المال بإصراره من احتباس حقّه ، ويظلم نفسه من حيث إنّه ارتكب معصيةً بمدافعة الغريم مع تمكنّه من أداء حقّه فهو مستحقّ الذمّ والعقاب ، والسؤال محرَّم إلّا عند الضرورة إليه ، ومَن سأل مستغنيا ۱ فهو مستحقّ للذمّ والعقاب ، والسؤال والمسألة كلاهما مصدر سأل ، ويُستعملان في الاستعطاء والاستعلام حقيقةً لا مجازاً .
۳۴.التَّحَدُّثُ بِالنِّعَمِ شُكْرٌ . ۲
يقول : حدِّثْ بفضل اللّه عليك نفسَك ، وأثن عليه ، ولا تستر نعم اللّه عليك بالكفر والكفران عند أحدٍ ، فإذا كنت ذاكراً لنعمائه على كلّ حالٍ فقد أدّيت شكرَه ، وقال تعالى : « وَ أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ »۳ ، ولذلك إذا أنعَمَ عليك مخلوق فاقرأ الثناء عليه عند الناس ؛ ليكون ذكر إحسانه أداءً لشكره . وسأل ابن الكوّاء عليّاً عليه السلام عن أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، قال : عن أيّ الأصحاب تسألني؟ قال : أخبرني عن عبد اللّه بن مسعود؟ قال : قرأ القرآن ثمّ وقف عنده ، فقال : أخبرني عن أبي ذرٍّ؟
قال : عالمٌ شحيح على علمه ، لا يعلِّمه إلّا مَن كان أهله . ولو أراد أنّه كان بخيلاً بعلمه لكان ذمّاً فقال : أخبرني عن سلمان؟ قال : «أدرك علم الأوّلين والآخرين ، وهو بحرٌ لا يُنزَح ، وهو منّا أهل البيت» . فقال : أخبرني عن حذيفة بن اليمان؟ قال : كان عرّافاً بالمنافقين ، وسأل رسول اللّه صلى الله عليه و آله عن المعضلات ، وإن سألتموه وجدتموه بها خبيراً . فقال : أخبرني عن عمّار بن ياسر؟ قال : خالط الإيمانُ لحمه ودمه ، وهو محرَّم على النار ، كيف ما زال زال الحقُّ معه . [قال :] أخبرني عن نفسك؟ قال : قال اللّه تعالى : «فَلَا تُزَكُّواْ أَنفُسَكُمْ »۴ إلّا أنّه تعالى [قال] ۵ : « أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ » ، كنتُ أوّل داخلٍ وآخر خارج ، وكنت إذا سألت اُعطيت ، وإذا سكتُّ ابتديت ، وبين جوانحي علم جمّ ، فقال : ما ترك فيك ؟
1.في المخطوطة : «مستغنٍ» .
2.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۶۱ ، ح ۴۴ و ۴۵ ؛ الشكر للّه لابن أبي الدنيا ، ص ۹۵ ، ح ۶۳ (وفيه : «شكرها» بدل «شكر») ؛ تفسير مجمع البيان ، ج ۱ ، ص ۱۸۴ ؛ تفسير القرطبي ، ج ۲۰ ، ص ۱۰۲ ؛ تفسير الثعالبي ، ج ۲ ، ص ۱۶ .
3.الضحى (۹۳) : ۱۱ .
4.النجم (۵۳) : ۳۲ .
5.اُضيفت لاقتضاء الضرورة.