وقال عليه السلام : إذا وعد أخاه شيئاً فلم يفِ له به وفي نيّته الوفاء ، فلا إثم عليه ۱ .
و«العِدة» : الوعد كالزِّنة والوزن ، والصِّفة والوصف ، وأصلها : وَعدة ووزنة ووصفة . و : «وعدت فلاناً» إذا كان هكذا مطلقاً كان الموعود به خيراً ، وإذا كان مقيّداً فهو صالح للخير والشرّ ، تقول : وعدتُه خيراً ووعدته شرّاً ، فأمّا أوعد فهو من الوعيد ، لا تستعمل إلّا في الشرّ . و«العطية» : اسم للإعطاء ؛ لأنّ الفعل منه أعطى يُعطي .
فإن قيل : كيف يصحّ روايتكم : «الكريم إذا وعد وفى ، وإذا أوعد عفا»۲ ، فإذا كان اللّه لا يخلف الميعاد ، فهل يجوز أن يخلف الإيعاد ليكون في غاية الكرم كما قلتم ؟
قلنا : لا يجوز ذلك ؛ لأنّ الخلف كذب ، سواء كان للميعاد أو للإيعاد ، إلّا أنّا نقول : من عفا اللّه وغفر له فالوعيد لم يتناوله في سابق علم اللّه ، ولم يدخل في عموم قوله : « وَمَن يَعْصِ اللَّهَ »۳ .
۵.العِدَةُ دَينٌ . ۴
معناه : إذا وعدت أخاك شيئاً فأوفِ له بذلك ؛ فإنّ الوفاء بالوعد يجب كوجوب قضاء الدين في قضيّة العقل . والأظهر أنّ هذا الخبر حثّ لِلمواعِدِ على الإنجاز والوفاء فقط ، والخبر الأوّل له معنيان كما ذكرنا :
أحدهما : الحثّ على الوفاء بالمواعيد ، وأنّه يكره الخُلف فيها كما يكره الرجوع في العطاء .
والثاني : أنّه بشارةٌ للموعود إذا كان من كريم ، وقد ذكرنا سببه المؤكِّد لهذا الوجه .
1.راجع : ميزان الاعتدال للذهبي ، ج ۴ ، ص ۵۸۵ ، ذيل ح ۱۰۷۲۲ .
2.عيون الحكم ، ص ۲۷ ؛ غرر الحكم ، ص ۱۵۲۸ ؛ الفتوحات المكّيّة ، ج ۲ ، ص ۵۳۴ (مع اختلاف يسير في الجميع) .
3.النساء (۴) : ۱۴ .
4.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۴۰ ، ح ۷ ؛ المعجم الأوسط ، ج ۴ ، ص ۲۳ ؛ المعجم الصغير ، ج ۱ ، ص ۱۵۰ ؛ المغني لابن قدامة ، ج ۱۲ ، ص ۹۲ . و لم نعثر عليه و ولا على مضمونه في مصادر الشيعة .