صحّفه فتصحّف؛ أي غيّره فتغيّر حتّى التبس. ۱
وعليه فالتصحيف: تغيير اللفظ خطأً حتّى يتغيّر المعنى المراد كما صرّح به الفيومي، أو قراءة المتن وروايته على غير ما هو؛ لاشتباه حروفه، كما صرّح به الراغب الإصفهاني. ولا فرق في التصحيف بين أسبابه ومناشئه، فيطلق على الخطأ الحاصل بسبب السماع أو القراءة أو غيرهما. كما لا فرق فيه بين مقداره؛ فكما يقع في كلمة واحدة قد يقع في أكثر منها، كما لو زاغ بصر الناسخ من كلمة في السطر الأوّل إلى شبيهتها في السطر الثاني، فتسبّب عن سقوط بعض النصّ، فإنّ هذا النقص في المتن ناشئ عن خطأ الناسخ وتصحيفه.
ب ـ التصحيف اصطلاحاً
قال الشهيد الثاني في كتابه البداية في علم الدراية ضمن بيانه لمصطلحات علماء الحديث:
... وعاشرها: المصحّف ؛ وهذا فنّ جليل، إنّما ينهض بأعبائه الحذّاق من العلماء. والتصحيف يكون في الراوي ، كتصحيف «مراجم» بالراء المهملة والجيم أبو العوام، ب «مزاحم» بالزاي المعجمة والحاء، وتصحيف «حريز» ب «جرير»، و«بريد» ب «يزيد»، ونحو ذلك. وقد صحّف العلّامة في كتب الرجال كثيراً من الأسماء، من أراد الوقوف عليها فليطالع الخلاصة له وإيضاح الاشتباه في أسماء الرواة، وينظر ما بينهما من الاختلاف. وقد نبّه الشيخ تقي الدين بن داوود على كثير من ذلك. وفي المتن، كحديث: «من صام رمضان وأتبعه ستّاً من شوّال»، صحّفه بعضهم بالشين المعجمة، ورواه كذلك. ومتعلّقه ـ أي التصحيف ـ إمّا البصر أو السمع. والأوّل: كما ذكر من الأمثلة، متناً وإسناداً ؛ لأنّ ذلك التصحيف إنّما يعرض للبصر لتقارب الحروف، لا للسمع؛ إذ لا يلتبس عليه مثل ذلك.