61
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

والمراد بقولنا : «سبب في الكلام» : الداعي إلى الخطاب به والباعث عليه ، وليس المراد به الأسباب المولّدة للأفعال ، وقد اتّفقنا على أنّ الحكيم لا يجوز أن يريد بخطابه إلّا ما له داعٍ إليه ، فلا بدّ من خطابه من أن يكون مقصوراً على أسبابه ، غير أنّه لا يجيء منها أنّه إذا سأله عليه السلام سائل عن مسألة حادثة فأجابه بقولٍ عامٍّ أن ۱ يقصُره على ذلك السؤال ؛ لأنّه إذن عمّ بخطابه سؤال ۲ السائل وغيره ، فلم يضف إلى بيان ما يُسأل عنه بيان حكم غيره إلّا لسبب آخر و داعٍ هو غير سؤال ؛ لأنّه لو لم يكن كذلك لأجاب بما يكون وقفاً للسؤال من غير أن يكون فاضلاً عليه .
وكلامه عليه السلام ينقسم إلى مطابق السبب غير فاضلٍ عنه ، وإلى ما يكون أعمّ منه ، والأوّل لا خلاف فيه ، والثاني على ضربين :
إمّا أن يكون أعمّ منه ۳ في الحكم المسؤول ، نحو قوله [ صلّى اللّه عليه وآله ]ـ وقد سُئل عمّن ابتاع عبداً واستغلّه ، ثمّ وجد به عيباً ـ : الخراج بالضمان ۴ .
وإمّا أن يكون أعمّ منه في غير ذلك الحكم المسؤول ، نحو قوله عليه السلام ـ وقد سئل عن الوضوء بماء البحر ـ : هو الطهور ماؤه ، الحِلّ ميتته ، فأجاب بما يقتضي شربه وإزالة النجاسة به وغير ذلك .
وأكثر أحاديثه عليه السلام متضمّنة للأوامر والنواهي ، وإنّما لم يذكرها على لفظ : «افعل» و«لا تفعل» لفوائد جمّة ؛ أ لا ترى أنّه عليه السلام لو قال : «الزموا جماعة الحقّ تُرحموا» بدل قوله : الجماعة رحمة ۵ ، لظنّ المخاطبون أنّهم مخصوصون بذلك؟

1.في المخطوطة : «أنا» ، والظاهر أنّه تصحيف .

2.في المخطوطة : «السؤال» ، والصحيح ما اُثبت .

3.في المخطوطة : + «والأوّل لاخلاف فيه ، والثاني على ضربين : إمّا يكون أعمّ منه» .

4.عوالي اللئالي ، ج ۱ ، ص ۵۷ ، ح ۸۳ ؛ مستدرك الوسائل ، ج ۱۳ ، ص ۳۰۲ ، ح ۳ .

5.مسند الشهاب لابن سلامة ، ج ۱ ، ص ۴۳ ، ح ۱۵ ؛ الإستذكار لابن عبدالبرّ ، ج ۸ ، ص ۵۷۸ ؛ الجامع الصغير ، ج ۱ ، ص ۵۶۱ ، ح ۳۶۲۴ ؛ كنزالعمّال ، ج ۳ ، ص ۲۶۶ ، ح ۶۴۸۰ .


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
60

ثمّ زدتُ مئتي كلمة فصارت ۱ ألف كلمةٍ ومئتي كلمة ، وختمتُ الكتاب بأدعية مرويّةٍ عنه عليه السلام ، وأفردت الأسانيد جميعها كتاباً يرجع في معرفتها إليه ، وأنا أسأل اللّه تعالى أن يجعل ما اعتمدته من ذلك خالصاً لوجهه ومقرِّباً من رحمته بحوله وقدرته ۲ .
كان أوّل مرّةٍ وضع الكتاب على ألف حديث ، ثمّ ظهر له أخبار ، و لاح له أحاديث تليق بكلّ باب ، فزاد على الألف مئتي حديث فجعلها على هذا العدد ، وختم الكتاب بالدعاء كما افتتح بالحمد والثناء ، تبرُّكاً بذلك وتيمّناً .
ثمّ ذكر أنّه صنّف كتاباً آخر لأسانيد هذه الأخبار على ما سمعته من طرقه ؛ فإنّ الإسناد حجّة على صحّة الأخبار ، وعِلمُ الأخبار عِلم جليل ، خاصّةً معرفة الرجال وطبقاتهم والعلم بجرحهم وتعديلهم ؛ فإنّ الشريعة تُعرف بها بعد كتاب اللّه والإجماع ؛ إذ لا طريق للعقل إلى معرفتها ، وما جاء من ذلك في كتاب اللّه مجمل وبيانه يؤخذ من الأخبار ، وخبر الواحد وإن لم يوجب العلم فهو موجب للعمل على الظنّ عند أكثر العلماء .

فصل

اعلم أنّ كلّ خبر وحديث كان له سبب خاصّ ، كما أنّ لكلّ آيةٍ من كتاب اللّه كان له سبب نزول مفردٍ ، إلّا أنّ الرواة لم ينقلوا على الأكثر إلّا ما لا يُعلم إلّا بذكر سببه وإن كان وَرد كلّ خبر في أمرٍ خاصّ ، ولا يجب قصره عليه ؛ لأنّ لكلِّ كلام حكم نفسه ، فإذا اُطلق الكلام إطلاقاً فهو على العموم تناول كلّ ما يصحّ دخوله تحته ، والأصل في الكلام الإطلاق ، وإنّما يكون التقييد فرعاً ، والتخصيص شرعاً يُعلم بقرينة ودلالة منفصلةٍ .

1.في مسند الشهاب : «فصار» .

2.في حاشية المخطوطة : «وقوّته» .

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق: سليماني الاشتياني،مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 195071
صفحه از 627
پرینت  ارسال به