57
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

لصدئ الذنب والشكّ عن فؤاد كلِّ محصِّل معرفة اللّه ورسوله وحججه ، وشفاءٌ لكلّ داءٍ يكون بالذين يخافون عقاب اللّه ؛ لأنّ تلك اللفظة صدرت عن صدرِ موفَّقٍ مقوًّى بالعصمة قد خصّ بالفرق بين الحلال والحرام ، فلا وجه لردّها ، وكيف أنّها جاءت من جهة النبيّ الموصوف بهذه الصفات ، وهي أنّه عليه السلام يدعو الناس إلى الإسلام ، ويرشد عن الجهل والغفلة ، ولا يجوز على من ائتمنه اللّه من وحيه ـ عليه أفضل صلاةٍ صُلّيت على أحد من الأنبياء ـ ؟
وأمّا مشكلاته : فإنّ «أمّا» للتخيير كما أنّ «إمّا» للتخيير ، و«أمّا» كلمة يُقال بعد تقدّم كلام وهو متضمّن معنى الشرط ، ولذلك يجابُ بالفاء .
و«بعد» مبنيّ على الضمّ ، بني لما حُذِف منه المضاف إليه .
و «اللفظ» : الرمي إلّا أنّه اختصّ بالعرف بما يلفظ من الفم .
و«النبويّة» ، منسوبة إلى النبيّ ، وأصله من النباوة ، وهي الرفعة ۱ ، ولا يُهمز ؛ لقوله عليه السلام : ولا تَنبِروا ۲ باسمي ۳ ليكون اسم مدح ، ولا يكون من النبأ وهو الخبر .
و«الأدب» : ما يُدعا إليه ، فعل بمعنى مفعول كالنفض والقبض ، ومنه المأدبة ، فالأدب كلّ خَصلةٍ من خِصال الخير جديرة بأن يدعا إليها .
والشرع : طريقة الإسلام ، ومنه شريعة الماء : الطريق الذي يشرع إليه ، فعيلة بمعنى مفعولةٍ ، يقال : شرعت في الأمر شرعاً ، إذا خضت فيه ۴ .
والجلاء : مصدر جلوت السيف ، إذا نقّيته من الصداء ، وأصله الكشف والإظهار .
وقيل : ما سمّي القلب إلّا من تقلّبه ۵ .
والمراد بالعارف : هو المحصّل معرفة اللّه وجميع ما يجب عليه تحصيله من

1.راجع : لسان العرب ، ج ۱۵ ، ص ۳۰۲ (نبو) .

2.النَّبْرُ في الكلام : الهَمْزُ ، وكلّ شيء رفع شيئا فقد نبره . العين ، ج ۸ ، ص ۲۶۹ ؛ لسان العرب ، ج ۵ ، ص ۱۸۹ (نبر) .

3.المحرّر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ، ابن عطيّة الأندلسي ، ص ۴۶۲ ، نقله عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله مرفوعا .

4.اُنظر : العين ، ج ۱ ، ص ۲۵۲ ؛ لسان العرب ، ج ۸ ، ص ۱۷۵ (شرع) .

5.اُنظر : العين ، ج ۶ ، ص ۱۸۰ ؛ لسان العرب ، ج ۱۴ ، ص ۱۴۹ (جلو) .


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
56

وكذلك معنى التطهير .
والصلاة من اللّه بمعنى الرحمة ، ومن الملائكة بمعنى الاستغفار ، ومنّا بمعنى الدعاء ۱ .
وإذا قيل : «صلّى اللّه عليه» فالأولى أن يُقال : «وعلى آله» ؛ لأنّ الضمير المجرور مع الجارّ بمنزلة شيء واحد ، فلو لم يعد الجارّ لكان بمنزلة العطف على بعض الكلمة .
وإذا قيل : «صلّى اللّه على محمّدٍ» فالأولى أن يُقال : «وآل محمّد» ولا يعاد الجارّ ؛ ليكون الكلام جملة واحدة . وإذا قلت : «صلّى اللّه على محمّد وعلى آل محمّد» صار الكلام جملتين وتقدّر محذوفاً ، أي «وصلّى اللّه على آل محمّد» ، وعند بعضهم هذا أبلغ في علم البيان . ۲
والآل أجلّ من الأهل في العرف ، والهمزة بدل من الهاء ؛ لكونهما من الحلق .
أمّا بعد ، فإنّ في الألفاظ النبوية والآداب الشرعية جلاءً لقلوب العارفين ، وشفاءً لأدواء الخائفين ؛ لصدورها عن المؤيَّد بالعصمة ، والمخصوص بالبيان والحكمة ، الذي يدعو إلى الهدى ، ويبصّر من العمى ، ولا ينطق عن الهوى ، صلّى اللّه عليه وعلى آله ۳ أفضل ما صلّى على أحدٍ من عباده الذين اصطفى .
أمّا معناه : فإنّه ذكر تشبيباً ۴ قبل شروعه في المقصود ، وقال : اُخبر ـ بعد ما تقدّم من التسمية والتحميد والصلاة على محمّد وآله ـ أنّ في كلّ لفظة لفَظَها الذي [لفظها ]من فمه ورماها من لسانه ، وفي كلّ خَصلةٍ حَسَنَةٍ من الشرع دعا اللّه إليها تنقية

1.راجع : العين ، ج ۷ ، ص ۱۵۳ ؛ لسان العرب ، ج ۱۴ ، ص ۴۶۵ (صلو) .

2.سبق إلى هذا القول الامام ضياء الدين الراوندي في ضوء الشهاب و تعقباه المؤلف هنا و الشيخ تقي الدين الكفعمي في حاشية المصباح . راجع : «اقناع الرافض لجواز عطف الظاهر على المحفوض من دون اعادة الخافض» السيد حسن الحسيني آل المجدد الشيرازي ، تراثنا ، العدد ۴۸ ، ص ۲۶۸ .

3.في مسند الشهاب : «وسلّم» بدل «وعلى آله» .

4.تشبيبُ الكتب : الابتداء بها والأخذ فيها ، وتشبيب النار : إيقادها . اُنظر : لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۴۸۱ ؛ مجمع البحرين ، ج ۲ ، ص ۸۵ (شبب) .

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق: سليماني الاشتياني،مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 199692
صفحه از 627
پرینت  ارسال به