وسُئل عليٌّ عليه السلام عن التقوى ، فقال : «هو أن لو وضع عملك على طَبَقٍ ، ولم يُجعل عليه غطاء ، وطيف به على أهل الدنيا ، لما كان فيه شيء تُستحيي منه» . ۱
وجَعلُ المبتدأ والخبر معرفتين في الخبرين فيه سرٌّ ، وهو : أنّه يُستفاد من موضوع هذا النظم الإثبات والنفي ، فكأنّه قصد إلى أن يجعل الدين النصيحة والحسب المال لا غير على طريق المبالغة ، فكأن قد جعل الدين بأسره النصيحة ، كما تقول : «زيد الرجل» يعني هو عين الرجل وكلّ الرجل حتّى كأنّه لا رجل غيره ، وكذا الخبران ، يعني : لا حسب إلّا المال . ولو اُدخل «هو» الذي يسمّى الفصل لكان أوضح ؛ تقول : زيد هو الرجل .
۱۲.الخَيْرُ عَادَةٌ وَالشَّرُّ لَجَاجَةٌ . ۲
يريد : عَوِّدْ نفسك فعل الخير ؛ فإنّ الإنسان إذا اعتاد فعل الخير وواظب عليه وفّقه اللّه وزاد في ألطافه حتّى استمرّ على الخير ، فيصير عادةً له وسجيّةً ، وليس الشرّ كذلك ؛ فإنّه إذا كان شريراً فذلك من سوء اختياره ولجاج طبعه وغرور الشيطان ؛ فجعل الخير عادة لعود الناس إليه وحرصها عليه إذا أَلِفَته لطيب ثمره وحسن أثره ، وجعل الشرّ لجاجةً لما فيه من الاعوجاج و لاحتواء العقل إيّاه .
واشتقاق العادة من العود ، واللجاج من لجّة البحر ؛ لأنّ من وقع فيه تَحيّر .
۱۳.السَّمَاحُ رَبَاحٌ ، وَالعُسْرُ شُؤْمٌ . ۳
أي : سامِحوا وتَسَهَّلوا في كلّ أمرٍ تربحوا ، ولا تُضيّقوا في حالٍ فهو شؤمٌ يرجع إلى صاحبه ، والسماح : سهولة الخُلق . ۴
1.لم نعثر عليه في المجامع الروائيّة ، ولكن ورد في ضوء الشهاب (المخطوط) لأبي الرضا الراوندي.
2.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۴۷ ، ح ۲۲ ؛ سنن إبن ماجة ، ج ۱ ، ص ۸۰ ، ح ۲۲۱ ؛ صحيح إبن حبّان ، ج ۲ ، ص ۸ ، ح ۳۰۹ . وفي تحف العقول ، ص ۸۶ ؛ عيون الحكم ، ص ۲۰۲ ؛ عدّة الداعي ، ص ۱۹۳ : «الخير عادة» بدون الفقرة الثانية . وفي عيون الحكم ، ص ۲۰۲ في موضع آخر الفقرة الثانية .
3.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۴۸ ، ح ۲۳ ؛ ميزان الاعتدال ، ج ۲ ، ص ۳۸۸ ؛ الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۷۰ ، ح ۴۸۲۴ ؛ كنزالعمّال ، ج ۶ ، ص ۳۶۱ ، ح ۱۶۰۶۰ وراجع : مستدرك سفينة البحار ، ص ۱۴۳ .
4.راجع : لسان العرب ، ج ۲ ، ص ۴۸۹ ؛ مجمع البحرين ، ج ۲ ، ص ۳۷۴ (سمح) .