ج ۶، ص ۲۹ (جشم)» ابن السكيت: تجشّمت الأمر، إذا ركبت أجسَمَه، وتجشّمته إذا تكلّفته، وتجشّمت الأرضَ إذا أخذتَ نحوها تريدها، وتجشّمت الرملَ: ركبت أعظمه. أبو النضر: تجشَّمتُ فلانا من بين القوم؛ أي: قصدتُ قصدَه. «لسان العرب، ج ۱۲، ص ۱۰۰ (جشم)» .

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق: سليماني الاشتياني،مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 199650
صفحه از 627
پرینت  ارسال به