65
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

بالنيّات ، وإنّما كان لكلّ امرىٍ?ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى اللّه ورسوله فهجرته إلى اللّه ورسوله ، ومن كانت هجرته إلى دنيا يُصيبها ، أو امرأةٍ يتزوّجها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه» .
والأولى حمله على العموم . على أنّ العموم إذا خرج على سبب خاصٍّ لا يجب قصره عليه .

۲.المَجَالِسُ بِالأَمَانَةِ . ۱

معنى الخبر : النهي عن النميمة ، والأمر بأداء الأمانة في المجالِس بحفظ ما يُسمع فيها وصيانته عن الإذاعة والإفشاء ؛ لأنّ من أفشى ونقل ما جرى هنالِك ربما أدّى إلى إهلاكه في الدنيا ، وربما كان يجري في مجلسٍ أسرارٌ يجب حفظها ، فإن اُفشيت أدّى إلى تلف أموال وهلاك نفوس .
وقيل : «حفظ السرّ من أعظم البرّ» ، و«إفشاء السرّ من أقبح الشرّ» ، و«صدور الأحرار قبور الأسرار» ۲ .
والمجلس : موضع الجلوس ويكون مصدراً ، والأمان والأمانة : واحد ، والأمانة يستعمل في الشيء المودع عند أمينٍ . والباء يتعلّق بمحذوفٍ ، يعني : قوام المجالس وصلاح المجالس يكون بالأمانة ، ثمّ حذف المضاف واُقيم المضاف إليه مقامه ، وهذا كثير حيث لا يلتبس المعنى .
وروي في الخبر زيادة ، وهي : «المجالس بالأمانة إلّا ثلاثة : مجلس سُفِكَ فيه دم حرام ، أو استحلّ [ فيه ]فرج حرام ، أو اقتُطع [ فيه] مال [حرام]۳» .

1.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۳۷ ، ح ۳ ؛ مسند أحمد ، ج ۳ ، ص ۳۴۲ ؛ سنن أبي داود ، ج ۲ ، ص ۴۴۹ ، ح ۴۸۶۹ ؛ الكافي ، ج ۲ ، ص ۶۶۰ ، ح ۱ و ۳ ؛ الفقيه ، ج ۴ ، ص ۳۷۸ ، ح ۵۷۹۰ (وفي الأخيرين عن أبي عبداللّه الصادق عليه السلام ) ؛ الأمالي للطوسي ، ص ۵۳ ، ح ۷۱ .

2.قيل هذا من كلام ذي النون المصري ، راجع : كشف الخفاء للعجلوني ، ج ۲ ، ص ۲۳ .

3.معدن الجواهر للكراجكي ، ص ۳۳ ؛ الأمالي للطوسي ، ص ۵۲ ، ح ۷۱ ؛ مسند أحمد ، ج ۳ ، ص ۳۴۲ ؛ سنن أبي داود ، ج ۲ ، ص ۴۴۹ . مع اختلاف يسير في الجميع ، والإضافات من أمالي الطوسي .


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
64

أخبر أنّ الأحكام تُثبت الأعمال في الشريعة بالنيّات .
وأمّا مشكلاته : فالعمل : كلّ فعل فيه بعض الأحكام ، وتلحق فاعله المشقّة في فعله ، ولا يجري على اللّه لهذا .
وللفعل أحوال يختلف عليه الأسماء لاختلافها ، أعمّها «الفعل» وهو ما وجد بعد أن كان مقدوراً . ثمّ «الصُّنع» وهو الفعل المحكم ، ويجري على اللّه كلاهما وعلينا .
ثمّ «الخلق» وهو إخراج المقدور من العدم إلى الوجود على ضربٍ من التقدير ، ولا يطلق إلّا على اللّه ؛ لمنع سمعي ، ويستعمل فينا مقيّداً ، يُقال : خلقتُ الأديم ، أي قدّرته ، وكذلك يسمّى الإرادة عزماً وتوطيناً للنفس إذا كانت متقدّمة على الفعل ، ويسمّى قصداً وإيثاراً واختياراً إذا كانت مقارنةً للفعل بشرط أن يكون من فعل المريد .
فإنْ قيل : لِمَ لم يقل : الأفعال بالنيّات؟
قلنا : الأعمال يختصّ بالمعالجات بالجوارح ، والأفعال يُنسب إلى القلوب وإلى الجوارح وإلى اللّه تعالى ، فلو كان الخبر على الصيغة التي سُئل عنها لكان فيه إثبات النيّة للّه ، وهي مُستحيلة عليه تعالى في جميع أفعاله . ويلزم أنْ يكون لكلِّ فعلٍ من أفعال القلوب نيّة حتّى يجب لكلّ إرادة إرادةٌ ، فتؤدّي إلى ما لا نهاية .
على أنّ الحثّ منه عليه السلام لاُمّته على أن يكون أعمالهم الظاهرة التي يدخل فيها الرياء والسمعة خالصة للّه ، طالبين بها رضاه ورحمته ، ولا يكون كذلك إلّا من نيّة صحيحة .
و«الأعمال» رُفع بالابتداء ، وخبره على التحقيق هو الذي تعلّق حرف الجرّ به ، وتقديره : الأعمال واقعة أو صحيحة بالنيّات ، والجارّ والمجرور في موضع الرفع ؛ لوقوعه موقع خبر المبتدأ ، ويجوز أن يكون التقدير : وقوع الأعمال موقع الصحّة والقبول بالنيّات ، و : الأعمال واقعة موقع الصحّة بالنيّات .
وسبب الخبر : أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله لمّا هاجر إلى المدينة ، فهاجر بعضهم لرضا اللّه ، وبعضهم لغرض دنيوي من تجارة ونكاح ومال ، فأطلعه اللّه عليه ، فقال : «الأعمال

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق: سليماني الاشتياني،مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 191909
صفحه از 627
پرینت  ارسال به