229
التّصحيف في متن الحديث

النحلة وبين المؤمن، ولم يذكر وجه الشبه بين النخلة وبين المؤمن، وهو مشعر بترجيحه لهذه النسخة كما لا يخفى.

و ـ ما ينسجم مع التعليل

من جملة الأُمور التي يمكننا من خلالها معرفة النسخة الصحيحة من النسختين هي ملاحظة التناسب والانسجام الموجود بين التعليل ـ أو ما يؤدّى مؤدّاه ـ مع المعلّل، فإنّ الروايات الشريفة أوضحت بعض القضايا من خلال بيان العلّة والسبب، والعلّة أو السبب لابدّ أن يكون مناسباً للمعلول والمسبّب، فإذا لم يكن مناسباً له فهو كاشف عن وجود خلل في نسخة الحديث، وإذا كان التعليل منسجماً ومستقيماً في إحدى النسختين دون الأُخرى ، عرفنا من خلال ذلك أنّ النسخة المستقيمة هي النسخة الصحيحة؛ لأنّ كلام النبي صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله وأهل بيته عليهم ‏السلام في غاية الانسجام والدقّة، ولإيضاح ذلك انظر النموذج التالي:

النموذج:

۳۳۰.۱) في كتاب من لا يحضره الفقيه: وَعَزّى الصّادِقُ عليه ‏السلام رَجُلاً بِابنٍ لَهُ، فَقالَ لَهُ عليه ‏السلام : اللّه‏ُ خَيرٌ لِابنِكَ مِنكَ، وَثَوابُ اللّه‏ِ خَيرٌ لَكَ مِنهُ. فَبَلَغَهُ جَزَعُهُ بَعدَ ذَلِكَ، فَعادَ إِلَيهِ فَقالَ لَهُ: قَد ماتَ رَسولُ اللّه‏ِ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله ، أَفَما لَكَ بِهِ أُسوَةٌ؟ فَقالَ لَهُ: إِنَّهُ كانَ مُراهِقاً، فَقالَ لَهُ: إِنَّ أَمامَهُ ثَلاثَ خِصالٍ: شَهادَةَ أَن لا إِلَهَ إلّا اللّه‏ُ، وَرَحمَةَ اللّه‏ِ، وَشَفاعَةَ رَسولِ اللّه‏ِ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله ، فَلَن تَفوتَهُ واحِدَةٌ مِنهُنَّ إِن شاءَ اللّه‏ُ عَزَّ وَجَلَّ . ۱

۳۳۱.۲) وفي الكافي وتهذيب الأحكام: مُحَمَّدُ بنُ يَحيى، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ، عَن عَليِّ بنِ الحَكَمِ، عَن رِفاعَةَ النَّخّاسِ، عَن رَجُلٍ، عَن أَبي عَبدِ اللّه‏ِ عليه ‏السلام قالَ: عَزّى أَبو عَبدِ اللّه‏ِ عليه ‏السلام رَجُلاً بِابنٍ لَهُ فَقالَ: اللّه‏ُ خَيرٌ لِابنِكَ مِنكَ، وَثَوابُ اللّه‏ِ خَيرٌ لَكَ مِنِ ابنِكَ. فَلَمّا بَلَغَهُ جَزَعُهُ بَعدُ، عادَ إِلَيهِ فَقالَ لَهُ: قَد ماتَ رَسولُ اللّه‏ِ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله ، فَما لَكَ بِهِ أُسوَةٌ؟ فَقالَ: إِنَّهُ كانَ مُرَهَّقاً، فَقالَ: إِنَّ أَمامَهُ ثَلاثَ خِصالٍ:

1.كتاب من لا يحضره الفقيه: ج ۱ ص ۱۷۴ ح ۵۰۸، وسائل الشيعة: ج ۳ ص ۲۱۷ ح ۳۴۴۹ نقلاً عن الكافي.


التّصحيف في متن الحديث
228

النموذج الرابع:

۳۲۸.۱) روي عن رسول اللّه‏ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله : مَثَلُ المُؤمِنِ كَمَثَلِ النَّحلَةِ، لا يَأكُلُ إلّا طَيِّباً، ولا يَضَعُ إلّا طَيِّباً . ۱

۳۲۹.۲) وروي عن رسول اللّه‏ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله : إِنَّ مَثَلَ المُؤمِنِ لَكَمَثَلِ النَّخلةِ، أَكَلَت طَيِّباً، ووَضَعَت طَيِّباً . ۲

فإنّ مقتضى قوله: «لا يأكُلُ إلّا طَيِّباً ولا يَضَعُ إلّا طَيِّباً» هو أنّ الكلمة السابقة هي «النحلة»، لا «النخلة»؛ لأنّ التعبير بالأكل لا يصدق على الأشجار ، بخلاف الحيوانات والحشرات. وكذلك التعبير بقوله: «ووَضَعَت طَيِّباً»؛ فإنّ الوضع يصدق على من يحمل الحمل في بطنه من الإنسان والحيوان، ولا يصدق على من لا يكون الحمل في بطنه كالأشجار، بل يعبّر عن حمل الأشجار بالانتاج والإثمار. ولهذا ورد في معنى الوضع وضع الحمل، ولم يرد في معانيها وضع الثمار، قال ابن منظور: «وضعت الحامل الولد تضعه وضعاً: ولدته». ۳
نعم ذكر ابن الأثير في معنى الحديث ما يلي:
المشهور في الرواية بالخاء المعجمة، وهي واحدة النخيل، وروي بالحاء المهملة؛ يريد نَحلة العسل. ووجه المشابهة بينهما: حِذق النحل وفطنته، وقلّة أذاه وحقارته ومنفعته، وقنوعه وسعيه في الليل، وتنزّهه عن الأقذار، وطيب أكله، وأنّه لا يأكل من كسب غيره، ونُحوله وطاعته لأميره... . ۴
فذكر أنّ الرواية المشهورة له هي بالخاء المعجمة، إلّا أنّه ذكر وجه الشبه بين

1.شُعب الإيمان: ج ۵ ص ۵۸ ح ۵۷۶۵، المستدرك على الصحيحين: ج ۱ ص ۱۴۷ ح ۲۵۳ نحوه وكلاهما عن عبد اللّه‏ بن عمرو بن العاص، كنز العمّال: ج ۱ ص ۱۴۷ ح ۷۲۹.

2.مسند أحمد بن حنبل: ج ۲ ص ۶۳۹ ح ۶۸۸۹، المصنّف لعَبدِ الرزّاق: ج ۱۱ ص ۴۰۵ ح ۲۰۸۵۲، المستدرك على الصحيحين: ج ۴ ص ۵۵۹ ح ۸۵۶۶ كلّها عن عبد اللّه‏ بن عمرو، المعجم الكبير: ج ۱۹ ص ۲۰۴ ح ۴۵۹ عن أبي رزين وكلاهما نحوه، بحار الأنوار: ج ۶۱ ص ۲۳۸.

3.لسان العرب: ج ۸ ص ۳۹۶ «وضع».

4.النهاية في غريب الحديث: ج ۵ ص ۲۹ «نحل».

  • نام منبع :
    التّصحيف في متن الحديث
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث، للطباعة و النشر
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1432 ق / 1390 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
    شمارگان :
    1000
    قیمت :
    45000 ریال
تعداد بازدید : 251798
صفحه از 277
پرینت  ارسال به