211
التّصحيف في متن الحديث

تقديم حرف على آخر، ويؤيّد ذلك ما يلي:
1. قوله تعالى: « إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِى قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّآ أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ »۱ ، فالإيتاء والإعطاء بمعنى واحد. بل يمكن تأييده أيضاً بقوله تعالى: « وَ مَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ »۲ ؛ حيث إنّ الرزق ينسجم مع الإعطاء لا مع الطاعة، وهو مترتّب على التقوى التي هي طاعة اللّه‏ فيما أمر ونهى.
2. استعملت مشتقّات الجذر «طوع» في القرآن الكريم (129) مرّة، ولم يرد في شيء منها التعبير بطاعة اللّه‏ للإنسان، وإنّما ورد في الجميع الأمر بطاعة اللّه‏ سبحانه أو طاعة أوليائه التي هي في حقيقتها طاعة اللّه‏ أيضاً.
3. ملاحظة الروايات الواردة لبيان آثار طاعة اللّه‏ سبحانه وتعالى يؤيّد الإعطاء لا الطاعة؛ نظير الروايات التالية:

۲۹۶.في كتاب من لا يحضره الفقيه: وَقالَ رَسولُ اللّه‏ِ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله : قالَ اللّه‏ُ جَلَّ جَلالُهُ: أَيُّما عَبدٍ أَطاعَني لَم أَكِلهُ إِلى غَيري، وَأَيُّما عَبدٍ عَصاني وَكَلتُهُ إِلى نَفسِهِ، ثُمَّ لَم أُبالِ في أَيِّ وادٍ هَلَكَ . ۳

۲۹۷.وفي الفردوس: أَوحى اللّه‏ُ إِلى داوُدَ عليه ‏السلام : ... وَما مِن عَبدٍ يُطيعُني إِلّا وَأَنا مُعطيهُ قَبلَ أَن يَسأَلَني، وَمُستَجيبٌ لَهُ قَبلَ أَن يَسأَلَني، وَغافِرٌ لَهُ قَبلَ أَن يَستَغفِرَني . ۴

۲۹۸.وفي الكافي: وَقالَ: وَعَلَيكُم بِطاعَةِ رَبِّكُم ما استَطَعتُم، فَإِنَّ اللّه‏َ رَبُّكُم،

1.الأنفال: ۷۰.

2.الطلاق: ۲ و۳.

3.كتاب من لا يحضره الفقيه: ج ۴ ص ۴۰۳ ح ۵۸۶۹.

4.الفردوس: ج ۱ ص ۱۴۰ ح ۴۹۶، كنز العمّال: ج ۳ ص ۱۰۱ ح ۵۶۹۲.


التّصحيف في متن الحديث
210

فإذا توفّرت عندنا بعض القرائن ووصل الاحتمال المذكور للكلمة إلى حدّ الاطمئنان ، أمكن الأخذ به في بعض المجالات ۱ ، وأمّا إذا لم يصل لحدّ الاطمئنان فإنّ معنى الحديث يبقى في حيز الإمكان. ومن نماذج ذلك:

النموذج الأوّل:

۲۹۵.۱) في مستدرك الوسائل نقلاً عن الجعفريات: أَخبَرَنا عَبدُ اللّه‏ِ بنُ مُحَمَّدٍ قالَ: أَخبَرَنا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ قالَ: حَدَّثَني موسى بنُ إِسماعيلَ قالَ: حَدَّثَنا أَبي عَن أَبيهِ، عَن جَدِّهِ جَعفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَن أَبيهِ، عَن جَدِّهِ عَليِّ بنِ الحُسَينِ، عَن أَبيهِ، عَن عَليِّ بنِ أَبي طالِبٍ عليهم ‏السلام قالَ: قالَ رَسولُ اللّه‏ِ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله : أَطيعوا اللّه‏َ عَزَّ وَجَلَّ يُطِعكُم . ۲

حيث إنّنا بحثنا عليه في مصادر الحديث ، فلم نعثر عليه إلّا في كتاب الجعفريات، والظاهر أنّ فيه تصحيفاً؛ فإنّ الطاعة في اللغة تعني الانقياد، والانقياد إنّما ينسجم مع العبودية لا مع الربوبية، فالعبد ينقاد للربّ دون العكس، بل لا تكون الطاعة إلّا من الداني للعالي؛ قال أبو هلال العسكري في الفروق اللغوية :
الفرق بين الطاعة والإجابة، أنّ الطاعة تكون من الأدنى للأعلى؛ لأنّها في موافقة الإرادة الواقعة موقع المسألة، ولا تكون إجابة إلّا بأن تفعل لموافقة الدعاء بالأمر ومن أجله . ۳
وإن أُريد بالطاعة معنىً مجازياً نظير إعطاء العبد ما يريد، فالمناسب التعبير بلفظ آخر، نظير «يؤتكم» أو «يتفضّل عليكم» أو «يُجِبكم»، أو نظائرها، والصحيح في هذه الرواية ـ على ما يبدو ـ هو: «يُعطِكُم» بدل «يُطِعكُم»، وسبب هذا التصحيف هو

1.هذا الأُسلوب مقبول في المجالات الأخلاقية، وأمّا في مجال العقائد والفقه فلا بدّ من وصوله إلى مرتبة الحجّية، وإلّا فلا يمكن الاستناد إليه.

2.مستدرك الوسائل: ج ۵ ص ۲۶۷ ح ۵۸۳۹ نقلاً عن الجعفريات، الجعفريات: ص ۲۱۵.

3.معجم الفروق اللغوية: ص ۳۳۵ الرقم ۱۳۳۰.

  • نام منبع :
    التّصحيف في متن الحديث
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث، للطباعة و النشر
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1432 ق / 1390 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
    شمارگان :
    1000
    قیمت :
    45000 ریال
تعداد بازدید : 251868
صفحه از 277
پرینت  ارسال به