157
التّصحيف في متن الحديث

فَضّالٍ، عَمَّن ذَكَرَهُ، عَن أَبي عَبدِ اللّه‏ِ عليه ‏السلام قالَ: إِنَّكُم في آجالٍ مَقبوضَةٍ، وَأَيّامٍ مَعدودَةٍ، وَالمَوتُ يَأتي بَغتَةً، مَن يَزرَع خَيراً يَحصِد غِبطَةً، وَمَن يَزرَع شَرّاً يَحصِد نَدامَةً، وَلِكُلِّ زارِعٍ ما زَرَعَ، وَلا يَسبِقُ البَطيءَ مِنكُم حَظُّهُ، وَلا يُدرِكُ حَريصٌ ما لَم يُقَدَّر لَهُ، مَن أُعطيَ خَيراً فاللّه‏ُ أَعطاهُ، وَمَن وُقيَ شَرّاً فاللّه‏ُ وَقاهُ . 1

إنّ التعبير ب «الآجال المقبوضة» غير مستعمل في الحديث إلّا في هذه الرواية، بل هو غير مستعمل في اللغة أيضاً؛ لأنّ الأجل منقوص وليس مقبوضاً، وإنّما المقبوض هو الروح. وهذا كاشف عن وقوع الخلل في نقله والتصحيف فيه، وسبب التصحيف ـ على تقدير ثبوته ـ واضح وهو تقدّم حرف على آخر مع عدم التنقيط.
وبمراجعة النصّ في المصادر الأُخرى نجد أنّه لم يرد بهذا اللفظ عن الإمام الصادق إلّا في الكافي، ولا نجد رواية أُخرى عن الإمام الصادق عليه ‏السلام بهذا المضمون سوى ما في إرشاد القلوب الذي هو من الكتب المتأخّرة والضعيفة، حيث ورد فيه كالتالي:

۲۰۲.۲) وعَن أَبي عَبدِ اللّه‏ِ عليه ‏السلام قال: إِنَّكُم في آجالٍ مَنقوصَةٍ، وَأَيّامٍ مَعدودَةٍ، وَالمَوتُ يَأتي بَغتَةً، مَن زَرَعَ خَيراً يَحصِد غِبطَةً، وَمَن زَرَعَ شَرّاً يَحصِد نَدامَةً، وَلِكُلِّ زارِعٍ ما زَرَعَ، لا يَسبِقُ البَطيءَ مِنكُم حَظُّهُ، وَلا يُدرِكُ حَريصٌ ما لَم يُقَدَّر لَهُ، مَن أُعطيَ خَيراً فاللّه‏ُ أَعطاهُ، وَمَن وُقيَ شَرّاً فاللّه‏ُ وَقاهُ . ۲

نعم روي هذا النصّ في تحف العقول عن الإمام العسكري عليه ‏السلام كالتالي:

۲۰۳.3) إِنَّكُم في آجالٍ مَنقوصَةٍ، وَأَيّامٍ مَعدودَةٍ، وَالمَوتُ يَأتي بَغتَةً، مَن يَزرَع خَيراً يَحصِد غِبطَةً، وَمَن يَزرَع شَرّاً يَحصِد نَدامَةً، لِكُلِّ زارِعٍ ما

1.الكافي: ج ۲ ص ۴۵۸ ح ۱۹.

2.إرشاد القلوب: ج ۱ ص ۱۸۲.


التّصحيف في متن الحديث
156

الأزمنة، ومن خلالها يمكن تحديد الزمان الذي صدر فيه النصّ، سواء كان شعراً أم نثراً.
وهذا الأمر جارٍ في جميع اللغات الحيّة، ولا يخصّ اللغة العربية، فحياة اللغة ـ أياً كانت ـ بتلبيتها متطلّبات المجتمع. وبما أنّ المجتمعات البشرية في تطوّر وتغيّر مستمرّ، فاللغة الحيّة هي تلك التي تلبّي هذه الحاجات وتقدّم للمجتمع ألفاظاً جديدة تناسب متطلّباته. وهذه الخصّيصة تجعل من اللغة ظاهرة لا ثبات لها على منوال واحد، بل تجعلها في تغيّر وتطوّر مستمرّ.
في الوقت ذاته قد يستغني المجتمع عن بعض الألفاظ والتراكيب، فهذه الألفاظ ستخرج عن نطاق استعماله شيئاً فشيئاً، وتندرس بعد فترة من الزمن. ولهذا نجد الحاجة إلى مراجعة كتب اللغة لفهم النصوص القديمة؛ لاشتمالها على ألفاظ لا نستعملها اليوم. بل نجد الحاجة لمراجعة كتب اللغة وأهل الخبرة من أجل فهم الأمثال القديمة ۱ ، مع أنّ الأمثال في غاية الوضوح عادة، وما ذاك إلّا لاندراس استعمالها نتيجة تغيّر الظروف الاجتماعية والسياسية. ۲
وبما أنّ الحديث الشريف صدر بلغة عصره ، فهو جزء من اللغة الدارجة في ذلك العصر، ويحكمه ما يحكمها، فإذا وجدنا في استعمالاته خلاف ذلك حصل لنا الشكّ في صحّة نقله، ووقوع التصحيف فيه، كما لو كان الحديث مشتملاً على لفظ أو تركيب غير مستعمل في اللغة أو في الروايات الأُخرى، نظير ما يلي:

النموذج الأوّل:

201. 1) في الكافي: عِدَّةٌ مِن أَصحابِنا، عَن أَحمَدَ بنِ أَبي عَبدِ اللّه‏ِ، عَنِ ابنِ

1.لا شكّ ولا ريب أنّ لفهم الأمثال دوراً هامّاً في فهم الكلام، وبما أنّ استعمال الأمثال رائج في اللغة والحديث، فلفهمها أهمّية بالغة، وتوجد كتب خاصّة بالأمثال، نظير: مجمع الأمثال للميداني.

2.نظير المثل الوارد في الرواية التالية والذي اندرس استعماله نتيجة لتغيّر الظروف الاجتماعية: «عَنِ الأَصبَغِ بنِ نُباتَةَ قالَ: كَتَبَ عُثمانُ بنُ عَفّانَ ـ حينَ أُحيطَ بِهِ ـ إِلى عَليِّ بنِ أَبي طالِبٍ عليه ‏السلام : أَمّا بَعدُ، فَقَد جاوَزَ الماءُ الزُّبى، وَبَلَغَ الحِزامُ الطُّبيَينِ...» بحار الأنوار: ج ۳۱ ص ۴۷۶.

  • نام منبع :
    التّصحيف في متن الحديث
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث، للطباعة و النشر
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1432 ق / 1390 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
    شمارگان :
    1000
    قیمت :
    45000 ریال
تعداد بازدید : 253046
صفحه از 277
پرینت  ارسال به