501
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

ثمّ ذكر تسليةً للمرضى ، فقال : إذا أصاب المؤمنَ حالةٌ يشكو منها سائر الخلق ، يكون وَجَعَهُ كفّارةً لذنوبه، ويفارق عنه كما يفارق جيّد الحديد من رديئه في كير الحدّاد .
وليس لمن يقول : «إنّ أعمال العباد طاعاتها ومعاصيها كلّها بقضاء اللّه وقدره» أن يستدلّ بالخبر الأخير ؛ لأنّه لا ينكر أن ليس للّه قضاء وقدر في الدُّنيا ؛ فإنّ أفعاله تعالى كلّها بقضائه وقدره .
ومعنى الخبر : إذا أراد اللّه أن يُمرِض إنساناً أو يميته أو يهلك ماله ، لا يمكنه دفع ذلك بوجه وسبب ، فكأنّ ذلك العقل الذي كان يدفع عنه باستعمال جميع ما يكرهه من أحدٍ من المخلوقين سلبه اللّه منه ، والمَجاز في الكلام ـ لئلّا يبطل دليل العقل ـ حَسنٌ . وهذا أحد القرائن التي توجب أن لا يحمل الكلام على ظاهره ، بل يطابق دليل السمع على دليل العقل .


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
500

لمّا رأيته عندك ، فذهبت على ما أمرني اللّه ، وإذا أنا بذلك الرجل في تلك الأرض فقبضته هناك . ۱
وعن أبي سعيد الخدري : مرّ النبيّ عليه السلام بجنازة وُضعت ، فقال : «مَن هذا؟» قالوا : فلان الحبشي . فقال : «لا إله إلّا اللّه ، سبق من أرضه وسمائه إلى تربته التي خُلق منها !»۲ .
وروي أنّه عليه السلام وقف على قبرٍ ، فقال : «سُبحان اللّه ، ولد هذا بأرض الحبشة ودُفن في تربته !» .
ثمّ سلّى فقراء المؤمنين ، فقال : «إنّ اللّه إذا أراد أن يثبت عبداً منَعَهُ حُطام الدُّنيا كما يمنع أحدكم أن يشرب مريضه الماء إذا أضرّه» . ۳
و«حماه» : منَعَهُ ، و«استشاط» : احتدم وتلهّب وتحرّق غضباً وهو استفعال من شطوطة الزيت ، وفيه تحذير على صحبة السُّلطان وحَثّ للسلطان على محافظة حال نفسه بأن لا يسخط على الرعيّة ؛ فإنّه إن غضب على أحدٍ تسلّط عليه إبليس بالوسواس حتّى يوقعه في المآثم .
ثمّ طيّب قلوب المماليك ؛ بأنّهم إذا أحسنوا عبادة اللّه ونصحوا لمواليهم كُتب لهم من الأجر ضِعف ما يكتب للأحرار ۴ ، ونبّه على أن لا يقال لصاحب العبد : ربّ ، وإنّما يقال : سيّد ؛ لأنّ مرجع السيادة على من تحت يده .
ثمّ قال : إذا قرب قيام القيامة فمِن أشراطها انقراض الصُّلحاء وذهاب الأخيار ، وفي ذهابهم الوَهن في الإسلام إلى أن يتناهى إلى وقت «لا يقوم الساعة إلّا على شرار الناس» . ۵

1.راجع: المصنف لإبن ابي شيبة، ج ۸ ، ص ۱۱۸؛ الكشاف، ج ۳، ص ۲۳۹.

2.المستدرك للحاكم، ج ۱، ص ۳۶۷؛ عمدة القاري للعيني، ج ۸ ، ص ۲۲۲؛ تاريخ مدينة دمشق، ج ۳۰، ص ۲۱۴؛ امتاع الأسماع للمقريزي، ج ۱۰، ص ۳۴۲.

3.لم نعثر عليه في موضع .

4.في المخطوطة : «الأحرار» .

5.مسند أحمد، ج ۱، ص ۳۹۴ و ۴۳۵؛ صحيح مسلم، ج ۸ ، ص ۳۰۸؛ سنن إبن ماجة، ج ۲، ص ۱۳۴۱؛ المستدرك للحاكم، ج ۴، ص ۴۴۱.

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق: سليماني الاشتياني،مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 195056
صفحه از 627
پرینت  ارسال به