87
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

إلى الترك والتقى . على أنّ الترك ـ فعل الورع ـ الكفُّ عن المعاصي ، و«الملاك» القوام [و] ما يستمسك به الشيء ؛ لأنّ الملك في اللغة الشدّة .

۳۱.خَشْيَةُ اللّهِ رَأْسُ كُلِّ حِكْمَةٍ . ۱

أي خَفْ عقاب اللّه بترك معاصيه ؛ فإنّ الخوف من عقوبة اللّه أصل العلوم ، والحكيم إذا رأى مضرّةً صغيرةً دَفعَها عن نفسه بمقتضى حكمته ، و«الحكمة» مصدرُ حَكُمَ فهو حكيم ، والحكيم : المُحكِم لأفعاله كالأليم بمعنى المؤلم .
وقيل : الحكيم : العالم بدقائق الاُمور ، وأصله من حَكَمَةِ اللِّجام ؛ لأنّ خوف عقابه تعالى يمنع من ارتكاب المعاصي وترك الواجبات . وقيل : المراد «بالخشية» هاهنا العلم بثواب اللّه وعقابه [المودّي ]إلى كلّ علم . وقيل : العلم باللّه ابتداءُ كلِّ علم ، فلو لم يوجب علينا علوماً شرعية لكان الواجب علينا أن نعرفه ، والخشية بمعنى العلم معروفة ؛ قال اللّه تعالى : « فَخَشِينَآ أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَـنًا وَ كُفْرًا »۲ أي : علمنا أنّه يؤذيهما أذىً عظيماً ؛ لطغيانه وكفره .

۳۲.الوَرَعُ سَيِّدُ العَمَلِ . ۳

يقول : أمسكوا عن المحرّمات والمحظورات ، وكُفُّوا عن الشبهات والشهوات ؛ فإنّ الثواب على ترك المناهي أعظم من الثواب على الأوامر ، فكان «الورع» الذي هو الكف عن السيئات سيدّ الأعمال ، واللام في «العمل» تعريف الجنس ، وإذا رَضِيَ السيّد فالرعيَّة تابعة له .

1.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۵۹ ، ح ۴۱ ؛ الورع لابن أبي الدنيا ، ص ۴۳ ؛ الجامع الصغير ، ج ۱ ، ص ۶۰۳ ، ح ۳۹۰۹ ؛ كنزالعمّال ، ج ۳ ، ص ۱۴۱ ، ح ۵۸۷۲ .

2.الكهف (۱۸) : ۸۰ .

3.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۵۹ ، ح ۴۱ ؛ الورع لابن أبي الدّنيا ، ص ۴۳ ؛ تاريخ مدينة دمشق ، ج ۵ ، ص ۳۹۵ ؛ الجامع الصغير ، ج ۱ ، ص ۶۰۳ ، ح ۳۹۰۹ ؛ كنزالعمّال ، ج ۳ ، ص ۱۴۱ ، ح ۵۸۷۲ ؛ و ص ۴۳۰ ، ح ۷۲۹۹ .


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
86

يشتدّ ، من «ملَّكت العجين» إذا شددته ، و«الخواتم» جمع خاتم وهو ما يختم به الشيء ، أراد عواقبه وأواخره ؛ لأنّ الشيء إنّما يُختم في آخره عند الفراغ منه بتمامه ، ومنه : الاُمور بخواتيمها .

۲۹.كَرَمُ الكِتَابِ خَتْمُهُ . ۱

فشرِّفْ كتابك إليه بوضع الختم عليه ؛ لئلّا يطَّلع فيه أحدٌ ولا يفسد الحال المودعة فيه ، وإنّ الكتاب إذا خُتم دلّ على أنّ فيه شيئاً من المهمّاتِ العظام والاُمورِ الكبار ، وإذا لم يُختم يُرى أنّه لا شيء فيه ممّا يُعتنى به ، وإذا كان فيه سرٌّ فلا ينكتم عليه ، [و] فسِّر قوله : « أُلْقِىَ إِلَىَّ كِتَـبٌ كَرِيمٌ »۲ أي مختوم . وكان فيما مضى يختم الكتاب بالطين أو يشدّ عليه سِحاء وهو خيط ، ثم ترك ذلك إلى الإلصاق .
وقيل : معناه : إذا قرأت القرآن فإنّ إكرامه أن تَختمه وتقرأه إلى آخره ، والعموم يتناولهما ، وعلى هذا الوجه يجوز أن يكون المراد بالكتاب الجنس أعني كلّ كتاب علم .

۳۰.مِلاكُ الدِّينِ الوَرَعُ . ۳

يقول : إذا كنت متديِّناً فزيِّنْ نفسك بالورع ؛ فالإنسان إذا اتَّقى محارم الشرع والعقل وترْك الواجبات فقد أتى بكلِّ ما يجب عليه في الدين ، والمرجع بهذه اللفظة

1.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۵۸ ، ح ۳۹ ؛ المعجم الأوسط ، ج ۴ ، ص ۱۶۲ (وفيه : «كرامة» بدل «كرم) ؛ تخريج الأحاديث والآثار للزيلعي ، ج ۳ ، ص ۱۶ ؛ الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۲۷۰ ، ح ۶۲۲۸ ؛ كنزالعمّال ، ج ۱۰ ، ص ۲۴۳ ، ح ۲۹۲۹۵ (وفي الأخيرين أيضا : «كرامة» بدل «كرم») . ورواه العلّامة المجلسي رحمه اللهفي بحارالأنوار ، ج ۱۴ ، ص ۱۱۸ ، ح ۱۴ مجهولاً ، وفيه : «إكرام» بدل «كرم» .

2.النمل(۲۷) : ۲۹ .

3.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۵۹ ، ح ۴۰ ؛ المعجم الكبير ، ج ۱۱ ، ص ۳۲ ؛ الكامل لابن عدي ، ج ۳ ، ص ۴۵۵ ؛ تاريخ بغداد ، ج ۵ ، ص ۲۰۳ ، ح ۲۶۵۳ . ثواب الأعمال ، ص ۲۹۳ ؛ تحف العقول ، ص ۵۱۳ ؛ مكارم الأخلاق ، ص ۴۶۸ ؛ غرر الحكم ، ص ۲۷۱ ، ح ۵۹۱۸ .

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق: سليماني الاشتياني،مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 197202
صفحه از 627
پرینت  ارسال به