185
التّصحيف في متن الحديث

النموذج الأول:

۲۵۶.۱) في الدرّ المنثور: أَخرَجَ داوُدَ بنُ المُحَبِّرِ في كتاب العقل، وَابنُ جَريرٍ وَابنُ أَبي حاتَمٍ وَالحاكِمُ في التاريخ، وَابنُ مَردَوَيهِ عَن ابنِ عُمَرَ رَضيَ اللّه‏ُ عَنهُما، قالَ: تَلا رَسولُ اللّه‏ِ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله هَذِهِ الآيةَ: « لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً »۱ ، فَقُلتُ: ما مَعَنى ذَلِكَ يا رَسولَ اللّه‏ِ؟ قالَ: ليَبلوَكُم أَيُّكُم أَحسَنُ عَقلاً. ثُمَّ قالَ: وَأَحسَنُكُم عَقلاً أَورَعُكُم عَن مَحارِمِ اللّه‏ِ وَأَعلَمُكُم بِطاعَةِ اللّه‏ِ . ۲

فإنّ الحديث الشريف في تفسير قوله تعالى: « لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً » ، والمحور الرئيسي في الآية هو العمل، فلابدّ أن يكون المعنى المذكور لها منسجماً مع العمل، في حين أنّ الوارد في ذيل الحديث هو: «أورَعُكُم عَن مَحارِمِ اللّه‏ِ وَأعلَمُكُم بِطاعَةِ اللّه‏ِ»، والعلم بطاعة اللّه‏ ليس عملاً. نعم الورع عن محارم اللّه‏ أمر عملي. وعليه فالمذكور في هذه العبارة أمران؛ أحدهما عملي، والآخر ليس بعملي.
مضافاً إلى ذلك فإنّ الذي ينسجم مع الورع عن محرّمات اللّه‏ ونواهيه هو العمل بطاعته وأوامره، لا العلم بطاعاته، كما لا يخفى.
وبعبارة أوضح: العبارة «وَأعلَمُكُمِ بِطاعَةِ اللّه‏ِ» الواردة في ذيل الحديث، وردت في سياق تفسير الآية « لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً » والتي ذكرت عنوان العمل باعتباره محوراً لمعرفة الأفراد، فلا تنسجم مع الآية المفسّرة والواردة في صدر الحديث. كما لا تنسجم مع قوله: «أورعكم عن محارم اللّه‏»؛ إذ المناسب للورع عن المحارم هو العمل بالطاعات كما لا يخفى، فالمناسب للأمرين المذكورين أن تكون العبارة «وَأعمَلَكُمُ بِطاعَةِ اللّه‏ِ».
إن قلت: العلم والعمل متلازمان، فلا إشكال في العبارة السابقة.

1.هود: ۷.

2.الدرّ المنثور: ج ۳ ص ۳۲۲، الإتقان في علوم القرآن: ج ۲ ص ۵۱۴ ح ۶۵۰۹، العقل والجهل في الكتاب والسنّة: ص ۱۳۸، موسوعة العقائد الإسلامية: ج ۱ ص ۲۹۶ ح ۶۵۳.


التّصحيف في متن الحديث
184

لآتيَنَّهُ وَلأُوَبِّخَنَّهُ. فَدَنا مِنهُ فَقالَ: يا بنَ رَسولِ اللّه‏ِ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله ، وَاللّه‏ِ ما لَبِسَ رَسولُ اللّه‏ِ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله مِثلَ هَذا اللِّباسِ وَلا عَليٌّ، وَلا أَحَدٌ مِن آبائِكَ! فَقالَ لَهُ أَبو عَبدِ اللّه‏ِ عليه ‏السلام : كانَ رَسولُ اللّه‏ِ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله في زَمانِ قَترٍ مُقتِرٍ، وَكانَ يَأخُذُ لِقَترِهِ وَإِقتارِهِ، وَإِنَّ الدُّنيا بَعدَ ذَلِكَ أَرخَت عَزاليَها، فَأَحَقُّ أَهلِها بِها أَبرارُها... . 1

وهو نصّ منسجم تماماً، ولا غبار عليه. علماً أنّ الموجود في الطبعة المحقّقة في دار الحديث لكتاب الكافي هو: «كانَ يَأخُذُ لِقَترِهِ وَإِقتَارِهِ» ۲ ، وفي هامشها: «هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والوسائل والبحار. وفي المطبوع: واقتداره» ، وهذا يعني أنّ التصحيف قد وقع في النسخة المطبوعة .

ب ـ فقدان التناسب صدراً وذيلاً

الذي يلاحظ الكلام الصادر عن عوامّ العقلاء يجده مترابط الأجزاء، منسجم الأوّل مع الآخر، فهذه صفة الكلام الصادر عن عوامّهم، لا عن خواصّهم. وأمّا الخواصّ فإنّ كلامهم أدقّ من كلام العوامّ، كما أنّ كلام الأولياء والأوصياء أدقّ من كلام الخواصّ، والكلام الإلهي أدقّ من ذلك كلّه. وهذا ما يمكن استشمامه من الرواية التالية:

۲۵۵.قال الحسين بن علي صلوات اللّه‏ عليهما: كِتابُ اللّه‏ِ عَزَّ وَجَلَّ عَلى أَربَعَةِ أشياءَ: عَلى العِبارَةِ، وَالإِشارَةِ، وَاللَّطائِفِ، وَالحَقائِقِ؛ فالعِبارَةُ لِلعَوامِ، وَالإِشارَةُ لِلخَواصِّ، وَاللَّطائِفُ لِلأَولياءِ، وَالحَقائِقُ لِلأَنبياءِ . ۳

من هنا يمكننا القول بأنّ الحديث الذي يكون متفكّك الأجزاء غير منسجم الأوّل والآخر وما إلى ذلك ، فإنّ فيه خللاً في النقل، ويحتلّ احتمال التصحيف مرتبة الصدارة بين احتمالات الخلل الأُخرى. ومن نماذج ذلك:

1.وسائل الشيعة: ج ۵ ص ۸۲۰ ح ۵۷۷۸، بحار الأنوار: ج ۴۷ ص ۳۶۰ ح ۷۱ نقلاً عن الكافي.

2.الكافي (تحقيق دار الحديث): ج ۱۳ ص ۱۸ ح ۱۲۴۴۹.

3.بحار الأنوار: ج ۸۹ ص۲۰.

  • نام منبع :
    التّصحيف في متن الحديث
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث، للطباعة و النشر
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1432 ق / 1390 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
    شمارگان :
    1000
    قیمت :
    45000 ریال
تعداد بازدید : 251976
صفحه از 277
پرینت  ارسال به