447
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

وأمّا الحديث الأخير فمعناه نحو : «حفّت الجنّة بالمكاره ، وحفّت النار بالشهوات» ؛ ۱ يقول : إنّ أعمال أهل الجنّة كلّها صعبةٌ ، وعمل أهل النار سهلٌ لا مشقّة فيها ، و«الحَزن» ما غلظ من الأرض ، و«الرَّبوة» : المكان المرتفع و«السَّهوة» : الأرض الليّنة .
وروي : «بشهوة» بالشين المعجمة . جعل عمل أهل الجنّة كالحَزْن من الأرض ؛ لأنّه يصعب تجشّمه ، فكذلك عمل الجنّة يشقّ تكلّفه ، وزاد الكلام إيضاحاً بقوله : حزن بربوة ، وهي الأَكَمَة ۲ ، وكذا لم يرض بأن جعل عمل النار سهلاً حتّى يكون بشهوة ؛ ليكون أخفّ على عامله .

1.مسند أحمد، ج ۳، ص ۱۵۳ و ۲۵۴؛ سنن الدارمي، ج ۲، ص ۳۳۹؛ صحيح مسلم، ج ۸ ، ص ۱۴۳؛ سنن الترمذي، ج ۴، ص ۹۷، ح ۲۶۸۴؛ نهج البلاغة، ج ۲، ص ۹۰، الخطبة ۱۷۶؛ المجازات النبويّة للرضي، ص ۳۸۷؛ روضة الواعظين، ص ۴۲۱؛ بحار الأنوار، ج ۶۷، ص ۷۸، ح ۱۲ نقلاً عن نهج البلاغة.

2.قال ابن سيده: الأكَمَة: القُفّ من حجارة واحدة. وقيل: هو دون الجبال. وقيل: هو الموضع الذي هو أشدّ ارتفاعا ممّا حوله، وهو غليظ لا يبلغ أن يكون حجرا، والجمع: أكَمٌ و اُكُمٌ و اُكْمٌ وإكامٌ وآكامٌ وآكُمٌ كأفلس ؛ الأخيرة عن ابن جنّي. «لسان العرب، ج ۱۲، ص ۲۱ (أكم)».


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
446

ثمّ حذّر عن المضلّين فقال : لا أخاف إلّا الأئمّة الذين يظلمون الناس ويبتدعون ولا يتّبعون ، ضلّوا وأضلّوا . وقد ذكرنا أنّ «إنّما» كلمة مُرصَدة لإثبات الشيء ونفي ما عداه ، فمعنى : «إنّما الأعمال بالنيّات» ؛ أي : ليست صحّة الأعمال إلّا بالإخلاص للّه .
والصحيح أنّهما خبران : «إنّما الأعمال بالخواتيم» برواية سهل بن سعد الساعدي ۱ ، والأوّل [برواية] عمر . ۲
ومعنى قوله : «إنّما الأعمال بالخواتيم» ؛ أي : لَا استحقاق على الأعمال لثواب اللّه إلّا بإتمامها فإنّ مَن صلّى ركعةً أو صام نصف يومٍ فإنّه لا يستحقّ الثواب إلّا بختم ذلك ، فإن لم يتمّ فلا ثواب له .
وقوله : «إنّما التصفيح للنساء» ؛ يعني في الصلاة وهو التصفيق ، يُقال «صفّح» إذا صفّق ، ومنه المصافحة في السلام ، وقد تقدّم بيان ذلك .
وقوله : «إنّما بقي من الدُّنيا بلاءٌ وفتنة» ، يجوز أن يكون «ما» كافّة ؛ أي : لم يبق من هذه الدار إلّا بلاءٌ .
ويجوز أن يكون «ما» موصولة ؛ أي : إنّ الذي بقي من دنيانا هو البلاء ؛ يعني : إنّ الأخير شرّ إلى أن تقوم الساعة .
وقوله : «إنّما الرَّضاعة من المَجاعة» ؛ معناه : إنّما يكون للرضاع حكم التحريم إذا كان في الحولين وكان قدر ما يرد به المجاعة ، وهو ما قدّر الشرع لأقلّه خمس عشرة رضعةً على ما قدّمناه ، وما كان دون ذلك لم يقع به التحريم .
ثمّ قال : إنّ هذه القلوب يغشى عليها صَدَأ الغفلة والسهو عن الطاعة كما يعلو الصدأ على الحديد ، و«الجِلاء» بكسر الجيم : إزالتُها وتصفيتها عمّا كان عليها من القساوة والرين ، ويكون ذلك بذكر الموت ؛ لأنّه هادم اللذَّات ، وبقراءة القرآن إذا كان عن تدبّر وتفكّر .

1.صحيح البخاري، ج ۷، ص ۱۸۷.

2.صحيح البخاري، ج ۱، ص ۲.

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق: سليماني الاشتياني،مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 164022
صفحه از 627
پرینت  ارسال به