529
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

ولقوله : « أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا »۱ . ۲
وفي المثل : «الواقية خيرٌ من الراقية» ؛ أي : حفظُ اللّه خيرٌ من رقيتك .
و«النكال» : العبرة التي ينكل الرجل عندها ؛ أي يجبن ويضعف ، وأراد بنكال قريش ما جرى عليهم من القحط والجَدب والقتال .
وقيل : الرحال وما رماهم اللّه به من الأنكال والقيود والأغلال وشماتة الأعداء وهجران الأوطان . وإنّما دعا لهم لفرط محبّته وشفقته عليهم .
وقال عليه السلام : «بورك لاُمّتي في بكورها يوم سبتها وخميسها» . ۳
وقال : «مَن بكّر يوم السبت في طلب حاجة ، فأنا ضامن بنجاحها» . ۴
وبيان قوله : «بارك لاُمّتي في بكورها» في تمامه ، وهو قوله : «بكّروا تنجحوا ، واصدقوا تفلحوا ، واغزوا تصحّوا» . ۵
وقيل : أراد هذه البركة في طلب العلم وطلب كسب الحلال .
وقوله : «إليك انتهت الأماني يا صاحب العافية» ، معناه : إليك بلغت الآمال والأماني يا من تملك دفع المضارّ والبلايا عن العباد ودفع العلل والأسقام عنهم ولا يقدر عليه غيرك . و«العافية» : دفاع اللّه عن العباد .
والصحيح أنّ هذه الكلمة ليست من جملة الدُّعاء . وغلط ۶ القضاعي في إيرادها في هذا الباب ؛ لأنّه ظنّ أنّ معناها ما ذكرناه ، وتحقيق ذلك أنّه عليه السلام يُخاطب إنساناً يكون في العافية والسلامة ، ولا يكون عنده مالٌ ولا نعمة ، يطيِّب عليه السلام قلبه بذلك

1.يوسف (۱۲) : ۲۱ .

2.النهاية في غريب الحديث، ج ۵، ص ۲۲۴.

3.راجع : الخصال ، ص ۳۸۳ ، ح ۵۹ ؛ روضة الواعظين ، ص ۳۹۲ ؛ مجمع الزوائد ، ج ۴ ، ص ۶۱ .

4.كنزالعمّال ، ج ۶ ، ص ۵۲۰ ، ح ۱۶۸۱۲ (رواه عن أبي نعيم عن جابر) .

5.لم نعثر عليه في موضع.

6.في المخطوطة : «غلظ» ، والظاهر أنّه تصحيف في الكتابة .


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
528

وفيه وجهٌ آخر ، وهو أن يكون معناه الدفع والمنع من قولك حال بين الشيئين، إذا منع أحدهما عن الآخر ، فقوله : بكَ اُحاول ؛ أي : لا أمنع ولا أدفع إلّا بك . وقوله : وبكَ أصول؛ أي بك أحمل على العدوّ .
وروي : «وبكَ اُصاول» ۱ ؛ أي اُواثب . وروي أنّه إذا لقي العدوّ كان يقول : «اللّهمَّ بكَ أحول ، وبك أصول»۲ ، وهو من حال يحول حيلةً ؛ بمعنى احتال ، والمراد كيد العدوّ ، وقيل : هو من حال بمعنى تحرّك ، و«الواقيةُ» مصدر كالعافية والكاذبة .
وقيل : معناه : يا ربّ ، أسأل من فضلك أن تجعلني في واقيتك وحفظك كما جعلتَ الوليد في كلاءتك .
وقيل : هو أنّ موسى لمّا خرج أبوه من عنده وترك اُمّه وغنمه ووضعته اُمّه في مفازةٍ ، لا واقي لهم غير اللّه .
وقيل : أراد به حبس الولدان ؛ أي : قني واقيةً مثل واقيتك للولدان ؛ فإنّك تحفظ الصبيّ عن المهالك مع فرط غفلته ، فكذلك قِني بفضلك عمّا اُحاذر وعمّا لا اُحاذر في الدُّنيا والآخرة .
ويروى : «كواقية موسى» ، وذلك حين ألقته اُمّه في التابوت ، وألقت التابوت في البحر ، فردّه إليها سالماً من غير أن أصابه بلاءٌ ، فكذلك سلّمني من الآفات .
و«واقيةً» نُصِبَ على المصدر ، ومحلّ الكاف نصب ؛ لأنّه صفةٌ ؛ أي : قِني واقيةً مثل واقيتك الوليد . والمصدر الثاني مضاف إلى المفعول .
والصحيح أنّ المراد بالوليد موسى ؛ لقوله تعالى : « أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا »۳ ،

1.النهاية في غريب الحديث، ج ۱، ص ۴۶۳؛ بحار الأنوار، ج ۸۳ ، ص ۱۷۴ عنه.

2.راجع : مسند أحمد ، ج ۴ ، ص ۳۳۲ ؛ المصنّف لابن أبي شيبة ، ج ۷ ، ص ۶۹۵ ؛ الفائق في غريب الحديث ، ص ۲۹۰ .

3.الشعراء (۲۶) : ۱۸ .

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق: سليماني الاشتياني،مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 215519
صفحه از 627
پرینت  ارسال به