۳۷۷.إنَّ القَلبَ يَحيا وَيَموتُ ؛ فَإِذا حَيَّ فَأَدِّبهُ بِالتَّطَوُّعِ ، وَإذا ماتَ فَقَصِّرهُ ۱ عَلَى الفَرائِضِ. ۲
۳۷۸.أنفذ أبو عبدِ اللّه كاتبُ المَهديّ رَسولاً إلَى الصادقِ بِكتابٍ مِنهُ يَقولُ فيهِ : وحاجَتي إلى أن تُهدِيَ إِليَّ مِن تَبصيرِكَ على مُداراةِ هَذا السُّلطانِ ، وتَدبير أمري كَحاجَتي إلى دُعائك لي.
فَقالَ لِرَسولِهِ: قُل لَهُ : احذَر أن يَعرِفَكَ السُّلطانُ بِالطَّعنِ عَلَيهِ في اختيارِ الكُفاةِ ، وإن أخطأ في اختيارِهِم ، أو مُصافاةِ مَن يُباعِدُ منهُم وإن قَرُبَتِ الأواصِرُ بَينَكَ وبَينَهُ ؛ فإنّ الاُولى تُغريهِ بِكَ ، والاُخرى تُوحِشُه مِنكَ ، ولكِن تَتَوَسَّطُ الحالَينِ.
واكتَفِ بِعَيبِ مَن اصطفَوا له ، والإمساكِ عَن تَقريظِهمِ عِندَهُ ، ومُخالَطةِ مَن اُقصوا بِالتنائي ۳ عَن تَقريبِهِم ، وإذا كِدتَ فَتَأنَّ في مُكايَدَتِكَ.
واعلم أنّ مَن عَنُفَ بِخَيلِهِ ۴ كَدَحَت فيهِ بِأكثَرَ مِن كَدِحها في عَدُوِّهِ ، ومَن صَحِبَ خَيلَهُ بِالصَّبرِ والرِّفقِ كان قَمِناً ۵ أن يَبلُغَ بِها إرادَتَهُ ، وتَنفُذَ فيها مكائدُهُ.
واعلَم أنّ لِكُلّ شَيءٍ حَدّاً ؛ فَإن جاوَزَهُ كانَ سَرَفاً وإن قَصُرَ عَنهُ كانَ عَجزاً ؛ فَلا تَبلُغ بِكَ نَصيحةُ السُّلطانِ إلى أن تُعاديَ لَهُ حاشِيَتَهُ وخاصَّتَهُ ؛ فَإنّ ذلِكَ لَيسَ مِن حَقِّهِ عَلَيكَ ، ولكِنَّ الأقضى لِحَقِّهِ والأدعى إليكَ لِلسَّلامةِ أن تَستَصِلحَهُم جُهدَكَ ؛ فَإنَّكَ إذا فَعلتَ ذلِكَ شَكرتَ نِعمَتَهُ ، وأمِنتَ حُجَّتَهُ ، وطَلَبَ عدوّك عنده. ۶
واعلَم أنَّ عَدُوَّ سُلطانِكَ عَليكَ أعظمُ مؤونةً مِنهُ عَلَيهِ ، وذلِكَ أنَّهُ تَكيدُهُ ۷ في الأخصّ فالأخصّ مِن كُفاتِهِ وأعوانِهِ، فَيُحصي مَثالِبَهُم ويَتَّبِع آثارَهُم ، فإن نَكَأهُ فيك وَسَمَكَ بعارِ الخِيانةِ والغَدرِ ، وإن نكأهُ بِغَيرِكَ ألزَمَكَ مؤنةَ الوَفاءِ والصَّبرِ ۸
1.. وفي «أ» فاقصره.
2.. الدرّة الباهرة : ص ۳۱، ح ۸۰ ؛ أعلام الدين : ص ۳۰۴.
3.. وفي «أ»: بالثّنائي.
4.. وفي «أ»: بحيلة في كلا الموضعين.
5.. يقال : قَمِنٌ وقمينٌ : أي خليق وجدير (النهاية : ج ۴ ص ۱۱۱).
6.. وفي «أ»: عَدُوِّهِ عِندَكَ.
7.. وفي «أ»: يكيده.
8.. نثر الدرّ : ج ۴ ص ۲۴۲، شرح نهج البلاغة : ج ۱۹ ص ۱۵۱ كلاهما من دون إسنادٍ إلى المعصوم وفيهما من «واعلم أنّ لكلّ شيء» إلى «عدوّه عندك».