465
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

حكي عن ابن عبّاس أنّ امرأةً حسناءَ كانت تُصلّي خلف رسول اللّه ، فتقدّم بعض الناس لئلّا يراها ، واستأخر بعضهم لينظر إليها إذا ركع وسجد ، فنزلت الآية . ۱
ثمّ أمر الرجال ليلزموا الصفّ الأوّل ، وأمر النساء ليلزمن الصفَّ الأخير مع جماعة الرجال .
ثمّ حثَّ على الصدقة فقال : المُعطي خيرٌ درجةً وثواباً ومنزلةً في الدُّنيا والآخرة من الآخذ ، ولا ترغبوا ۲ في الدناءة ، ولا ترضوا بها لأنفسكم ، و«اليد العُليا» المُعطية ، و«السفلى» الآخذة ؛ لأنّ مَن أعطى دنا إلى الفقر ، ومَن أخذ دنا من الغنى بقدر ما أخذ .
ثمّ قال : إذا وقعت الكفاية بالقليل فالكثير ۳ يُلهي ويشغل عن أداء الواجبات ، فذلك القليل خيرٌ من كثيره . وإنّما قال : «الدنيا متاع» ؛ لأنّ منفعتها لا تدوم ، والمعنى : ليس ما ينتفع الإنسان في الدُّنيا خيراً من امرأةٍ صالحةٍ ، وهي المطيعة لزوجها في ذات اللّه المعينة له ديناً ودنياً ، والرواية الصحيحة : «الوحدة خيرٌ من جليس السوء» . ۴
وفيه حثّ على مقارنة الصالح ومفارقة الطالح . و«إملاء الخير» قيل : معناه مِلأُ الفم منه ، وقيل : هو الإملاءُ المستعمل في الكتب والرواية .

۷۸۶.اِسْتِتْمَامُ الْمَعْرُوفِ خَيْرٌ مِنِ ابْتِدَائِهِ . ۵

۷۸۷.عَمَلٌ قَلِيلٌ فِي سُنَّةٍ خَيْرٌ مِنْ عَمَلٍ كَثِيرٍ فِي بِدْعَةٍ . ۶

1.راجع: مسند أحمد، ج ۱، ص ۳۰۵؛ سنن إبن ماجة، ج ۱، ص ۳۳۲؛ سنن النسائي، ج ۲، ص ۱۱۸ .

2.كذا في المخطوطة والمناسب: «فلا ترغبوا» .

3.في المخطوطة: «والكثير»، والظاهر أنّه تصحيف من الكاتب .

4.المستدرك للحاكم، ج ۳، ص ۳۴۳؛ فتح الباري، ج ۱۱، ص ۲۸۴؛ الجامع الصغير، ج ۲، ص ۷۲۱، ح ۹۶۶۶ .

5.مسند الشهاب، ج ۲، ص ۲۳۸، ح ۱۲۶۸ و ۱۲۶۹؛ مجمع الزوائد، ج ۸ ، ص ۱۸۲؛ الجامع الصغير، ج ۱. ص ۱۴۸، ح ۹۶۹؛ كنزالعمّال، ج ۶، ص ۴۰۱، ح ۱۶۲۵۶؛ المعجم الصغير، ج ۱، ص ۱۵۵؛ الأمالي للطوسي، ص ۵۹۶، ح ۱۲۳۵؛ بحارالأنوار، ج ۷۱، ص ۴۱۷، ح ۳۶ .

6.مسند الشهاب، ج ۲، ص ۲۳۹، ح ۱۲۷۰؛ تاريخ مدينة دمشق، ج ۲۰، ص ۱۸۱؛ الجامع الصغير، ج ۲، ص ۱۸۰، ح ۵۶۱۸؛ كنزالعمّال، ج ۱، ص ۲۱۹، ح ۱۰. الأمالي للطوسي، ص ۳۸۵، ح ۸۳۸؛ بحارالأنوار، ج ۲، ص ۲۶۱، ح ۱ (وفيه عن الأمالي للطوسي) .


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
464

وَإِمْلَاءُ الْخَيْرِ خَيْرٌ مِنَ السُّكُوتِ ، وَالسُّكُوتُ خَيْرٌ مِنْ إِمْلَاءِ الشَّرِّ . ۱

أمّا قوله ۲ : «خير ثيابكم البياض» ؛ فبيانه في تمامه : «فإنّها أطهر وأطيب ، وكفّنوا فيها موتاكم» . وإنّما جعل «البياض» وهو حدث خبرَ المبتدأ الذي هو «خير ثيابكم» لأحد وجهين : إمّا أن يكون على حذف المضاف ؛ أي : خير ألوان ثيابكم البياض ، أو : خير ثيابكم ذات البياض ؛ أي : لا يتكلّف فيها ، بل يكتفى بما خلقها اللّه عليه ، وقد يسمّى الكرباس البياض ، كأنّه قال : خير ثيابكم الكرابيس ؛ ليخرج من ذلك الدِّيباج والحرير والمذهَّب ؛ أو وصفاً بالمصدر ؛ فإنّ البياض كان في الأصل مصدراً .
ثمّ أمر بمراعاة العَين وإعطاء حقّها ؛ فإنّ الأثمد يزيد نورها ويُحسّن ظاهرها .
ثمّ قال : خير الفتيان من كان على طريقة المشايخ ، وشرّ الشيوخ من كان كالصبيان مُجونا ۳ وجُنوناً ۴ ، و«الشباب» : الحداثة ، ويكون جمع شابّ أيضاً ، ويكون وصفاً بالمصدر .
وقيل : معنى التشبّه هاهنا : امتثال طريقتهم الصالحة والأخذ بآدابهم الحسنة وأفعالهم المرضيّة .
وإنّما جعل خير صفوف الرجال أوّلها بحيازة الفضيلة لأنّه عليه السلام كان يستغفر للصفّ الأوّل ثلاثاً وللثاني مرّة ، وجعل شرارها في آخرها لمخافة الافتتان به والبُعد عن استماع القرآن .
وروي أنّه قال هذا في المنافقين ، وبهذا السبب نزول قوله : « وَ لَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ وَ لَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَئخِرِينَ »۵ .

1.مسند الشهاب، ج ۲، ص ۲۳۷ و ۲۳۸، ح ۱۲۶۶ و ۱۲۶۷؛ المستدرك للحاكم، ج ۳، ص ۳۴۴؛ نزهة الناظر وتنبيه الخاطر، ص ۲۰؛ تاريخ مدينة دمشق، ج ۶۶، ص ۲۱۵؛ الجامع الصغير، ج ۲، ص ۷۲۱، ح ۹۶۶۶؛ كنزالعمّال، ج ۹، ص ۴۳، ح ۲۴۸۴۶. الأمالي للطوسي، ص ۵۳۵؛ بحارالأنوار، ج ۶۸، ص ۲۹۴، ح ۶۴ .

2.في المخطوطة: «قولكم»، والظاهر أنّه تصحيف .

3.المُجون: أن لا يبالي الإنسان بما صنع. «لسان العرب، ج ۱۳، ص ۴۰۰ (مجن)» .

4.في المخطوطة: «محونا وحنونا» .

5.سورة الحجر (۱۵) : ۲۴ .

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق: سليماني الاشتياني،مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 196883
صفحه از 627
پرینت  ارسال به