197
التّصحيف في متن الحديث

الأثر المذكور لمضادّه أو كان في العبارتين المتقابلتين خلل بحيث لا تكون إحداهما مقابلة للاُخرى ، كان احتمال التصحيف قوياً، وإليك أمثلة ذلك:

النموذج الأوّل:

۲۷۴.۱) في كتاب التمحيص: عَن سُفيانَ بنِ السَّمطِ، عَن أَبي عَبدِ اللّه‏ِ عليه ‏السلام : إِنَّ اللّه‏َ إِذا أَحَبَّ عَبداً ابتَلاهُ وتَعَهَّدَهُ بِالبَلاءِ، كَما يَتَعَهَّدُ المَريضَ أَهلُهُ بِالطُّرَفِ ۱ ، ووَكَّلَ بِهِ مَلَكَينِ فَقالَ لَهُما: أَسقِما بَدَنَهُ، وضَيِّقا مَعيشَتَهُ، وعَوِّقا عَلَيهِ مَطلَبَهُ، حَتّى يَدعوَني؛ فَإِنّي أُحِبُّ صَوتَهُ، فَإِذا دَعا، قالَ: اُكتُبا لِعَبدي ثَوابَ ما سَأَلَني، فَضاعِفاهُ لَهُ حَتّى يَأتيَني وما عِندي خَيرٌ لَهُ. وإِذا أَبغَضَ عَبداً وَكَّلَ بِهِ مَلَكَينِ فَقالَ: أَصِحّا بَدَنَهُ، ووَسِّعا عَلَيهِ في رِزقِهِ، وسَهِّلا لَهُ مَطلَبَهُ، وأَنسياهُ ذِكري؛ فَإِنّي أُبغِضُ صَوتَهُ، حَتّى يَأتيَني وما عِندي شَيءٌ لَهُ . ۲

فقد تعرّض الحديث لطائفتين من الناس؛ من يحبّه اللّه‏، ومن يبغضه اللّه‏، وذكر في جزاء الذي يحبّه: «حَتّى يَأتيَني وما عِندي خَيرٌ لَهُ»، وفي قبال ذلك ذكر في جزاء الذي يبغضه: «حَتّى يَأتيَني وما عِندي شَيءٌ لَهُ»، مع أنّ كلمة «شيء» ليست ضدّاً لكلمة «خير»، وإنّما الذي يضادّ الخير هو الشرّ، فهو مثار للشكّ في صحّة النسخة، وبعد مراجعة الحديث في المصادر الأُخرى نجده كالتالي:

۲۷۵.۲) في بحار الأنوار: عَن سُفيانَ بنِ السَّمطِ، عَن أَبي عَبدِ اللّه‏ِ عليه ‏السلام : إِنَّ اللّه‏َ إِذا أَحَبَّ عَبداً ابتَلاهُ وتَعَهَّدَهُ بِالبَلاءِ، كَما يَتَعَهَّدُ المَريضَ أَهلُهُ بِالطُّرَفِ، ووَكَّلَ بِهِ مَلَكَينِ فَقالَ لَهُما: أَسقِما بَدَنَهُ، وضَيِّقا مَعيشَتَهُ، وعَوِّقا عَلَيهِ مَطلَبَهُ حَتّى يَدعوَني؛ فَإِنّي أُحِبُّ صَوتَهُ، فَإِذا دَعا قالَ: اُكتُبا لِعَبدي ثَوابَ ما سَأَلَني، وَضاعِفا لَهُ حَتّى يَأتيَني وما عِندي خَيرٌ لَهُ. فَإِذا أَبغَضَ عَبداً وَكَّلَ بِهِ مَلَكَينِ فَقالَ: أَصِحّا بَدَنَهُ، ووَسِّعا عَلَيهِ في رِزقِهِ، وسَهِّلا لَهُ مَطلَبَهُ، وأَنسياهُ

1.الطُّرَف: جمع طُرفة؛ وهو ما يُستطرف أي يُستملَح (المصباح المنير: ص ۳۷۱، «طرف» ) .

2.التمحيص: ص ۵۵ ح ۱۱۱.


التّصحيف في متن الحديث
196

لبنها وينقطع، وقيل: التّغريز أن تَدَعَ حَلبَةً بين حلبتين وذلك إذا أدبر لبن الناقة . ۱
و لا شك أنّه خلاف مقتضى الحال؛ فمقام الاستسقاء والدعاء لإنزال المطر يقتضي الدعاء بكثرة ألبان الحيوانات لا قلّتها، ومن هنا يُثار الشكّ في وقوع التصحيف في متن الدعاء، وبمراجعته في المصادر الأُخرى نجده كالتالي:

۲۷۳.۲) في عمدة القاري: وَمِنها: حَديثُ عَبدِ اللّه‏ِ بنِ جَرادٍ رَواهُ البَيهَقيُّ في سُنَنِهِ مِن روايَةِ يَعلى، قالَ: حَدَّثَنا عَبدُ اللّه‏ِ بنُ جَرادٍ أَنَّ النَّبيَّ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله كانَ إِذا استَسقى قالَ: اللَّهُمَّ غَيثاً مُغيثاً مَريئاً، تُوَسِّعُ بِهِ لِعِبادِكَ، تَغزِرُ بِهِ الضَّرعَ وَتُحيي بِهِ الزَّرعَ . ۲

وهو متن منسجم ومناسب لمقتضى الحال؛ حيث إنّ معنى الغزر هو الكثرة، فكتب الخليل في هذا المجال قائلاً: «غزرت الناقة والشاة تغزر غزارة فهي غزيرة: كثيرة اللبن» . ۳
وكتب ابن منظور قائلاً:
الغَزارةُ: الكثرة، وَقَد غَزُرَ الشيء، بالضمّ، يَغزُر، فهو غَزيرٌ. ابن سيده: الغَزيرُ الكثير من كلّ شيء. وأَرض مغزورةٌ: أصابها مطرٌ غَزيرُ الدَّرِّ. والغزيرة من الإِبل والشاء وغيرهما من ذوات اللبن: الكثيرةُ الدَّرِّ . ۴

و ـ التقابل بين فقرات الحديث

تعرّضت طائفة من الأحاديث إلى أُمور متضادّة، فذكرت مدح قسم وذمّ آخر، أو جزاء فعل وجزاء ما يعاكسه، وهكذا. فإذا كان الأثر المذكور لأحدهما لا يقابل

1.لسان العرب: ج ۵ ص ۳۸۷ «غرز».

2.عمدة القاري: ج ۷ ص ۳۶.

3.ترتيب كتاب العين: ص ۶۰۴ «غزر».

4.لسان العرب: ج ۵ ص ۲۲ «غزر».

  • نام منبع :
    التّصحيف في متن الحديث
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث، للطباعة و النشر
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1432 ق / 1390 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
    شمارگان :
    1000
    قیمت :
    45000 ریال
تعداد بازدید : 251908
صفحه از 277
پرینت  ارسال به