23
التّصحيف في متن الحديث

يعبده على السرّاء دون الضرّاء. وحَرَفَ عن الشيء يَحرِفُ حَرفاً وانحَرَفَ وتَحَرَّفَ واحرَورَفَ: عَدَلَ. (الأَزهري). وإِذا مالَ الإِنسان عن شيء يقال: تَحَرَّفَ وانحرَفَ واحرَورَفَ. وتَحريفُ الكَلِم عن مواضعه: تغييره. والتحريف في القرآن والكلمة: تغيير الحرف عن معناه والكلمة عن معناها وهي قريبة الشبه ، كما كانت اليهود تغيّر معاني التوراة بالأشباه، فوصفهم اللّه‏ بفعلهم ، فقال تعالى: « يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ » . ۱
هذا بلحاظ اللغة، وأمّا في الاصطلاح فاختلفوا في معناه؛ فعدّه البعض والتصحيف بمعنى واحد ۲ . وفي قبال ذلك يرى جماعة اختلاف معناهما، على الأنحاء التالية:
1. أن يكون التحريف أعمّ من التصحيف.
2. التحريف هو ما كان بتغيير حرف بكامله مع حرف آخر، والتصحيف ما لم يكن كذلك.
3. التصحيف ما كان بتبديل الكلمة بكلمة أُخرى تشابهها في الخطّ وتخالفها في النقط، والتحريف ماكان بتبديل الكلمة بكلمة أُخرى تشابهها في الخطّ والنقط، وتخالفها في الحركات.
ولهذا الاختلاف في معنى العنوانين المذكورين كتب محقّق كتاب تصحيفات المحدّثين في مقدّمة تحقيقه قائلاً :
التحريف: هو العدول بالشيء عن جهته، وحرّف الكلام تحريفاً: عدل به عن جهته، وهو قد يكون بالزيادة فيه، والنقص منه، وقد يكون بتبديل

1.لسان العرب: ج ۹ ص ۴۱ «حرف»، وانظر: مجمع البحرين: ج ۱ ص ۳۸۷ «حرف».

2.انظر مقال: «تصحيف وتحريف» للسيّد محمّد جواد الشبيري والمطبوع في كتاب: دانشنامه جهان إسلام (موسوعة العالم الإسلامي): ج ۷ ص ۳۵۳ ـ ۳۶۰.


التّصحيف في متن الحديث
22

كانت كلمة في المتن على وزن كلمة أُخرى متقاربة الحروف نطقاً مع الاختلاف شكلاً في الكتاب. ثمّ إنّ جمعاً منهم قسّموا التصحيف تقسيماً آخر، فقالوا: إنّه قد يكون في اللفظ ، نحو ما مرّ، وقد يكون في المعنى ، كما حُكي عن أَبي موسى محمّد بن المثنّى العنزي الملقّب بالزمن، أنّه قال: «نحن قوم لنا شرف، نحن من عنزة، صلّى إلينا رسول اللّه‏ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله » ؛ يريد بذلك ما روي من «أنّه صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله صلّى إلى عَنَزَة»؛ وهي الحربة تُنصب بين يديه سترة، فتوهّم أنّه صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله صلّى إلى قبيلتهم بني عنزة، أو إلى قريتهم المسمّاة بعنزة الموجودة الآن، وهو تصحيف معنوي عجيب. وأعجب منه ما حكاه الحاكم من علماء العامّة عن أعرابي أنّه زعم أنّه صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله صلّى إلى «شاة»، صحّفها عن «عنزة»، ثمّ رواه بالمعنى على وهمه، فأخطأ من وجهين. ۱

2. الفرق بين التصحيف والتحريف

لبيان الفرق بين التصحيف والتحريف لابدّ من بيان معناهما أوّلاً ؛ ليتّضح الفرق بينهما بجلاء. وبما أنّنا أوضحنا معنى التصحيف لغةً واصطلاحاً ، فلا نعيد الكلام فيه، بل نكتفي ببيان معنى التحريف ، فنقول: كتب ابن منظور في بيانه لمعاني مشتقّات الجذر «حرف» قائلاً:
الحَرفُ في الأَصل: الطَّرَفُ والجانِبُ، وبه سُمّي الحَرفُ من حروف الهِجاء. وفلان على حَرف من أمره أي ناحيةٍ منه ، كأنّه ينتظر ويتوقّع، فإن رأى من ناحية ما يُحبّ وإلّا مال إلى غيرها. وفي التنزيل العزيز: « وَ مِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ » ؛ أَي إِذا لم يرَ ما يحبّ انقلب على وجهه، قيل: هو أن

1.دراسات في علم الدراية: ص ۴۲.

  • نام منبع :
    التّصحيف في متن الحديث
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث، للطباعة و النشر
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1432 ق / 1390 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
    شمارگان :
    1000
    قیمت :
    45000 ریال
تعداد بازدید : 253001
صفحه از 277
پرینت  ارسال به