75
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

فمعناه : إذا كان الرجل سهل الجانب يسامحُ الناس ويقاربهم كثر معاملوه ، فيكثر ربحه ، وإذا كان عَسِر الخلق نفروا عنه .
ودخل أبو العيناء السوق فقال بعض أهلها : «تعالِ اُقارِبك» فقال : «إن لم تقاربني باعدتك» . والرَّباح ـ بفتح الراء ـ : الرِّبح ، وبكسرها : مصدر رابَحَ مرابحةً ورباحاً . ۱

۱۴.الحَزْمُ سُوءُ الظَّنِّ . ۲

يقول : لا تثقوا بكلّ أحدٍ ، واحتاطوا بالحذر من الناس ؛ فإنّه أسلم لكم . وكذلك يجب على العاقل أن يسيء الظنّ بجميع أحوال نفسه ، فإن عزم على ارتكاب فاحشةٍ وأحسنَ ظنّه بأنّ عمره طويلاً وهو يتوب بعد ذلك فليس هذا بحزمٍ وكياسة ، وربما يخترم ۳ دون ذلك ، وإنّما الحزامة والاحتياط إساءة الظنون بعُمره ، ويقول : أموت فيما بين الأمر ولا أعيش إلى أن أتوب. والسارق لو أساء ظنّه لم يُقطع يمينه.
ولا شكّ أنّ الإنسان إذا كان سيّئ الظنّ يحتاط في الاُمور ولا يتّكل إلى أحدٍ لا يثق به ، بل يستوثق ويعمل الاحتياط من الشدّ والإغلاق والختم والتيقّظ ، وإذا كان حَسَن الظنّ يعتمد على كلّ أحد ، فربّما يكون على خلافه ، ومن اتّهم نفسه يتدبّر في الاُمور ويتأنّى .
وقيل : «علامات الحمق ثلاثة : سرعة الجواب ، وكثرة الالتفات ، والثقة بكلّ أحدٍ» . وكان فيما مضى من الزمان حُسن الظنّ من حُسن العبادة ، فأمّا في زماننا هذا فإنّ كلَّ مَن أحسن الظنّ بأبناء الزمان أوقع نفسه في التلف والخسران .

1.راجع : العين ، ج ۳ ، ص ۲۱۷ ؛ لسان العرب ، ج ۲ ، ص ۴۴۲ (ربح) .

2.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۴۸ ، ح ۲۴ ؛ نزهة الناظر للحلواني ، ص ۱۱۱ ، ح ۳۷ ؛ الجامع الصغير ، ج ۱ ، ص ۵۸۹ ، ح ۳۸۱۵ ؛ كنزالعمّال ، ج ۳ ، ص ۴۰۳ ، ح ۷۱۵۴ . تحف العقول ، ص ۷۹ (مع اختلاف يسير) ؛ المناقب للخوارزمي ، ص ۲۵۵ ؛ بحارالأنوار ، ج ۷۴ ، ص ۲۲۷ .

3.الخرم بمعنى القطع، ومنه قيل: اخترمهم الدهر، إذا أهلكهم بجوائحه. المصباح المنير، ص ۱۶۷ (خرم).


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
74

وسُئل عليٌّ عليه السلام عن التقوى ، فقال : «هو أن لو وضع عملك على طَبَقٍ ، ولم يُجعل عليه غطاء ، وطيف به على أهل الدنيا ، لما كان فيه شيء تُستحيي منه» . ۱
وجَعلُ المبتدأ والخبر معرفتين في الخبرين فيه سرٌّ ، وهو : أنّه يُستفاد من موضوع هذا النظم الإثبات والنفي ، فكأنّه قصد إلى أن يجعل الدين النصيحة والحسب المال لا غير على طريق المبالغة ، فكأن قد جعل الدين بأسره النصيحة ، كما تقول : «زيد الرجل» يعني هو عين الرجل وكلّ الرجل حتّى كأنّه لا رجل غيره ، وكذا الخبران ، يعني : لا حسب إلّا المال . ولو اُدخل «هو» الذي يسمّى الفصل لكان أوضح ؛ تقول : زيد هو الرجل .

۱۲.الخَيْرُ عَادَةٌ وَالشَّرُّ لَجَاجَةٌ . ۲

يريد : عَوِّدْ نفسك فعل الخير ؛ فإنّ الإنسان إذا اعتاد فعل الخير وواظب عليه وفّقه اللّه وزاد في ألطافه حتّى استمرّ على الخير ، فيصير عادةً له وسجيّةً ، وليس الشرّ كذلك ؛ فإنّه إذا كان شريراً فذلك من سوء اختياره ولجاج طبعه وغرور الشيطان ؛ فجعل الخير عادة لعود الناس إليه وحرصها عليه إذا أَلِفَته لطيب ثمره وحسن أثره ، وجعل الشرّ لجاجةً لما فيه من الاعوجاج و لاحتواء العقل إيّاه .
واشتقاق العادة من العود ، واللجاج من لجّة البحر ؛ لأنّ من وقع فيه تَحيّر .

۱۳.السَّمَاحُ رَبَاحٌ ، وَالعُسْرُ شُؤْمٌ . ۳

أي : سامِحوا وتَسَهَّلوا في كلّ أمرٍ تربحوا ، ولا تُضيّقوا في حالٍ فهو شؤمٌ يرجع إلى صاحبه ، والسماح : سهولة الخُلق . ۴

1.لم نعثر عليه في المجامع الروائيّة ، ولكن ورد في ضوء الشهاب (المخطوط) لأبي الرضا الراوندي.

2.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۴۷ ، ح ۲۲ ؛ سنن إبن ماجة ، ج ۱ ، ص ۸۰ ، ح ۲۲۱ ؛ صحيح إبن حبّان ، ج ۲ ، ص ۸ ، ح ۳۰۹ . وفي تحف العقول ، ص ۸۶ ؛ عيون الحكم ، ص ۲۰۲ ؛ عدّة الداعي ، ص ۱۹۳ : «الخير عادة» بدون الفقرة الثانية . وفي عيون الحكم ، ص ۲۰۲ في موضع آخر الفقرة الثانية .

3.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۴۸ ، ح ۲۳ ؛ ميزان الاعتدال ، ج ۲ ، ص ۳۸۸ ؛ الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۷۰ ، ح ۴۸۲۴ ؛ كنزالعمّال ، ج ۶ ، ص ۳۶۱ ، ح ۱۶۰۶۰ وراجع : مستدرك سفينة البحار ، ص ۱۴۳ .

4.راجع : لسان العرب ، ج ۲ ، ص ۴۸۹ ؛ مجمع البحرين ، ج ۲ ، ص ۳۷۴ (سمح) .

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق: سليماني الاشتياني،مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 197614
صفحه از 627
پرینت  ارسال به