17
التّصحيف في متن الحديث

وقوع التصحيف في المتن تختلف ـ بالمرّة ـ عن الأُمور الكاشفة عن وقوعه في السند، كما أنّ سبل علاج كلّ منهما تختلف عن الآخر، ولهذا نرى ضرورة بحث التصحيف الطارئ على السند بشكلٍ مستقلّ وفي كتاب خاصّ، علماً أنّ السيّد البروجردي رحمه‏الله قد تعرّض في كتاب ترتيب الأسانيد للتصحيفات الطارئة على أسانيد الكافي، فلابدّ من لحاظه وتتميم البحث في الجوانب المتبقية.
وفي المقام تساؤلات عديدة بحاجة إلى إجابة، نعرضها فيما يلي:
السؤال الأوّل: ما الفائدة من معرفة التصحيف الطارئ على الحديث؟ سيّتضح الجواب على هذا السؤال في الفصل الثاني من هذا الكتاب إن شاء اللّه‏.
السؤال الثاني: ما هي جذور التصحيف؟ ولماذا يطرأ التصحيف والخطأ على الحديث، خصوصاً مع منزلة الحديث السامية والتي تتطلّب الدقّة والاهتمام؟
خصّصنا الفصل الثالث من هذ الكتاب لبيان جذور التصحيف في الحديث الشريف، أو الأُمور الباعثة على وقوع المحدّث وناسخ الحديث في التصحيف والخطأ.
و إذا ما أردنا أن نضفي على البحث صبغة عملية ، فلابدّ من الجواب على سؤال آخر أيضاً؛ لأنّ معرفة جذور التصحيف قد لا تنفع المتعاطي مع الحديث عملياً؛ لعدم معرفته بمضانّها في الحديث، فلابدّ من بيان الأُمور الكاشفة عن وقوع التصحيف في الحديث، ولهذا نواجه السؤال التالي:
السؤال الثالث: ما هي الأُمور الكاشفة عن وقوع التصحيف؟
سنبحث ذلك في الفصل الرابع من هذا الكتاب إن شاء اللّه‏.
وبعد هذا كلّه فإنّ المهمّ للمتعاطي مع الحديث هو معرفة النسخة الصحيحة من بين نسخ الحديث ؛ كي يعمل على ضوئها، وإلّا فإنّ معرفته بطروء التصحيف على بعض نسخ الحديث الواحد لا يجديه نفعاً؛ لأنّه لا يوصله لساحل النجاة، ولا يمكنه العمل به ما لم يعرف النسخة الصحيحة من بين النسخ العديدة. من هنا يبدو من الضروري بيان كيفية معرفة النسخة الصحيحة من بين النسخ، ومراحل علاج


التّصحيف في متن الحديث
16

فليس لمن يتحرّى الهداية سبيل دون التمسّك بالقرآن والعترة؛ فكلّ ما سواهما ضلال مبين، قال تعالى: « فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَا الضَّلَـلُ »۱ . ومن الواضح أنّ معنى التمسّك بهما هو السير على جادّتهما، والاستنارة بهديهما، والعمل وفقاً لما يرشدان إليه.
أمّا إرشادات الكتاب فهي بين أيدينا، وأمّا إرشادات النبي وأهل بيته عليهم ‏السلام فالذي يبيّنها لنا هو الأحاديث الشريفة، والتي نُقلت إلينا بوسائط عديدة عبر اثني عشر قرناً أو أكثر، وهذا ما جعلها في معرض التأثّر بمؤثّرات مختلفة، مع غضّ النظر عن الدواعي والأسباب لتلك المؤثّرات، فقد تعرّضت خلال هذه الفترة للدسّ والتحريف والتصحيف وغيرها.
ولهذا فإنّ المتعاطي مع الحديث بحاجة ماسّة لعلاج كلّ واحدة من المذكورات ؛ كي يستطيع ريّ غليله وظمئه من هذه العين الصافية. ولا شك أنّ رفعها يتطلّب سبلاً علمية منسجمة مع الواقع الذي نُقل فيه الحديث إلينا، ودراستها بلحاظ العوامل المؤديّة لذلك.
ومن أبرز تلك الآثار هو التصحيف الطارئ على الحديث جرّاء نقله من كتابٍ إلى آخر، ومن نسخةٍ إلى أُخرى، فلابدّ من علاجه ورفعه كي يتسنّى لنا العمل به، وإلّا فإنّنا سنعمل بما نتصوّر أنّه هو المطلوب منّا، مع أنّ المطلوب غيره.
الكتاب الذي من يديك أيّها القارئ الكريم هو محاولة متواضعة لعلاج التصحيف الطارئ على الحديث، على أمل أن يكون وافيا شافيا وينبغي التنبيه على أنّنا سنعالج خصوص التصحيف الطارئ على متن الحديث، وأمّا سند الحديث فنحن لا ننكر ضرورة البحث عن التصحيف الطارئ عليه، وإنّما نقول: إنّ البحث المذكور بحث رجالي، وله متطلّباته الخاصّة في بعض المجالات، فلا ينبغي خلطه بالتصحيف الطارئ على متن الحديث . وعلى سبيل المثال فإنّ الأُمور الكاشفة عن

1.يونس: ۳۲ .

  • نام منبع :
    التّصحيف في متن الحديث
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث، للطباعة و النشر
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1432 ق / 1390 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
    شمارگان :
    1000
    قیمت :
    45000 ریال
تعداد بازدید : 253075
صفحه از 277
پرینت  ارسال به