۸۶۲.كَفى بِالْمَرْءِ سَعَادَةً أَنْ يُوَثَّقَ فِي أَمْرِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ . ۱
وللخبر الأوّل معنيان :
أحدهما : أن يقول : كفى بالرجل داءً في حال سلامته وصحّته أن يكون متوقّعاً ومنتظراً بأن يفارق منه تلك السلامة ويذهب عنه تلك الصحّة ، فجعل ذلك التوقّع همّاً وحزناً وداءً ، وعلى هذا أشدّ الغمّ عندي في سرورٍ تيقّن عنه صاحبه انتقالاً .
والمعنى ۲ الثاني : اكتفِ أيُّها السالم الصحيح في يديك بهذه السلامة التي عندك داءً أن لا يُكتب لكَ أجرٌ وعوَض ، وليس سلامتك التي لا تعبدُ اللّه فيها إلّا حجّةً عليك وداءً ومضرّةً . فمِن حقّك أن تُداوي داءك ، وتشتغل بشفاء نفسك بالطاعات والعبادات ؛ ليصير ما أنت فيه سلامة .
وقيل : معناه : كفاك داءً حيثُ يفارقك الصحّة والسلامة .
و«كفى» يتعدّى إلى مفعولين ، والباء زائدة ؛ أي كفى بالسلامة داءً ، فحذف الفاعل ؛ لأنّ «كفى» يدلّ على الكافي .
ثمّ حثّ على ذكر الموت أبداً ونصبه بين العينين ؛ ليردعك عن المعاصي ، فالموت أبلغ واعظٍ .
ثمّ قال : من تيقّن أنّ الرزق من اللّه استغنى عن الخَلق ، فيكون نفسه [في] غنىً لا فقر عنه . ۳
ثمّ حثَّ على العمل الصالح والاكتفاء بالعبادة عن تطلّب شغلٍ ؛ فإنّها نَفَعَ عمل يُحمد ويُثاب عليه .
ثمّ بيّن أنّه يكفي المرء من الإثم تضييعه مَن لا كادّ له سواه فيبقى ضائعاً ، ولعلّ اللّه إنّما يوسّع عليه لعياله ، والأشهر في «كفى» أن يليه الفاعل كما تقدّم من قوله