181
التّصحيف في متن الحديث

النموذج الثاني:

۲۴۷.۱) في نهج البلاغة: وَقالَ عليه ‏السلام : ما المُبتَلى الَّذي قَدِ اشتَدَّ بِهِ البَلاءُ بِأَحوَجَ إِلى الدُّعاءِ الَّذي لا يَأمَنُ البَلاءَ . ۱

فإنّ قوله: «بِأَحوَجَ إِلى الدُّعاءِ الَّذي لا يأمَنُ البَلاءَ» غير منسجم المعنى، وبمراجعة النصّ في الكتب الأُخرى نجده كالتالي:

۲۴۸.۲) في شرح نهج البلاغة لابن أَبي الحديد وغيره: ما المُبتَلى الَّذي قَدِ اشتَدَّ بِهِ البَلاءُ بِأَحوَجَ إِلى الدُّعاءِ مِنَ المُعافى الَّذي لا يَأمَنُ البَلاءَ . ۲

وهو متن منسجم تماماً. وإذا ما لاحظنا مصادر النصّ الثاني اتّضح لنا أنّ جميع هذه الكتب اعتمدت مصدراً واحداً؛ وهو نهج البلاغة، وهذا يعني أنّ التصحيف لم يقع في نسخة الكتاب الأصلي، وإنّما وقع في بعض نسخه المتأخّرة وهي النسخة التي اعتمدها الدكتور صبحي الصالح، وإلّا فإنّ النسخة التي اعتمدها ابن أبي الحديد في شرحه، والنسخة التي اعتمدها الشيخ الحرّ العاملي في كتاب وسائل الشيعة والنسخة التي اعتمدها الشيخ المجلسي في كتاب بحار الأنوار، هي جميعاً نسخ صحيحة.

النموذج الثالث:

۲۴۹.۱) في الكافي: مُحَمَّدُ بنُ يَحيى، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ وَعَليُّ بنُ إِبراهيمَ، عَن أَبيهِ جَميعاً، عَنِ ابنِ مَحبوبٍ، عَن هارونَ بنِ مَنصورٍ العَبديِّ، عَن أَبي الوَردِ، عَن أَبي جَعفَرٍ عليه ‏السلام قالَ: قالَ رَسولُ اللّه‏ِ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله لِفاطِمَةَ عليهاالسلام في رُؤياها الَّتي رَأَتها: قولي: أَعوذُ بِما عاذَت بِهِ مَلائِكَةُ اللّه‏ِ المُقَرَّبونَ وَأَنبياؤُهُ المُرسَلونَ وَعِبادُهُ الصّالِحونَ، مِن شَرِّ ما رَأَيتُ في لَيلَتي هَذِهِ أَن يُصيبَني مِنهُ سوءٌ أَو شَيءٌ أَكرَهُهُ، ثُمَّ انقَلِبي عَن يَسارِكِ، ثَلاثَ مَرّاتٍ . ۳

1.نهج البلاغة: الحكمة ۳۰۲.

2.شرح نهج البلاغة: ج ۱۹ ص ۲۰۸ الحكمة ۳۰۸، وسائل الشيعة: ج ۷ ص ۴۳ ح ۸۶۷۲ نقلاً عن نهج البلاغة، بحار الأنوار: ج ۹۰ ص ۳۸۲ ح ۱۲ نقلاً عن نهج البلاغة.

3.الكافي: ج ۸ ص۱۴۲ ح ۱۰۷.


التّصحيف في متن الحديث
180

لغةً هو الخيار؛ قال ابن منظور في هذا المجال: «القِثّاء: الخيار، الواحدة قِثّاءة». ۱
ولا ريب أنّ نبذ الخيار للناس لا يوجب محبّتهم له، فالجواب غير منسجم مع السؤال، وهو ممّا يكشف عن وقوع التصحيف والخلل في نقل الحديث. وإذا ما راجعنا الحديث في المصادر الأُخرى وجدناه في كنز العمّال كالتالي:

۲۴۵.۲) عن مجاهد: إِنَّ رَجُلاً جاءَ النَّبيَّ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله فَقالَ: يا رَسولَ اللّه‏ِ، دُلَّني عَلى عَمَلٍ يُحِبُّني اللّه‏ُ تَعالى عَلَيهِ وَيُحِبُّني النّاسُ عَلَيهِ. فَقالَ: أَمّا ما يُحِبُّكَ اللّه‏ُ عَلَيهِ فالزُّهدُ في الدُّنيا، وَأَمّا ما يُحِبُّكَ النّاسُ عَلَيهِ فانبِذ إِلَيهِم هَذا الغُثاءَ . ۲

فالعبارة الأخيرة منه هي «فانبذ إليهم هذا الغُثاء»، و«الغُثاء» لغةً هو:
ما يَحملِهُ السَّيلُ من القَمَشِ، وكذلك الغُثّاءُ بالتشديد، وهو أَيضاً الزَّبَد والقَذَر. وحَدَّه الزجّاج فقال: الغُثاءُ الهالِكُ البالي من ورق الشجر الّذي إِذا خَرَجَ السيلُ رأيته مخالِطاً زَبَدَه . ۳
وهذا منسجم مع السؤال المذكور في الحديث، فإنّ الغثاء كناية عن الدنيا وتفاهتها؛ أي انبذ إلى الناس هذه الدنيا واتركها لهم؛ فإنّ ترك الدنيا وعدم نزاع الآخرين عليها موجب لمحبّتهم للشخص، فإنّ أغلب النزاعات أو جميعها تدور حول محور الدنيا؛ من المال، والجاه، والمنصب، والنساء، والواقع الخارجي يشهد لما ذكرناه.
ويؤيّد ذلك أيضاً ما روي في تأريخ بغداد عن ربعي بن خراش قال:

۲۴۶.جاءَ رَجُلٌ إِلى النَّبيِّ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله فَقالَ: يا رَسولَ، اللّه‏ِ دُلَّني عَلى عَمَلٍ يُحِبُّني اللّه‏ُ عَلَيهِ وَيُحِبُّني النّاسُ. فَقالَ: إِذا أَردَتَ أَن يُحِبَّك اللّه‏ُ فَأَبغِض الدُّنيا، وَإِذا أَردَتَ أَن يُحِبُّكَ النّاسُ فَما كانَ عِندَكَ مِن فُضولِها فانبِذهُ إلَيهِم . ۴

1.انظر: لسان العرب: ج ۱ ص ۱۲۸ «قثأ».

2.كنز العمّال: ج ۳ ص ۲۲۴ ح ۶۲۶۳.

3.لسان العرب: ج ۱۵ ص ۱۱۶ «غثا».

4.تاريخ بغداد: ج ۷ ص ۲۷۰، البداية والنهاية: ج ۱۰ ص ۱۳۷.

  • نام منبع :
    التّصحيف في متن الحديث
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث، للطباعة و النشر
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1432 ق / 1390 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
    شمارگان :
    1000
    قیمت :
    45000 ریال
تعداد بازدید : 251980
صفحه از 277
پرینت  ارسال به