195
التّصحيف في متن الحديث

نصّ الحديث. وعند مراجعته في الكتب الأُخرى نجده كالتالي:

۲۷۱.۲) في بحار الأنوار: وَفي المجمع قالَ أَميرُ المُؤمِنينَ: إِنَّ أَولى النّاسِ بِالأَنبياءِ أعمَلُهُم بِما جاؤوا بِهِ . ۱

فالمعيار المذكور في كلام الإمام هنا هو التبعية والعمل بما جاء به الأنبياء، وهو موافق للمعيار المذكور في قوله تعالى: « إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَ هِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَـذَا النَّبِىُّ وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ » ، فينسجم صدر الرواية مع ذيلها.
وليعلم أنّ هذا المثال يناسب العنوانين فقدان التناسب صدرا وذيلاً و«عدم انسجام الحديث مع الاستعمال القرآني» أيضاً.

ه ـ عدم دلالته على المطلوب

قلنا سابقاً إنّ كلام المعصوم رصين متين، متناسق الأجزاء، فإذا وجدنا في شيء من النصوص الشريفة كلاماً على خلاف ذلك ، بأن كان الإمام في مقام الدعاء والتضرّع مثلاً ـ وهو يقتضي إظهار الذلّة والمسكنة ـ وأظهر خلاف ذلك، فهو ممّا يثير الشكّ جدّاً في وقوع التصحيف، ومن نماذجه ما يلي:

النموذج:

۲۷۲.۱) في السنن الكبرى: الفقيه، أَنبَأَنا أَبو مُحَمَّدِ بنِ حَيّانَ الأَصبَهانيِّ، حَدَّثَنا إِبراهيمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ، قالا: حَدَّثَنا هاشِمُ بنُ القاسِمِ، حَدَّثَنا يَعلى، حَدَّثَنا عَبدُ اللّه‏ِ بنِ جَرأدٍ، أَنَّ النَّبيَّ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله كانَ إِذا استَسقى قالَ: اللَّهُمَّ اسقِنا غَيثاً مُغيثاً مَريّاً، تُوَسِّعُ بِهِ لِعِبادِكَ، تَغرِزُ بِهِ الضَّرعَ وَتُحيي بِهِ الزَّرعَ . ۲

ومعنى «غرز الضرع» هو: قلّ لبنه، فكتب ابن منظور في هذا المجال قائلاً:
الغارِزُ من النوق: القليلةُ اللبن. وغَرَزَتِ الناقَةُ تَغرُزُ غِرازاً وهي غارِزٌ من إِبل غُرَّزٍ: قلّ لبنها. وغَرّزها صاحبها: ترك حلبها أو كَسَع ضَرعها بماء بارد ليذهب

1.بحار الأنوار: ج ۶۴ ص ۲۵، تنبيه الخواطر: ج ۱ ص ۲۴.

2.السنن الكبرى: ج ۳ ص ۳۵۶.


التّصحيف في متن الحديث
194

قلنا: الرواية واحدة ؛ بشهادة وحدة المضمون والعبارة، ومع ذلك فقد رواها المحدّث النوري عن محمّد بن مسلم أيضاً بمتنٍ خالٍ عن الإشكال ، وهو:

۲۶۹.۳) الشَّيخُ شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفيُّ في تأويل الآيات، عَن تَفسيرِ الثِّقَةِ مُحَمَّدِ بنِ العَبّاسِ الماهيارِ، عَن أَحمَدَ بنِ هَوذَةَ الباهِليِّ، عَن إِبراهيمَ بنِ إِسحاقَ النَّهاوَنديِّ، عَن عَبدِ اللّه‏ِ بنِ حَمّادٍ، عَن مُحَمَّدِ بنِ مُسلِمٍ قالَ: سَمِعتُ أَبا جَعفَرٍ عليه ‏السلام يَقولُ: تَسبيحُ فاطِمَةَ مِن ذِكرِ اللّه‏ِ الكَثيرِ الَّذي قالَ اللّه‏ُ عَزَّ وَجَلَّ: « اذْكُرُواْ اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا » . ۱

النموذج الثاني:

۲۷۰.۱) في نهج البلاغة: إِنَّ أَولى النّاسِ بِالأَنبياءِ أَعلَمُهُم بِما جاؤوا بِهِ، ثُمَّ تَلا عليه ‏السلام : «إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَ هِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَـذَا النَّبِىُّ وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ » الآيَةَ . ۲

فالإمام عليه ‏السلام في مقام بيان أفضل الأفراد، والذين هم أولى الناس بالأنبياء عليهم ‏السلام ، وقد ذكر لنا معياراً لمعرفتهم فقال: «إِنَّ أَولى النّاسِ بِالأَنبياءِ أَعلَمُهُم بِما جاؤوا بِهِ»، وهذا المعيار والمقياس الذي من خلاله نعرف أفضل الناس وأولاهم بالأنبياء هو «العلم بما جاء به الأنبياء»، فمن كان أعلم من غيره بما جاء به الأنبياء فهو أولى من غيره.
ثمّ استدلّ الإمام لما ذكره بآيةٍ هي قوله تعالى: « إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَ هِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَـذَا النَّبِىُّ وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ » ، والمعيار المذكور فيها للفضل والأولوية هو التبعية، لا العلم؛ حيث دلّت على أنّ أولى الناس بإبراهيم هم الذين اتّبعوه. وعلى هذا فالمعيار المذكور في صدر الحديث يختلف عن المعيار المذكور في ذيل الحديث والذي هو مفاد الآية الكريمة، وهذا ما يثير احتمال وقوع التصحيف في

1.مستدرك الوسائل: ج ۵ ص ۳۶ ح ۵۳۰۵.

2.نهج البلاغة: الحكمة ۹۶، شرح نهج البلاغة: ج ۱۸ ص ۲۵۲، بحار الأنوار: ج ۱ ص ۱۸۳ ح ۷۹، تأويل الآيات الظاهرة: ص ۱۱۹، غرر الحكم: ۳۰۵۶.

  • نام منبع :
    التّصحيف في متن الحديث
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث، للطباعة و النشر
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1432 ق / 1390 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
    شمارگان :
    1000
    قیمت :
    45000 ریال
تعداد بازدید : 251912
صفحه از 277
پرینت  ارسال به