89
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

المال بإصراره من احتباس حقّه ، ويظلم نفسه من حيث إنّه ارتكب معصيةً بمدافعة الغريم مع تمكنّه من أداء حقّه فهو مستحقّ الذمّ والعقاب ، والسؤال محرَّم إلّا عند الضرورة إليه ، ومَن سأل مستغنيا ۱ فهو مستحقّ للذمّ والعقاب ، والسؤال والمسألة كلاهما مصدر سأل ، ويُستعملان في الاستعطاء والاستعلام حقيقةً لا مجازاً .

۳۴.التَّحَدُّثُ بِالنِّعَمِ شُكْرٌ . ۲

يقول : حدِّثْ بفضل اللّه عليك نفسَك ، وأثن عليه ، ولا تستر نعم اللّه عليك بالكفر والكفران عند أحدٍ ، فإذا كنت ذاكراً لنعمائه على كلّ حالٍ فقد أدّيت شكرَه ، وقال تعالى : « وَ أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ »۳ ، ولذلك إذا أنعَمَ عليك مخلوق فاقرأ الثناء عليه عند الناس ؛ ليكون ذكر إحسانه أداءً لشكره . وسأل ابن الكوّاء عليّاً عليه السلام عن أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، قال : عن أيّ الأصحاب تسألني؟ قال : أخبرني عن عبد اللّه بن مسعود؟ قال : قرأ القرآن ثمّ وقف عنده ، فقال : أخبرني عن أبي ذرٍّ؟
قال : عالمٌ شحيح على علمه ، لا يعلِّمه إلّا مَن كان أهله . ولو أراد أنّه كان بخيلاً بعلمه لكان ذمّاً فقال : أخبرني عن سلمان؟ قال : «أدرك علم الأوّلين والآخرين ، وهو بحرٌ لا يُنزَح ، وهو منّا أهل البيت» . فقال : أخبرني عن حذيفة بن اليمان؟ قال : كان عرّافاً بالمنافقين ، وسأل رسول اللّه صلى الله عليه و آله عن المعضلات ، وإن سألتموه وجدتموه بها خبيراً . فقال : أخبرني عن عمّار بن ياسر؟ قال : خالط الإيمانُ لحمه ودمه ، وهو محرَّم على النار ، كيف ما زال زال الحقُّ معه . [قال :] أخبرني عن نفسك؟ قال : قال اللّه تعالى : «فَلَا تُزَكُّواْ أَنفُسَكُمْ »۴ إلّا أنّه تعالى [قال] ۵ : « أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ » ، كنتُ أوّل داخلٍ وآخر خارج ، وكنت إذا سألت اُعطيت ، وإذا سكتُّ ابتديت ، وبين جوانحي علم جمّ ، فقال : ما ترك فيك ؟

1.في المخطوطة : «مستغنٍ» .

2.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۶۱ ، ح ۴۴ و ۴۵ ؛ الشكر للّه لابن أبي الدنيا ، ص ۹۵ ، ح ۶۳ (وفيه : «شكرها» بدل «شكر») ؛ تفسير مجمع البيان ، ج ۱ ، ص ۱۸۴ ؛ تفسير القرطبي ، ج ۲۰ ، ص ۱۰۲ ؛ تفسير الثعالبي ، ج ۲ ، ص ۱۶ .

3.الضحى (۹۳) : ۱۱ .

4.النجم (۵۳) : ۳۲ .

5.اُضيفت لاقتضاء الضرورة.


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
88

۳۳.مَطَلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ ۱ ، وَمَسْأَلَةُ الغَنِيِّ نَارٌ . ۲

يعني : إذا كان لأحد عليكَ دينٌ حالٌّ أو مؤجَّل وقد حَضَرَ وقتُه وكنتَ قادراً على قضائه وهو يطالبك به ، فإن دافعتَه من اليوم إلى غدٍ كنت ظالماً ، وإذا كنت غنيّاً غير محتاج وتطلبُ من الناس شيئا وتسألهم مالاً لِتكثر أموالك فكلّ ما تجتمع عندك بالسؤال فهو نار جهنّم ، وذلك السؤال سبب النار .
وقيل : في الخبر دلالة [على] أنّ من ليس بواجدٍ ۳ للوفاء بقضاء الدين لم يكن ظالماً وإن كان مَطَلُ الغنيِّ عدولاً عن الحقّ ، وأنّ المسألة وإن حرُمت من جانب الغنيِّ فغير حرام من جانب الفقير في أمرٍ لابدّ منه . و«المَطَل» : مدافعة الرجل غَريمَه من يوم إلى يوم ومن شهر إلى شهر . ۴ و«الظلم» في اللغة : النقصان ، من قوله : « ءَاتَتْ أُكُلَهَا وَ لَمْ تَظْـلِم مِّنْهُ شَيْئا »۵ وقولهم : «الظلم ۶ منع الشيء في غير موضعه» فهو استعارة ، وفي اصطلاح المتكلِّمين هو «كلُّ ضرر يوصل إلى أحد عارٍ من كلّ منفعة أو دفع مضرّةٍ معلومةٍ أو مظنونةٍ عاجلٍ أو آجلٍ ، ولا يكون مستحقّاً ، ولا على سبيل المدافعة ، ولا يكون في الحكم كافَّة من فعل المضرور أو من جهة غير فاعل الضرر» ، واحترز بكلِّ واحدٍ من هذه الشروط من نقضٍ على الحدّ ، فقوله ظلم يطَّرد في الطرفين أعني طرفي الغريم وصاحب المال ؛ لأنّ المماطل الغنيّ يظلم صاحب

1.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۶۰ ، ح ۴۲ و ۴۳ ؛ كتاب الاُمّ للشافعي ، ج ۳ ، ص ۲۰۶ ؛ مسند أحمد ، ج ۲ ، ص ۷۱ و ۲۶۰ ومواضع اُخرى ؛ سنن الدارمي ، ج ۲ ، ص ۲۶۱ ؛ صحيح البخاري ، ج ۳ ، ص ۵۵ . الفقيه ، ج ۴ ، ص ۳۸۰ ، ح ۵۸۱۹ ؛ تحف العقول ، ص ۲۶۷ ، ح ۳۵ ؛ عوالي اللئالي ، ج ۴ ، ص ۷۲ ، ح ۴۵ .

2.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۶۰ ، ح ۴۳ ؛ المعجم الكبير ، ج ۱۸ ، ص ۱۷۵ ؛ الكامل لابن عدي ، ج ۵ ، ص ۱۰۹ ؛ تاريخ الإسلام للذهبي ، ج ۳۰ ، ص ۳۷۰ ؛ كنزالعمّال ، ج ۶ ، ص ۵۰۴ ، ح ۱۶۷۳۲ .

3.في المخطوطة : «واحد» وهو تصحيف .

4.اُنظر : العين ، ج ۷ ، ص ۴۳۴ ؛ لسان العرب ، ج ۱۱ ، ص ۶۲۴ (مطل) .

5.الكهف (۱۸) : ۳۳.

6.في المخطوطة : + «و» .

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق: سليماني الاشتياني،مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 197207
صفحه از 627
پرینت  ارسال به