أحدٌ من بني آدم إلّا كذلك ؛ ألا ترى أنّه قد كان للّه عباد خفروا ۱ ، ولو جعلت الجبال ذهباً لم يلتفتوا إليها .
ثمّ حثَّ على حسن التوكّل على اللّه وتفويض الأمر إليه والثقة بجميع صنعه وحسن تدبيره ؛ فإنّ هذه الطيور لمّا كان اعتمادها على اللّه ولم يكن لها مالٌ ولا كسبٌ غدت جياعاً وراحت شباعاً . و«البِطان» : الممتلية من الأكل والشرب ، و«الخِماص» : على ضدّ ذلك جمع خميصٍ وهو ضامر البطن من الجوع .
ثمّ نبّه على أنّ العُجب أعظم من ذنوب كثيرة ، فلو لم يُذنِب ابنُ آدم وعجب من نفسه ، ودَخل عليه عُجب بسبب صلاته وصومه وزكاته ونحو ذلك ، لكان هذا أعظم عند اللّه من كثيرٍ من الذنوب .
ثمّ ذكر سعة رحمة اللّه وفضله فقال : لو لم تكونوا أيُّها الحاضرون مُذنبين ، واستعفيتم ۲ فرضاً وتقديراً ، لكان في عباد اللّه من يرتكب الحرام ويقترمَنَّ ۳ العظائم ، ويغفر اللّه له ويعفو ۴ عنه تفضّلاً وكرماً بعد أن كان مؤمناً ، ويُدخله الجنّة بفضله .
1.في المخطوطة تقرأ: «حفروا»، والمناسب ما اُثبت، ويراد به: أنّهم في ذمّة اللّه وجواده. انظر: لسان العرب، ج ۴، ص ۲۵۳ (خفر).
2.كذا في المخطوطة ، ويبدو أن الصحيح : «استعففتم» .
3.أي اشتهى العظائم وارتكبها. انظر: القاموس المحيط، ج ۲، ص ۱۵۱۱ (قرم).
4.في المخطوطة: «يغفر»، والمناسب ما اُثبت .