قلت: نحن نسلّم أنّ العلم والعمل متلازمان، لكن لا نسلّم اتّحادهما في المعنى؛ فالعلم غير العمل كما لا يخفى على من له ذوق عربي، فتفسير العمل الوارد في الآية بالعلم لا يخلو من تعسّف. مع أنّ الحديث لا يقتصر على ذكر هذه العبارة، وإنّما وردت فيه عبارة أُخرى إلى جانب هذه العبارة، فلابدّ أن تُلحظ هي الأُخرى أيضاً عند إبداء هذا الاحتمال، وقلنا: إنّ العبارة الأُخرى لبيان أمر عملي، بخلاف العلم. مضافاً إلى أنّ التعبير: «أعلَمُكُم بِطاعَةِ اللّهِ» غير مستعمل في الحديث.
وبمراجعة الحديث في الكتب الأُخرى نجده كالتالي:
۲۵۷.۲) في فتح القدير: أَخرَجَ ابنُ جَريرٍ وَابنُ أَبي حاتَمٍ وَالحاكِمُ في التاريخ، وَابنُ مَردَوَيهِ عَن ابنِ عُمَرَ قالَ: تَلا رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله هَذِهِ الآيةَ:« لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً »، فَقالَ: ما معنى ذَلِكَ يا رَسولَ اللّهِ؟ قالَ: ليَبلوَكُم أَيُّكُم أَحسَنُ عَقلاً. ثُمَّ قالَ: وَأَحسَنُكُم عَقلاً أَورَعُكُم عَن مَحارِمِ اللّهِ وَأَعمَلُكُم بِطاعَةِ اللّهِ . ۱
والحديث واحد بلا ريب؛ فراويه واحد وهو ابن عمر، والمصادر الرئيسية له واحدة وهي كتب: ابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وابن مردويه.
النموذج الثاني:
۲۵۸.۱) في تاريخ مدينة دمشق: وَالحِرز، عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَليِّ بنِ الحُسَينِ، عَن أَبيهِ، عَن جَدِّهِ، عَن عَليِّ بنِ أَبي طالِبٍ، وَإِنَّ هَذا الحِرزَ كانَ الأَنبياءُ يَتَحَرَّزُ بِهِ مِنَ الفَراعِنَةِ: بِسمِ اللّهِ الرَّحمَنِ الرَّحيم « قَالَ اخْسَـئواْ فِيهَا وَ لَا تُكَلِّمُونِ »۲« إِنِّى أَعُوذُ بِالرَّحْمَـنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا »۳ ، أَخَذتُ بِسَمعِ اللّهِ وَبِنَصرِهِ وَقُوَّتِهِ عَلى أَسماعِكُم وَأَبصارِكُم وَقوَّتِكُم، يا مَعشَرَ الجِنِّ