193
التّصحيف في متن الحديث

حَديثٍ يَقولُ في آخِرِهِ: تَسبيحُ فاطِمَةَ مِن ذِكرِ اللّه‏ِ الكَثيرِ الَّذي قالَ اللّه‏ُ عَزَّ وَجَلَّ: «فَاذْكُرُونِى أَذْكُرْكُمْ » 1 . 2

فالمطلوب هو بيان فضل تسبيح فاطمة الزهراء وذلك باعتباره ذكراً كثيراً، والذكر الكثير أمر ممدوح في القرآن الكريم في قوله تعالى: « فَاذْكُرُونِى أَذْكُرْكُمْ » . مع أنّ الآية لا دلالة فيها على كثرة الذكر، وبالتالي فلا تصلح دليلاً على أنّ تسبيح فاطمة من الذكر الكثير.
فهذا النحو من الاستدلال لا ينسجم مع كلام أهل البيت عليهم ‏السلام ، وهو أحد الأُمور المنبّهة على عدم الدقّة في النقل أو وقوع التصحيف في الحديث، فلابدّ من مراجعته في المصادر الأُخرى، وعند مراجعته فيها نجده في كتاب الكافي كالتالي:

۲۶۸.۲) مُحَمَّدُ بنُ يَحيى، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عيسى، عَن عَليِّ بنِ الحَكَمِ، عَن سَيفِ بنِ عَميرَةَ، عَن بَكرِ بنِ أَبي بَكرٍ، عَن زُرارَةَ بنِ أَعيَنَ، عَن أَبي عَبدِ اللّه‏ِ عليه ‏السلام قالَ: تَسبيحُ فاطِمَةَ الزَّهراءِ عليهاالسلام مِنَ الذِّكرِ الكَثيرِ الَّذي قالَ اللّه‏ُ عَزَّ وَجَلَّ: « اذْكُرُواْ اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا »۳ . ۴

فقوله تعالى: « اذْكُرُواْ اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا » يصلح دليلاً على فضل تسبيح فاطمة ، باعتباره من الذكر الكثير، والذكر الكثير مأمور به في الآية المذكورة، وبهذا ينسجم التعليل مع المعلل.
إن قيل: هاتان روايتان؛ إحداهما رواية محمّد بن مسلم، والأُخرى رواية زرارة بن أعين، فكلّ منهما مستقلّة عن الأُخرى ، والثانية لا تدلّ على وقوع التصحيف في الأُولى.

1.البقرة: ۱۵۲.

2.وسائل الشيعة: ج ۶ ص ۴۴۲ ح ۸۳۹۳، معاني الأخبار: ص ۱۹۳ ح ۵.

3.الأحزاب: ۴۱.

4.الكافي: ج ۲ ص ۵۰۰ ح ۴.


التّصحيف في متن الحديث
192

والإبلاء بمعنى الإنعام، قال ابن منظور في بيان هذه الكلمة:
يقال: أَبلاه اللّه‏ يُبليه إبلاءً حسناً إِذا صنع بِهِ صُنعاً جميلاً. قال ابن بري: والبَلاء الإِنعام؛ قال اللّه‏ تعالى: « وَ ءَاتَيْنَـهُم مِّنَ الْايَـتِ مَا فِيهِ بَلَـؤٌاْ مُّبِينٌ » ؛ أَي إنعام بَيِّن. وفي الحديث: «مَن أُبليَ فَذَكَرَ فَقَد شَكَرَ»؛ الإِبلاء: الإِنعام والإِحسان . ۱

وبهذا تكون عبارات الدعاء متّسقة منسجمة كما لا يخفى ، ويؤيّد ذلك عدم استعمال هذا التعبير في الروايات إلّا في هذه الرواية من الكافي، ورواية في المصباح للكفعمي ۲ ، مع أنّ التعبير: «ما أبليتني» قد تكرّر ستة عشر مرّة في والكتب الحديثية ۳ . علماً أنّ الموجود في عدد من نسخ الكافي هو «ما أبليتني» ، كما أُشير إلى ذلك في هامش الطبعة المحقّقة في دار الحديث للكافي. ۴

د ـ عدم تناسب التعليل

قلنا إنّ الكلام الرصين هو ما كان منسجماً مترابطاً، ومن أبرز مصاديق الترابط والانسجام في الكلام هو انسجام التعليل مع المعلّل، فإذا لم يكن التعليل منسجماً ودالّاً على المطلوب فهو أمارة على وجود خلل في النقل أو وقوع التصحيف في الحديث، ومن نماذجه ما يلي:

النموذج الأول:

267. 1) في وسائل الشيعة: وَفي معاني الأخبار عَن مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ، عَن أَحمَدَ بنِ إِدريسَ، عَن مُحَمَّدِ بنِ أَحمَدَ بِالإِسنادِ السّابِقِ، عَن مُحَمَّدِ بنِ مُسلِمٍ في

1.لسان العرب: ج ۱۴ ص ۸۳ «بلا».

2.المصباح للكفعمي: ص ۶۴۰.

3.انظر: البلد الأمين : ص ۱۲۵ و ص ۲۳۵ ، جمال الاُسبوع : ص ۹۰ ، كامل الزيارات : ص ۲۴۳ ، المصباح للكفعمي : ص ۱۲۱ ، مصباح المتهجّد : ص ۹۲ ، و ص ۲۱۳ ، و ص ۳۳۱ ، و ص ۴۶۹ ، مستدرك الوسائل : ج ۵ ص ۳۸۲ ح ۶۱۴۹ ، بحار الأنوار : ج ۸۳ ص ۱۵۰ ح ۳۴ ، و ص ۲۴۹ ح ۱۳ ، و ج ۸۷ ص ۴۰ ح ۷ ، و ص ۱۹۱ ح ۳۰ ، و ص ۳۰۴ ، و ج ۹۸ ص ۱۸۹ ح ۳۰.

4.الكافي (تحقيق دار الحديث): ج ۴ ص ۴۳۸ ح ۳۳۰۱.

  • نام منبع :
    التّصحيف في متن الحديث
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث، للطباعة و النشر
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1432 ق / 1390 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
    شمارگان :
    1000
    قیمت :
    45000 ریال
تعداد بازدید : 251927
صفحه از 277
پرینت  ارسال به