21
التّصحيف في متن الحديث

والثاني: تصحيف بعضهم «عاصم الأحول» ب «واصل الأحدب»، فإنّ ذلك لا يشتبه في الكتابة على البصر، وأشباه ذلك. والتصحيف أيضاً يكون في اللفظ كما ذُكر ، وفي المعنى، كما حُكي عن أبي موسى محمّد بن المثنّى العنَزي، أنّه قال: «نحن قوم لنا شرف، نحن من عَنَزَة، صلّى إلينا رسول اللّه‏ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله » ؛ يريد بذلك ما روي أنّه صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله صلّى إلى عَنَزَة؛ وهي حربة تُنصب بين يديه؛ سترة، فتوهّم أنّه صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله صلّى إلى قبيلتهم بني عَنَزَة، وهو تصحيف معنوي عجيب. ۱
وكتب علي أكبر الغفاري في هذا المجال قائلاً:
المصحّف: هو ما غُيّر بعض سنده أو متنه بما يشابهه أو يقرب منه. فمن الأوّل ـ وهو تصحيف السند ـ : تصحيف «بريد»، ب «يزيد» وتصحيف «حريز»، ب «جرير»، ونحو ذلك. ومن الثانيـ أعني تصحيف المتن ـ : تصحيف «ستّاً» اسم عدد بكلمة «شيئاً»، في حديث «من صام رمضان وأتبعه شيئاً من شوّال»، وكذا تصحيف «خزف» ب «خرق»، وتصحيف «احتجر» بمعنى اتّخذ حجرة من حصير أو نحوه يصلّي عليها، في حديث «أنّ النبي صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله احتجر بالمسجد» ، ب «احتجم»، ونحو ذلك من التصحيفات. ثمّ إنّ متعلّق التصحيف إمّا البصر أو السمع. والأوّل مثل ما ذُكر من أمثلة تصحيف السند والمتن ، حيث إنّ ذلك التصحيف إنّما يعرض للبصر ؛ لتقارب الحروف، لا للسمع ، إذ لا يلتبس عليه مثل ذلك. والثاني: بأن يكون الاسم واللقب أو الاسم واسم الأب على وزن اسم آخر ولقبه، أو اسم آخر واسم أبيه، والحروف مختلفة شكلاً ونقطاً ، فيشتبه ذلك على السامع ، مثل تصحيف بعضهم «عاصم الأحول» ب «واصل الأحدب»، و«خالد بن علقمة» ب «مالك بن عرفطة»، فإنّ ذلك لا يشتبه في الكتابة على البصر، وكذا إِذا

1.البداية في علم الدراية: ص ۸۱، وانظر أيضاً: تدريب الراوي: ج ۲ ص ۱۹۳، مقباس الهداية: ج ۱ ص ۲۳۹، مستدركات مقباس الهداية: ج ۵ ص ۲۲۶.


التّصحيف في متن الحديث
20

صحّفه فتصحّف؛ أي غيّره فتغيّر حتّى التبس. ۱
وعليه فالتصحيف: تغيير اللفظ خطأً حتّى يتغيّر المعنى المراد كما صرّح به الفيومي، أو قراءة المتن وروايته على غير ما هو؛ لاشتباه حروفه، كما صرّح به الراغب الإصفهاني. ولا فرق في التصحيف بين أسبابه ومناشئه، فيطلق على الخطأ الحاصل بسبب السماع أو القراءة أو غيرهما. كما لا فرق فيه بين مقداره؛ فكما يقع في كلمة واحدة قد يقع في أكثر منها، كما لو زاغ بصر الناسخ من كلمة في السطر الأوّل إلى شبيهتها في السطر الثاني، فتسبّب عن سقوط بعض النصّ، فإنّ هذا النقص في المتن ناشئ عن خطأ الناسخ وتصحيفه.

ب ـ التصحيف اصطلاحاً

قال الشهيد الثاني في كتابه البداية في علم الدراية ضمن بيانه لمصطلحات علماء الحديث:
... وعاشرها: المصحّف ؛ وهذا فنّ جليل، إنّما ينهض بأعبائه الحذّاق من العلماء. والتصحيف يكون في الراوي ، كتصحيف «مراجم» بالراء المهملة والجيم أبو العوام، ب «مزاحم» بالزاي المعجمة والحاء، وتصحيف «حريز» ب «جرير»، و«بريد» ب «يزيد»، ونحو ذلك. وقد صحّف العلّامة في كتب الرجال كثيراً من الأسماء، من أراد الوقوف عليها فليطالع الخلاصة له وإيضاح الاشتباه في أسماء الرواة، وينظر ما بينهما من الاختلاف. وقد نبّه الشيخ تقي الدين بن داوود على كثير من ذلك. وفي المتن، كحديث: «من صام رمضان وأتبعه ستّاً من شوّال»، صحّفه بعضهم بالشين المعجمة، ورواه كذلك. ومتعلّقه ـ أي التصحيف ـ إمّا البصر أو السمع. والأوّل: كما ذكر من الأمثلة، متناً وإسناداً ؛ لأنّ ذلك التصحيف إنّما يعرض للبصر لتقارب الحروف، لا للسمع؛ إذ لا يلتبس عليه مثل ذلك.

1.المصباح المنير: ص ۳۳۴ «صحف».

  • نام منبع :
    التّصحيف في متن الحديث
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث، للطباعة و النشر
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1432 ق / 1390 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
    شمارگان :
    1000
    قیمت :
    45000 ریال
تعداد بازدید : 253061
صفحه از 277
پرینت  ارسال به