15
التّصحيف في متن الحديث

والاجتماعية والأخلاقية والسياسية والعسكرية، وعلى مختلف المستويات، وعلى جميع الأصعدة، وهذا ممّا لا ريب فيه. إنّما المهمّ هو تطبيق هذه التعاليم والمفاهيم السامية.
من جانب آخر فإنّ الذي يوصل لساحل النجاة والهداية، ويرقى بالإنسان نحو الكمال، هو خصوص ما شرّعه اللّه‏ سبحانه وتعالى؛ لأنّه بارئه والعالم بما يصلحه ويفسده، فما كان من التعاليم متّصلاً باللّه‏ سبحانه ـ وذلك بأن يكون من قبل الأنبياء والمرسلين وأوصيائهم (صلوات اللّه‏ عليهم أجمعين) ـ فهو الحقّ والصواب، وفيه الرشد والكمال، وأمّا ما سواه فلا يصل بنا إلى ساحل النجاة والهداية، قال تعالى: « وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِى مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَ لِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ »۱ .
فمن أراد النجاة لزمه أن ينهل من عين الشريعة الصافية؛ وهي الكتاب الكريم، وما سنّه النبي الأمين صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله ، فهما الحجّة علينا. أمّا الكتاب الكريم فهو بين أيدينا، وأمّا ما سنّه النبي فلا سبيل لنا لمعرفته إلّا عن طريق الأحاديث الحاكية له، ولهذا فإنّ حاجتنا للحديث ماسّة.
من جهةٍ أُخرى فإنّ النبي صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله لم يترك الأُمّة بعده سدىً، وإنّما خلّف بعده أوصياء معصومين، هم الذين يبيّنون ويحفظون الكتاب والسنّة، فأوصى الأُمّة بالتمسّك بهم إلى جانب القرآن الكريم، كما ورد في حديث الثقلين المروي في كتب الفريقين. فروى الحافظ ابن عقدة وغيره عن جابر بن عبد اللّه‏ الأنصاري أنّه قال:

۳.كُنّا مَعَ النَّبيِّ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله في حِجَّةِ الوَداعِ، فَلَمّا رَجَعَ إِلى الجُحفَةِ نَزَلَ، ثُمَّ خَطَبَ النّاسَ فَقالَ: ... إِنّي لَكُم فَرَطٌ، وَأَنتُم وارِدونَ عَليَّ الحَوضَ، وَإِنّي مُخَلِّفٌ فيكُمُ الثَّقَلَين إِن تَمَسَّكتُم بِهِما لَن تَضِلّوا؛ كِتابَ اللّه‏ِ وَعِترَتي أَهلَ بَيتي، وَإِنَّهُما لَن يَفتَرِقا حَتّى يَرِدا عَلَيَّ الحَوضَ. ۲

1.الأنعام: ۱۵۳.

2.الاستيعاب: القسم الثالث ص ۱۰۹۹ الرقم ۱۸۵۵، تهذيب الكمال: ج۲۰ ص ۴۸۴ الرقم ۴۰۸۹، تهذيب التهذيب: ج ۷ ص ۲۹۶، الغدير: ج ۱ ص ۲۱.


التّصحيف في متن الحديث
14

لِرَسولِهِ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله ، وَجَعَلَ لِكُلِّ شَيءٍ حَدّاً، وَجَعَلَ عَلَيهِ دَليلاً يَدُلُّ عَلَيهِ، وَجَعَلَ عَلى مَن تَعَدّى الحَدَّ حَدّاً. ۱

وورد فيها أيضاً :

۲.عَن مُحَمَّدِ بنِ يَحيى، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عيسى، عَن عَليِّ بنِ حَديدٍ، عَن مُرازِمٍ، عَن أَبي عَبدِ اللّه‏ِ عليه ‏السلام قالَ: إِنَّ اللّه‏َ تَبارَكَ وَتَعالى أَنزَلَ في القُرآنِ تِبيانَ كُلِّ شَيءٍ، حَتّى ـ وَاللّه‏ِ ـ ما تَرَكَ اللّه‏ُ شَيئاً يَحتاجُ إِلَيهِ العِبادُ ؛ حَتّى لا يَستَطيعَ عَبدٌ يَقولُ: لَو كانَ هذا أُنزِلَ في القُرآنِ ، إِلّا وَقَد أَنزَلَهُ اللّه‏ُ فيهِ . ۲

فنجده قد ضمّ العبادات والمعاملات معاً، كما أوضح آداب الحياة على مستوييها الفردي والاجتماعي؛ فعلّمنا آداب المعاش وطلب الرزق، وآداب الطعام والشراب والنظافة والمنام والكلام وغيرها ۳ ، مراعياً في ذلك كلّه خصوصيات الأفراد، فذكر للكبير آداباً تختلف عن الصغير، وللمرأة آداباً تختلف عن الرجل، وللشيخ آداباً تختلف عن الشاب، وهكذا.
كما وضع لنا آداباً للمعاشرة والحياة الاجتماعية في أوساط المجتمع، والسيرة مع الأهل والولد، والصديق والعدوّ، والمسلم والكافر، والموافق في المذهب والمخالف له، وسيرة الأمير مع الرعيّة، وبالعكس، وبيّن لكلّ طائفة واجباتها وحقوقها. ومع ذلك فقد قنّن أحكاماً جزائية تحول دون تعدّي الأفراد على حقوق الآخرين، فشرّع الحدود والتعزيرات.
فالإسلام له سعة وشمولية بحيث تمتدّ جذوره إلى شتّى مجالات الحياة الفرديّة

1.الكافي: ج ۷ ص ۱۷۵ ح ۱۱، و ج ۱ ص ۵۹ ح ۲.

2.الكافي: ج ۱ ص ۵۹ ح ۱.

3.لمزيد الاطّلاع راجع أبواب الكافي، ولملاحظة بعض الآداب الواردة في الأحاديث راجع أبواب العِشرة منه، الكافي: ج ۲ ص ۶۳۵ .

  • نام منبع :
    التّصحيف في متن الحديث
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث، للطباعة و النشر
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1432 ق / 1390 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
    شمارگان :
    1000
    قیمت :
    45000 ریال
تعداد بازدید : 276074
صفحه از 277
پرینت  ارسال به