483
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

«حَضَرَ فلاناً الموت» ولم يحضره بعدُ ، وإنّما حضرته أمارته ؛ قال تعالى : « كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ »۱
، فعلى هذا يكون هذه الحالة قبل أن يغرغر ، فتُقبل توبته وإن كانت شرّ معذرة ، وإن حضر الموت فهو حال الغرغرة فلا ۲ تُقبل توبة أحدٍ في هذه الحالة .
وقيل : إنّ هذا الحديث جاء في معذرة الكافِر دون المؤمن ؛ لأنّ المؤمن تُقبل توبته قَبل أن يغرغر ، والكافر لا تقبل توبته في هذه الحالة .
وروي : «شرّ الندامة [ندامة] يوم القيامة»۳ ، ولا يتغيّر المعنى ، وإنّما لا تنفع الندامة يوم القيامة لأنّ اللّه سمّاها [يوم] حسرة ، والحسرة إنّما تكون على شيءٍ فائِتٍ لا يستطاع أن يدرك .
وروي أيضاً : «شرّ المآكل أكل مال اليتيم»۴ ، والمعنيان ۵ واحد ، وقد أوعد اللّه عليه النار فيكتابه وقال النبيّ عليه السلام : «آليتُ عند العرش ليلة اُسري بي أن لاأشفع لآكل مال اليتيم» . ۶
ثمّ قال : أكلُ الربا من جملة الكبائر أيضاً ؛ فإنّه شرّ مكسب . وأصل «الرِّبا» : الزيادة ، وفي الشرع يقع الرِّبا على أخذ زيادة شيء من غير وجه حلال .
ثمّ نهى عن متابعة البخل والجُبن ؛ فإنّهما شرّ ما في الإنسان ، سيّما إذا وصف البخيل بأفحش الجزع، ويكون الجَبان ۷ خائفاً فؤاده من شدّته ؛ أي : لا تُغلّبوهما على أنفسكم ، ولا تسلّطوهما على أفئدتكم ، فالبُخل يمنع صاحبه من إخراج الحقّ الواجب عليه ، فإذا استخرج منه هلع وخرج وخاف ، ومَن جُبن عن النهوض إلى الحجّ والغزو ـ وكانا واجبين عليه ـ فلا يجبر كسره .
و«الشحّ الهالعُ» : الذي يجزع فيه العبد ، وإنّما قال: «هالِع» لازدواج «خالع» ، وإلّا

1.البقرة (۲) : ۱۸۰ .

2.في المخطوطة : «ولا» ، والظاهر أنّه تصحيف .

3.الأمالي للصدوق ، ص ۳۹۵ ، ح ۱ .

4.الفقيه ، ج ۴ ، ص ۳۷۷ ، ح ۵۷۷۶ ؛ الأمالي للصدوق ، ص ۳۹۵ ، ح ۱ ؛ تفسير نور الثقلين ، ج ۴ ، ص ۲۰۹ .

5.يحتمل أنّه أراد من المعنيين النقلين للرواية، أي مع وجود كلمة «أكل» و بدونها.

6.لم نعثر عليه في موضع .

7.في المخطوطة : «الجبن» ، والظاهر أنّه تصحيف من الكاتب .


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
482

۸۳۲.مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرّاً مِنْ بَطْنٍ . ۱

يقول أوّلاً : بئس عادة الإنسان كلمة «زعموا» ؛ يعني : لا تحدّثوا ۲ بكلّ ما تسمعونه ، و«زعموا» الكلام من غير تحقيق .
وقيل : إنّما يكون كلمة «زعموا» في حديث لا تثبّت فيه ، وإنّما هو شيء يحكى عن الألسن على سبيل البلاغ ، فذَمَّ النبيُّ صلى الله عليه و آله من الأحاديث ما كان هذا سبيله ، وأمر بالتثبّت والتوثّق بما يحكيه، و لا يروي إلّا عن ثقة .
وقيل : الرواية أحد الكاذبين . وفي الخبر : من روى حديثاً وهو يرى [أنّه] كذب فهو أحد الكاذبين . ۳
ثمّ قال : السنّة كافية في الشرعيّات ، لا يحتاج إلى البدع ؛ فإنّ محدَثات الاُمور وما اُحدثَ بعد رسول اللّه فلا خير فيه ، وهو مفسدة وشرّ فاطرحوه ولا تقبلوه .
ثمّ قال : ولا شرّ في عمى العين ، [ولا] يُذمّ به الإنسان و [لا] يعاقب ؛ لأنّه مِن فعل اللّه ، وإنّما اللَّوم والعقوبة على عمى القلب الذي هو فعل العبد إذا لم يتفكّر ولم يتأمّل، فيحصلَ له المعارف والعلوم التي هي نورٌ وبصيرة .
ثمّ نبّه على أنّ المؤمن ينبغي أن يتوب قبل الموت ؛ فإنّه لا يَفعل توبةً مَن حضره الموت . ولا تناقض بين الحديث وما تقدّم من أنّه تقبل التوبة قبل أن يُغرغر ؛ لوجوه ؛ أحدها : أنّه عليه السلام ما نفى قبول التوبة ههنا على كلّ حالٍ ، بل قال : شرّ المعاذير معذرة يكون عند حضور الموت ، وربما تقبل التوبة ولكنّها لا تكون بمنزلة العذر الذي يكون في حالة الصحّة والشباب ويكون بعدها الطاعات الكثيرة ، وقد يُقال :

1.مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۲۷۱ ، ح ۱۳۴۰ ؛ مسند أحمد ، ج ۴ ، ص ۱۳۲ ؛ سنن إبن ماجة ، ج ۲ ، ص ۱۱۱۱ ، ح ۳۳۴۹ ؛ سنن الترمذي ، ج ۴ ، ص ۱۸ ، ح ۲۴۸۶ ؛ صحيح إبن حبّان ، ج ۲ ، ص ۴۴۹ و ج ۱۲ ، ص ۴۱ ، ح ۵۲۳۵ . بحارالأنوار ، ج ۳ ، ص ۳۳۰ ، ح ۳ (وفيه عن عدّة الداعي) ؛ وج ۶۳ ، ص ۳۳۱ ، ح ۴ . (وفيه عن مسند الشهاب) .

2.في المخطوطة : «لا تحدّثوه» ، والظاهر أنّه تصحيف .

3.راجع : سنن الترمذي ، ج ۴ ، ص ۱۴۳ ؛ تحفة الأحوذي ، ج ۷ ، ص ۳۵۲ .

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق: سليماني الاشتياني،مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 203143
صفحه از 627
پرینت  ارسال به