505
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

تعالى : « وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا »۱ ، وقد يليه المفعول كما في هذا الخبر ؛ لأنّ التقدير : كفى المرء إثماً تضييعه من يقوت ، فإثماً تمييزٌ أو مفعول ثان ؛ لأنّ كفى يتعدّى إلى مفعولين ، و«الباء» أيضاً زائدة كما كانت لمّا دخلت في الفاعل .
ثمّ زجر أن يحدِّث الإنسان بكلّ شيء يسمعه حتّى يعلم ثمّ يحدِّث به إن كان فيه منفعةٌ أو دفع مضرّة .
وقال عليّ عليه السلام : «بين الحقّ والباطل أربعُ أصابع» . فقيل : كيف ذلك؟ فوضع أصابعه بين العين والاُذن ، فقال : «الحقّ أن يقول رأيته ، والباطل أن يقول سمعته» . ۲
ثمّ رغّب في الأمانة وترك الخيانة ديناً ودنيا فقال : السعيد كلّ السعيد من كان ثقةً عند الناس في الاُمور الدينية والدُّنياوية ، ولا يتّهمونه بشيءٍ ؛ لأمانته الراسخة .
والوجوه التي ذكرناها في «كفى» و«الباء» يجوز في جميعها .
وقوله : «أن يوثق به» يجوز أن يكون فاعل كفى ، و«المرء إثماً» مفعولان .

1.النساء (۴) : ۷۹ .

2.الخصال ، ص ۲۳۶ ، ح ۷۷ ؛ و ص ۴۴۱ ، ح ۳۳ ؛ تحف العقول ، ص ۲۲۹ ؛ روضة الواعظين ، ص ۴۶ .


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
504

۸۶۲.كَفى بِالْمَرْءِ سَعَادَةً أَنْ يُوَثَّقَ فِي أَمْرِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ . ۱

وللخبر الأوّل معنيان :
أحدهما : أن يقول : كفى بالرجل داءً في حال سلامته وصحّته أن يكون متوقّعاً ومنتظراً بأن يفارق منه تلك السلامة ويذهب عنه تلك الصحّة ، فجعل ذلك التوقّع همّاً وحزناً وداءً ، وعلى هذا أشدّ الغمّ عندي في سرورٍ تيقّن عنه صاحبه انتقالاً .
والمعنى ۲ الثاني : اكتفِ أيُّها السالم الصحيح في يديك بهذه السلامة التي عندك داءً أن لا يُكتب لكَ أجرٌ وعوَض ، وليس سلامتك التي لا تعبدُ اللّه فيها إلّا حجّةً عليك وداءً ومضرّةً . فمِن حقّك أن تُداوي داءك ، وتشتغل بشفاء نفسك بالطاعات والعبادات ؛ ليصير ما أنت فيه سلامة .
وقيل : معناه : كفاك داءً حيثُ يفارقك الصحّة والسلامة .
و«كفى» يتعدّى إلى مفعولين ، والباء زائدة ؛ أي كفى بالسلامة داءً ، فحذف الفاعل ؛ لأنّ «كفى» يدلّ على الكافي .
ثمّ حثّ على ذكر الموت أبداً ونصبه بين العينين ؛ ليردعك عن المعاصي ، فالموت أبلغ واعظٍ .
ثمّ قال : من تيقّن أنّ الرزق من اللّه استغنى عن الخَلق ، فيكون نفسه [في] غنىً لا فقر عنه . ۳
ثمّ حثَّ على العمل الصالح والاكتفاء بالعبادة عن تطلّب شغلٍ ؛ فإنّها نَفَعَ عمل يُحمد ويُثاب عليه .
ثمّ بيّن أنّه يكفي المرء من الإثم تضييعه مَن لا كادّ له سواه فيبقى ضائعاً ، ولعلّ اللّه إنّما يوسّع عليه لعياله ، والأشهر في «كفى» أن يليه الفاعل كما تقدّم من قوله

1.مسند الشهاب ، ج ۲ ، ص ۳۰۵ ، ح ۱۴۱۷ ؛ الكامل لابن عدي ، ج ۵ ، ص ۲۸۲ . الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۲۷۱ ، ح ۶۲۳۸ ؛ كنزالعمّال ، ج ۱۵ ، ص ۷۷۸ ، ح ۴۳۰۷۰ ؛ ميزان الاعتدال ، ج ۲ ، ص ۶۰۵ ، ح ۵۰۳۰ . عيون الحكم والمواعظ ، ص ۳۸۶ .

2.في المخطوطة: «ومعنى».

3.كذا في المخطوطة .

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق: سليماني الاشتياني،مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 195296
صفحه از 627
پرینت  ارسال به