489
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

وشبّه الكافر بالأرْزة ۱ ؛ لأنّها لا تميلها رياح كثيرة تهبّ عليها ، فهي أبداً تكون قائمةً حتّى تأتيها ريح عاصف تستأصِلُها وتقلعها بمرّة من أصلها وقعرها ، فكذلك الكافر لا يُرزأ شيئاً ولا يُصاب بمصيبةٍ حتّى يستأصل اللّه ساقته من حيث لا يحتسب قبل أن يلقى اللّه فيلقيه في نار جهنّم .
وبيان الخبر فيما روي : روى أبو هريرة، قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «المؤمن كمثل الزرع لا تزال الرياح تفيّئه»۲
أي تُقلّبه من جانبٍ إلى جانب ولا يزال المؤمن يُصيبه بلاء ، ومَثَل المنافق كمثل شجرة الأرزة لا تهتزّ حتّى يستحصد . و«الأرزة» بسكون الراء : شجرة الصنوبر ، وبفتحها : شجرة الأرزن . وروي «الأرَزة» ۳ وهي الثابتة في الأرض .

1.الأرْزة ـ بسكون الراء ـ : هي شجرة معروفة بالشام تسمّى عندنا الصنوبر من أجل ثمره . «لسان العرب ، ج ۵ ، ص ۳۰۶ (أرز)» .

2.مسند أحمد ، ج ۲ ، ص ۲۸۴ ؛ صحيح مسلم ، ج ۸ ، ص ۱۳۶ ؛ سنن الترمذي ، ج ۴ ، ص ۲۲۷ .

3.الاُرْزَة والأَرَزَة جميعا : الأَرْزَة ، وقيل : إنّ الأَرْزَةَ إنّما سمّيت بذلك لثباتها . وأَرَزَت الشجرةُ تَأْرِزُ إذا ثبتت في الأرض . «لسان العرب ، ج ۵ ، ص ۳۰۷ (أرز)» .


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
488

كلّهم خيّرون ؛ مَن رأوه ، ومَن رأوا من رأوه ، ومن سمعوا به ، فلا يُعلم أنّهم خيرُ أحدِ المخلوقين ، كما لا يعلم لأوّل المطر خير أم آخره ؟ واللّه عالم بذلك ، فأحِبّوا كلّ مؤمنٍ تقدّم أو تأخّر .
وقال عليه السلام : «خيار اُمّتي أوّلها وآخرها ، وبين ذلك ثَبَجٌ أعوج»۱ أي وسط ليس منك ولست منه ۲ ، وهذا نفي أن يكون الثَبَج من الجانبين .
ثمّ ذكر أنّ الإيمان إذا استقرّ في قلب الإنسان لا يزول أبداً وإن وقع صاحبه في المعاصي؛ فإنّ مثله كالفرس المشدود في آخيّة ۳ لا يزول عن مكانه وإن جال جولها.
وتمام ۴ الحديث: «والمؤمن يسهو ثمّ يرجع» . وهذا دليل على أنّ المؤمن لا يَكفر بذنوبه وإن صار فاسقاً، وفيه دليل أيضاً أنّه تُقبل توبة كلّ من تاب من الكفر والبدعة.
ثمّ ضرب مثل المؤمن القويّ بالنخلة ؛ لعموم بركتها وكرامتها ومنفعتها ، ومِن إكرامها أن [لا] يَضيع منه شيء حتّى أوراقها ونواها وقليلها وكثيرها وظلّها ، كذلك من كان قويّاً في دينه ونفسه وبدنه وماله من المؤمنين فلا يستولي عليه الشيطان ، ويَنفع كلّ مَن مرّ به ، وتكون منفعته للقريب والبعيد على كلّ حالٍ .
وشبّه المؤمن إذا كان ضعيفاً بخامة الزرع ، وهي أوّل ما نبت من الزرع على ساقٍ ؛ فإنّه ينتفع به وإن كان قليلاً ، ولا يستضِرّ به أحدٌ .
ثمّ شبّه المؤمن بالخامة ، وهي السنبلة أو ذات السنبلة الّتي تُميلها كلّ ريح، سواء كان عاصفاً أو رُخاء ؛ لأنّ المؤمن مُرزأُ مصاب في نفسه وأهله وولدِهِ ، ويؤذيه كلّ أحدٍ ، ويُصاب كلّ وقت مصيبةٌ اُخرى ، ومع ذلك يبقى ، فإذا انقضى بلاؤه استقام أمره واستوى حاله .

1.فيض القدير ، ج ۳ ، ص ۶۱۶ ؛ النهاية في غريب الحديث ، ج ۱ ، ص ۲۰۶ ؛ لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۶۳۹ .

2.انظر: لسان العرب، ج ۲، ص ۲۲۰ (ثبج)».

3.آخيه : ميخ آخُر . جاى اسب بستن . ادرون . آنچه ستور را بدان بندند . آخر اسب (نطنزى) ... توسعا الطبل ، ج : اواخى . «لغت نامه دهخدا ، واژه آخيه» . ونقل في لسان العرب (ج ۱۴ ، ص ۲۳ «أخو») أنّ آحْية بالتخفيف أيضا صحيح .

4.في المخطوطة بدل «تمام» كلمة تقرأ : «بهم» أو قريبة منها .

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق: سليماني الاشتياني،مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 195139
صفحه از 627
پرینت  ارسال به